من الأسباب الخفية التى لم يعلن عنها فى حينها لبناء جدار الفصل العنصرى ورفض فكرة الدولة الواحدة، هو صراع الأرحام الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ورصدته أجهزة بحثية ومنظمات يهودية عن معدلات الإنجاب بين الجانبيين بما يرشح الفلسطينيين الى التفوق العددى ويجعل إسرائيل تستشعر الخطر من فكرة دولة واحدة ثنائية القومية. وسيمتلك فيها الفلسطينيين حتما القرار الأخير بسبب التفوق الفلسطينى فيما أسموه صراع الأرحام ما بين البحر والنهر"حدود فلسطين التاريخية من البحر المتوسط غربا الى نهر الإردن شرقا"، ووصفوه فى حينة بأنه نهاية دولة إسرائيل ولنفس الأسباب سارع إيريل شارون فى بناء الجدار العازل لكى لا يؤثر تفاقم العدد الفلسطينى فى الضفة الغربية على أمن الإسرائيليين الذين سيتحولوا الى أقلية فى بضع سنوات حسبما صورت له مراكز البحث اليهودية، ودائما ما يشير الساسة الإسرائيليين الى زيادة عدد الفلسطينيين داخل الخط الأخضر إلى 1.8 مليون نسمه من أصل 120 الف نسمه عام 48 حسب مركز الإحصاء الإسرائيلى، وإستخدم رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت مسمى صراع الأرحام على منصة الجمعية العامة للإمم المتحدة لتبرير الجدار العازل مشيرا إلى كثافة الإنجاب عند الأم الفلسطينية بما دفع إسرائيل لإتخاذ تدابير تحافظ فيها على الدولة، وقبل نحو عقدين -حينما كان التوازن الديمغرافي لصالح الفلسطينيين- قال الرئيس الأميركي بيل كلينتون إن لم تتعاون إسرائيل مع العالم وتصل لسلام مع الفلسطينيين، فستجد نفسها نقطة في بحر العرب والفلسطينيين، ومن خلال حرب الرَحِمَين الفلسطيني والإسرائيلي، تسعى إسرائيل لتحقيق حلم التفوق الديمغرافي على الفلسطينيين بتشجيع ودعم مشروع رفع نسبة الولادة للأسباب الأيديولوجية من خلال خطة تقوم على مبدأ "نكون أو لا نكون" في صراع البقاء، لإطالة أمد الصراع. وكتبت صحيفة "هآرتس" انه من المتوقع أن يتساوى عدد الفلسطينيين واليهود في البلاد "اسرائيل والمناطق المحتلة عام 67" في عام 2016، فيما سيبدأ عدد الفلسطينيين في العام نفسه بالارتفاع ليتجاوز عدد اليهود، وتحول الفلسطينيين في 2017 الى غالبية، حيث يتوقع وصول عددهم الى 6.6 مليون نسمة، مقابل 6.53 مليون يهودي. وحسب دائرة الاحصاء الفلسطينية يوجد 12.1 مليون فلسطيني في انحاء العالم، من بينهم 6.08 مليون في "دولة فلسطين"، منهم 2.83 مليون يعيشون في الضفة الغربية، بما في ذلك القدسالشرقية، 1.79 مليون في قطاع غزة، و1.76 مليون داخل الخط الأخضر، وان نسبة 35.4% من الفلسطينيين هم شبان دون سن 15 عاما، و4.3% فوق سن 65 عاما، ويعيش في الدول العربية 5.34 مليون فلسطيني، بينما يعيش في الدول الاخرى 650 الف فلسطيني. ويشير مركز الإحصاء الفلسطينى إلى ان 43.1% من سكان الضفة والقطاع هم لاجئون، من بينهم 38.8% يعيشون في الضفة، و61.2% في غزة. وحسب المعطيات، ايضا، فقد انخفض الاخصاب الفلسطيني بين 1997 و2013، من معدل ستة اولاد الى 4.1 ،وتصل النسبة في غزة الى 4.5 مقابل 3.7 في الضفة. اما داخل الخط الأخضر فتصل نسبة الاخصاب لدى الفلسطينيين الى 3.4 ولادات في الحد المتوسط، مقابل 3.1 لدى اليهود. وتتوقع دائرة الاحصاء ازدياد عدد الفلسطينيين في 2020 الى 7.14 مليون نسمة، مقابل 6.87 مليون يهودي، في حال استمرار نسبة الاخصاب الحالية في المجتمعين اليهودي والفلسطيني. معركة الأرحام فى القدس تخوض إسرائيل معركة خاصة لتفريغ مدينة القدس من سكانها الأصليين وخلق واقع سكاني يضمن إطالة أمد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويحض كتاب ومفكرون إسرائيليون على رفع معدل الإنجاب بوصفه السلاح الأقوى لبقاء إسرائيل في هذا المكان، تدور أحاديث كثيرة داخل إسرائيل حول ضرورة حسم الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ديمغرافيا، وذلك من خلال تفرغ العديد من الكتاب والمفكرين لإقناع الجمهور الإسرائيلي بأن أساس الصراع بينهم وبين العرب يدور حول الأرض والديمغرافية، وأن إحلال السلام بالشرق الأوسط مرتبط بحل هاتين المشكلتين. وفى مقال مطول نشرته صحيفة "هآرتس" يقول الباحث في الشئون السياسية والصراع العربي الإسرائيلي جاي بخور إن الزيادة في معدل الإنجاب على النحو الحالي ستساعد في إطالة أمد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وستفرض أمرا واقعا لأي حل مستقبلي يتعلق بالتجمعات السكانية اليهودية، واحتلت العائلة اليهودية من أصل شرقي -التي تعيش داخل المستوطنات وخاصة المقامة حول القدس- أعلى معدل إنجاب بالعالم في 2014، وهو ما يعزوه البعض لإيمانهم بضرورة التفوق العددي على المقدسيين. إنفجار حتمى بسبب الإنجاب فى دراسة لأرنون سوفير أستاذ الجغرافيا بجامعة حيفا، يرسم صورة مستقبلية للبعد الديموغرافي للصراع العربي الإسرائيلي، أبرزها ما يتعلق بالنتائج السياسية والجغرافية، فيتوقع أن تتسبب الكثافة السكانية العالية بتهور إيكولوجي "علم علاقة الأحياء بالبيئة"، يتضرر منه بشكل مباشر سكان السهل الساحلي من اليهود، مما قد يؤدي لنزوح عدد كبير منهم إلى الخارج، وقد حدث ذلك فعلا فى مدينة القدس التي تشهد نزوحاً مستمراً من السكان ذوي التوجهات العلمانية إلى مدن الساحل مع زيادة اليهود المتدينيين، وتفضي الساحة لصراع من نوع خاص بين السكان العرب الذين يتمتعون بنسب عالية في الإنجاب والزيادة السكانية وبين الحريديم المتدينون المتطرفون، فينقسم المجتمع جغرافياً إلى ثنائية قابلة للانفجار الطبقي والثقافي والديموغرافي بين مجتمع "خط الشاطئ الإسرائيلي" وهو مجتمع غربي يقوم على التكنولوجيا المتطورة ويعيش على مستوى الدخول العالية، مقابل مجتمع تقليدي قوامه المجتمع العربي في إسرائيل، بالإضافة إلى مجتمع الحريديم "المتدينين المتزمتين من الأشكيناز والسفرديم"، وهى كتلة ستعاني من الفقر والكثافة السكانية والراديكالية الدينية.