عبدالرحيم علي يهنئ المحافظين الجدد ونوابهم    عقب حلف اليمين.. أول رسالة من وزير الري بشأن سد النهضة    التشكيل الوزاري الجديد، مدبولي يعقد اليوم مؤتمرا صحفيا بالعاصمة الإدارية    نائب رئيس نيسان إفريقيا يؤكد ل«المصرى اليوم»: العميل لا يعود لمحركات الوقود بعد امتلاك سيارة كهربائية    سعر الأرز والدقيق والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الخميس 4 يوليو 2024    بسبب وجبات طعام فاسدة.. هبوط اضطراري لطائرة أمريكية    «تاتا» توقف العمل ببريطانيا    لجنة تحقيق إسرائيلية: تفجير صور عام 1982 عملية انتحارية وليس حادثا عرضيا    طائرات استطلاع تابعة للاحتلال تحلق في سماء مخيم «شعفاط» بالقدس    وزيرا خارجية السعودية وأمريكا يستعرضان هاتفيا التطورات في غزة    ملف يلا كورة.. قائمة الأهلي.. تعثر الزمالك.. وموقف بيراميدز من المنتخب الأولمبي    زيدان يكشف عن اللاعبين المنضمين لمنتخب مصر الأولمبي في رحلتهم إلى باريس    الأهلي يبحث عن انتصار جديد أمام الداخلية بالدوري    إصابة طفل وانهيار جزئي لعقار مجاور.. تفاصيل سقوط عقار بالحي القبلي في شبين الكوم    مصرع طفلين شقيقين غرقا في كفر الشيخ    طقس اليوم الخميس 4 يوليو 2024.. شديد الحرارة نهارا والعظمى 39    العثور على شاب مصاب بطلقات نارية في ظروف غامضة بقنا    عمرو أديب الزمالك «نمبر وان».. وكريم عبدالعزيز يرد: أنا اهلاوي مجنون (فيديو)    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    حظك اليوم برج الثور الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا.. احذر ضغوط العمل    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية منها علاج للضغط (تفاصيل)    ميسي مهدد بالغياب عن مباراة الأرجنتين ضد الإكوادور في كوبا أمريكا 2024    وزراء خارجية روسيا والصين ومنغوليا يناقشون التعاون في المجالات الاقتصادية    حركة تغيير في أجهزة المدن.. أول قرارات وزير الإسكان شريف الشربيني    نهال عنبر عن حالة توفيق عبد الحميد الصحية: مستقرة    "مين كبر ناو".. شيكو يحتفل بعيد ميلاده    عبدالرحيم علي يهنئ الوزراء الجدد ونوابهم بثقة القيادة السياسية    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدة عقربا وتداهم منازل في سبسطية    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    خبراء ل قصواء الخلالي: السير الذاتية لأغلبية الوزراء الجدد متميزة وأمر نفخر به    حدث ليلًا| موعد إجازة رأس السنة الهجرية وحالة طقس الخميس    ملف رياضة مصراوي.. تعادل الزمالك.. قائمة الأهلي لمواجهة الداخلية.. وتصريحات وزير الرياضة    أفعال مستحبة في ليلة رأس السنة الهجرية    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    الكويت تعلن اعتقال مواطنين بتهمة الانضمام لتنظيم محظور    أبرز مشروعات وزير البترول الجديد بالقطاع الحكومي.. تعرف عليها    نجم الزمالك السابق: هناك عناد من الأهلي وبيراميدز ضد المنتخب الأولمبي    إجراء تحليل مخدرات لسائق ميكروباص تسبب في سقوط 14 راكبا بترعة بالصف    رئيس مجلس الوزراء يعلن موعد إجازة رأس السنة الهجرية    «مستقبل وطن»: تشكيل الحكومة الجديدة متناغم وقادر على إجادة التعامل مع التحديات    تونس وفرنسا تبحثان الآفاق الاستثمارية لقطاع صناعة مكونات السيارات    أستاذ استثمار عن التغيير الوزاري: ليس كل من رحل عن منصبه مقصر أو سيئ    عمرو خليل: اختيار الوزراء في الحكومة الجديدة على أساس الكفاءات والقدرة    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    والدة شاب تعدى عليه بلطجي بالمرج تكشف تفاصيل الحادث    فحص نشاطها الإجرامي.. ليلة سقوط «وردة الوراق» ب كليو «آيس»    مصرع طفل غرقا داخل نهر النيل بقنا    أول تصريح لمحافظ الأقصر الجديد: نعزم على حل المشكلات التى تواجه المواطنين    أدعية رأس السنة الهجرية.. يجعلها بداية الفرح ونهاية لكل همومك    هاني سعيد: بيراميدز لم يعترض على طلبات المنتخب الأولمبي.. وهذا موقفنا النهائي    وزير الزراعة الجديد: سنستمكل ما حققته الدولة وسأعمل على عودة الإرشاد الزراعي    إحالة طبيب وتمريض وحدتي رعاية أولية بشمال سيناء للتحقيق بسبب الغياب عن العمل    أهم تكليفات الرئيس لوزير الصحة خالد عبد الغفار.. الاستثمار في بناء الإنسان المصري    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس التونسي المنصف المرزوقي‏:‏
أدعو لهدنة سياسية واجتماعية‏ .. والوضع المصرى بالغ التعقيد

طبيب بدرجة مفكر‏,‏ وأستاذ جامعي بدرجة مثقف‏,‏ وفيلسوف بصلاحيات رئيس دولة‏,‏ ومعارض يحمل لقب ثوري من طراز نادروفريد‏,نضاله كان مثاليا وكفاحه كان نموذجيا, وأفكاره تتسم بالوسطية.. حوصر في رزقه ومعاشه وتم تهجيره بطريقة غير آدمية ليقضي ثلث عمره في صقيع أوروبا, ليعود إلي بلاده ثانيا ليصل إلي قبة البرلمان, وحينما فكر في الترشح لرئاسة الجمهورية تم الدفع به في ظلام السجون, توسط الزعيم انيلسون مانديلاب لإطلاق سراحه فدخل السياسة من بابها الكبير وأصبح المعارض الشرس الذي ظل يصارع نظام ابن عليب حتي تمكن في النهاية من التخلص منه عبر ثورة شعبية لم ينتظرها أحد سواه.
المنصف المرزوقيب هو أول رئيس لجمهورية عربية حرة, وهو أول رئيس منتخب للدولة التونسية بعد استقلالها, إلتقيته في حوار مطول في مكتبه ابقصر قرطاج الرئاسيب.. وإلي تفاصيل الحوار:
تدخل تونس الآن مرحلة الزوابع والعواصف والمهمة تزداد صعوبة يوما بعد يوم, فالأزمة التي أطاحت بالرئيس السابق تتعمق, خاصة علي المستويين الاقتصادي والاجتماعي.. هل يكفي فقط إرساء النظام السياسي؟
{ نظام الاستبداد والفساد والظلم ترك الكثير من الخراب والدمار في هذا البلد, ولا يمكن أن تعمل في أي مجتمع مدني دون أن ترسي نظاما سياسيا سليما, لأن جميع المحاور سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية والاعلامية, وحتي الامنية تابعة للمنظومة السياسية, كانت هذه المنظومة مهترئة وغير صالحة للعمل, وأفرزت اقتصادا متدهورا وبطالة عالية ونموا متدنيا وعدالة غير ناجزة, ولأول مرة أصبحت لدينا حكومة ليست بها فساد أو مفسدون وجميع مكوناتها تمشي علي الجمر.
ولكن تبدو الأوضاع غير مستقرة, مما يهدد نجاح المرحلة وعملية البناء برمتها؟
{ غالبية التونسيين يعملون وهم متمسكون بهدوئهم ووطنيتهم, نحن نتجه نحو مرحلة انتقالية صعبة وشعبنا الذي حقق المعجزة قادر علي تحقيق باقي المعجزات, لدينا كل خطوط النجاح, ولدي ثقة تامة في أننا سوف نعبر هذه السنة الصعبة, ما يحدث في تونس أمر طبيعي, ونحن نعيش الشيئ الطبيعي في الديمقراطية, وفي الديمقراطية يعترض الناس بصورة سلمية, وما أراه حاليا في المشهد السياسيي هو أن جميع الأطراف تتناقش وتتجادل وتختلف, وهذا ليس أمرا سلبيا.
ولكن الأمر السلبي أن يتطور هذا الخلاف ليصل إلي ممارسة العنف.. كيف يمكن السيطرة علي التجاذبات الموجودة بين الأقلية والأغلبية؟
{ نعم عندما تنتقل هذه المناكفات إلي ممارسة العنف عندئذ تصبح سلبية وخطيرة, نحن مازالنا تحت سقف الجدل ويجب أن نظل تحت هذا السقف وسأسعي بكل الوسائل المتاحة إلي البقاء تحت هذا الخط الاحمر, حتي تبقي المشاحنات لفظية والخصومات في مستوي الأفكار والمقاربات وصندوق الإقتراع هو الحكم, هذه هي الديمقراطية عندما تقارن بين استقرار المستنقعات أو المقابر أو بين العواصف وإحتدام الجدل في المجتمعات الديمقراطية, ندرك أن حيوية المجتمع هي في هذا الجدل والنقاش, كذلك ما تسميه تجاذبات أنا أعتبرها ظواهر طبيعية بل صحية, حتي الأن لا نزال تحت سقف الخط الأحمر ولا خوف من أن يحتد النقاش, فتلك طبيعة الديمقراطية.
وماذا لو استمرت طويلا مرحلة المخاض وإعادة التأسيس والتوازنات.. هل تخشي من مرحلة الفشل والإرتداد؟
{ نحن بصدد الصراع داخل هذه المرحلة المخاضية الصعبة بين النظام القديم الذي لم يختف تماما وموجود بآلياته ومراكز قوته المتعددة يقاتلون لإستعادة الإعتبار, إن لم يكن لإستعادة الثروة والسلطة, فعلي الأقل لإفشال التجربة الجديدة, وهذا حدث في كل الثورات, وتحديدا الثورة الفرنسية التي ظلت70 عاما حتي حققت أهدافها, وعندما تطول مرحلة المخاض قد تؤدي إلي العديد من الإحتمالات, ولادة طفل مشوه أو ولادة طفل معاق أو ولادة قوة اجتماعية جبارة, نعم هناك ثورات لا تنجح وأخري تنجح, وهذا موجود في التاريخ, ونحن مطالبون بإنجاح ثورتنا, ولدي تفاؤل كبير بنجاح الثورة في تونس ومصر, وأعتقد ان الوضع في مصر أصعب لوجود رهانات سياسية خارجية, نظرا لحجم وأهمية مصر الإستراتيجية, لكنني أؤمن بعبقرية وقوة الشعوب في تجاوز المصاعب.
دعنا نعود إلي التجاذبات والحوارات التي تحولت إلي تظاهرات واعتصامات واحتجاجات ثم تطورت إلي عنف وتدمير.. كيف يمكن التعامل معها؟
{ تعدد مظاهر الإحتجاجات والإضرابات والاعتصامات يشكل خطرا كبيرا علي الواقع الاقتصادي في البلاد, مما جعل المستثمرين يطلقون صيحات الفزع, إنه تخريب للاقتصاد والجميع في إعتقادي شاعرون بذلك, ولذلك توجهت ومازلت أتوجه للجميع بأن يتركوا الحكومة تعمل, فتواصل الإحتجاجات ومنطق االآنب عملية انتحارية للاقتصاد التونسي, وإنني أدعو إلي هدنة مدتها16 شهرا تترك الحكومة تعمل وفق برامج محددة, ثم نحن مستعدون للحساب.
أليست لهم مطالب مشروعة.. هل سيتم إستخدام العنف معهم إذا استمروا في إعتصاماتهم؟
{ نعم إن مطالب المعتصمين مقبولة وحاجياتهم حقيقية, خاصة أنهم يعانون الجوع والفقر بسبب جذور تاريخية ونفسية واجتماعية, والتي كان بالإمكان عدم وجودها لولا تراكم50 سنة من الفساد والتهميش, لكننا بحاجة إلي فترة استقرار حتي يعود الإستثمار, لأنه لا يوجد إستثمار في ظل أوضاع هكذا, وهذا النظام الديمقراطي يهدد بالموت إذا لم تعد الحركة الإقتصادية إلي العمل, لأن المجتمع لن يأكل الحرية إذا جاع, بل يطالب بالخبز والقوات والدولة ملزمة بتوفيره, إنني أطالبهم باسم الوطن وبكل جد وبكل تعاطف أن يرفعوا التضييقات عن مسالك الانتاج والتصدير, لأن في ذلك طعنا لتونس من الظهر, والشيئ الثابت أن الحكومة ستضطر إلي اتخاذ إجراءات لفرض القانون علي كل الأطراف حتي نخرج من عنق الزجاجة.
لم يعد لدي المواطن التونسي اصبرب.. امحمد البوعزيزيب الذي إحترق من أجل ا لقمة العيشب وزملاؤه يطالبونكم بإعتباركم رئيس الدولة بخطوات ملموسة وبرنامج اقتصادي ناجح لتغيير الأوضاع؟
{ يجب أن يفهم الجميع أن عبارة اكن فيكونب ليست من إختصاص البشر, ويجب أن يغير التونسيون نظرتهم للرئيس, فليس هو الذي يحل كل المشكلات, هذه صورة قديمة رسمتها دولة الظلم والإستبداد, نحن الان في دولة مؤسسات وهناك صلاحيات وزعت بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة, وأن كل الملفات الاقتصادية والإجتماعية بيد رئيس الحكومة, ودور رئيس الجمهورية هو الدفاع والخارجية والعفو, وصلاحياته محددة بهذه الامور.. لكن في الوقت نفسه حسب رأيي الأساس أن يلعب دور الموقف والموحد وهو دور معنوي.
لكنكم تدخلتم في قضايا اقتصادية, علي سبيل المثال فكرتكم ببيع القصور الرئاسية.. البعض إنتقد هذه الفكرة, والأخر قال إنها حملة دعائية مبكرة للإنتخابات الرئاسية المقلبة؟
{ إنني أحاول قدر الإمكان التقشف والتخفيض من الميزانية حتي تلعب الرئاسة دورا في إعانة الحكومة علي بلوغ أهدافها, وإذا تساءلت عن إمكانات الرئاسة الآن في محاربة البطالة, تجد أنها في بيع هذه القصور التي لا قيمة أثرية لها, علي عكس ما يروج لها, كلها بنيت في السنوات الأخيرة مخصصة لرفاهية رئيس الدولة.. هي اموال ميتة والدولة تدفع أموالا للعناية بها, وهي أموال طائلة قادرة علي أن توفر علي الأقل العمل ل20 ألف مواطن, البعض ينتقدني وكان بوسعي الإبقاء عليها, لكنني أرجعتها إلي وزير أملاك الدولة وقلت له: هل من الممكن بيعها والإستفادة من عائداتها المالية.
كيف هي علاقاتكم بشركائكم في الائتلاف الحكومي الذي يجمعكم برئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي؟
{ الرئاسات الثلاث علي نفس الموجة من التفاهم والتنسيق, علاقة شركاء نزهاء, يعني أنني سأكون شريكا نزيها ل ز النهضةس و االتكتلب بإعتبار أننا قمنا فعلا بشراكة لنصنع مرحلة إنتقالية ديمقراطية, قررنا أن نجتمع مرة في الإسبوع علي عشاء عمل لتحديد أعمالنا, نرفض أن تكون علاقاتنا علاقة تنافس أو تنافر, نمر بظرف دقيق يتطلب أقصي درجة ممكنة من الحكمة والتنسيق والتعاون, ومن حسن الحظ أنا ورئيس الحكومة حمادة الجبالي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفي بن جعفر أصدقاء منذ20 عاما, لنا علاقة جيدة بحكم العمر والخبرة, وأتوقع ان تكون تجربة نموذجية لمصلحة تونس.
تتحدث عن علاقات تنسيق وتعاون مع احزب النهضةب.. البعض إنتقد االمنصف المرزوقيب صاحب الأراء التقدمية االليبراليةب في إئتلافه مع احزاب إسلامية قد تبدو متشددة؟
{ السياسة في أحط مستوياتها هي ركوب كل الأهداف النبيلة للوصول للسلطة, واستعمال كل الوسائل القذرة للتواصل فيها, لكنها من أرفعها وضع الوسائل النبيلة في خدمة الأهداف العليا والمصلحة القومية للمجتمع, وذلك بأقل قدر من العنف والخسائر, والتحالف الذي تم كان علي أساس مبادئ واضحة شفافة ظاهرة للجميع, وهو أن تونس ليست دولة إسلامية ون تكون كذلك, إنها دولة مجنية تحمي المحجبة وغير المحجبة, يتعايش فيها من يؤمن ومن لا يؤمن, تمارس إحترام حقوق الإنسان بكل وضوح وبلا تمييز, نؤمن بالقانون والحريات, وقد تم الإتفاق بألا يقع أي تهديد أو إنتكاسة لهذه المكتسبات.
قد تبدو هذه الأفكار مثالية ورائعة شكليا, لكن علي أرض الواقع هناك مجلس تأسيسي يصدر من خلاله القوانين والدستور, وبه تيارات مختلفة ورؤي متباعدة.. هل يمكن أن تسقط تونس تحت منظومة إسلامية خاصة مع سيطرة ز حزب النهضة والسلفيينس ؟
{ إن تونس ماضية علي درب الحرية والمسار الديمقراطي ابلا رجعةب, إن الثورة فتحت أمامنا الأبواب وشكلت فاصلا بين يوم مظلم وأخر مشرق, سنعمل ألا تذهب التضحيات سدي, نعم الذي يصدر القوانين هو المجلس التأسيسي والذي يرأسه صديقي مصطفي جعفر, والقوانين يتم صياغتها أو توقيعها في هذا المكتب الذي نجلس فيه, ولن أوقع علي قانون يخالف الحريات أو ينتهك كرامة المواطن التونسي, ولن تسقط تونس تحت منظومة أو مظلة دولة إسلامية, وحكومة النهضة منذ البداية تركت فكرة الدولة الدينية ولن تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية أو الحدود, ولن تعتدي علي حقوق المرأة, قد يبدو الخطر من السلفيين الذين هم ضد الديمقراطية, لكن هذه المجموعات ليست موجودة فعليا في المجلس التأسيسي.
تبدو دول الربيع العربي حائرة في شكل وهيكل ومضمون أسس نظام الحكم.. كيف هو الشكل الذي ترتضونه في بلادكم؟
{ إن النظام السياسي بالنسبة للدولة هو بمثابة الجهاز العصبي بالنسبة للجسم, فهو الذي يتحكم في الأنظمة الإجتماعية الضرورية لتسيير شئون المجتمع, مثل النظام الإقتصادي والصحي والامني والفضائي والتربوي والثقافي, إن فسد النظام السياسي فسدت كل الأنظمة وتعرض المجتمع لجملة من الأخطار.
ثمة من ينادي في تونس ومصر بنظام برلماني صرف يكون فيه الرئيس مجرد رمز لوحدة البلاد لا يتمتع بأي صلاحيات سياسية, وكل هذا كرد فعل طبيعي علي الشطط الذي عرفناه, إن التقنية الأولي لمحاربة الإستبداد هي توزيع السلطات بين التشريعي والقضائي والتنفيذي, وأحسن ضمان لتعميقها هو توزيع السلطة بصفة محكمة بين الرئيس ورئيس الحكومة كي لا يبطش أحدهما بالآخر, ولكي يستحيل علي أي منهما أن يصبح ديكتاتورا, لابد من منع وقوع الأمن والجيش تحت مظلة واحدة, كما يجب أن تعود سلطة إدارة الشأن العام للحكومة فقط, والثوابت مثل السياسة الخارجية والأمن القومي والحفاظ علي الحريات والدستور مع الرئيس, هنا يصنع التوازن المنشود.
خلال حملتكم الانتخابية دعوتم إلي ضرورة جلب الرئيس السابق ابن عليب وزوجته وأصهاره الفارين لمحاكمتهم, وبالأمس وافقتم علي منح الرئيس السابق ادفتر إبنه الدراسيب من أجل إكمال تعليمه, في حال محاكمته هل سيلقي محاكمة عادلة, وفي حال عدم تسليمه كيف هي العلاقات مع الدول المانحة له اللجوء؟
{ نعم لقد وافقت علي منح إبن الرئيس السابق الملف الدراسي الخاص به معتبرا الأمر قضية إنسانية ولا علاقة لها بما إقترفه ابن عليب في حق الشعب التونسي, وفي الحقيقة هناك توجهان يجب ألا يتعارضا, الأول: هو رغبتنا في ربط علاقات أخوية مع جميع البلدان لأن مصلحة تونس تقتضي أن تكون لنا علاقات بكل البلدان وهذا قانون السياسة, ولكن في نفس الوقت نحن نعتبر أن من حق الشعب التونسي أن يسترجع هذا الرجل لمحاكمته محاكمة عادلة وشفافة, كونه سرق أموال الشعب التونسي وتعدي علي الإسلام والمسلمين, ونحن نحترم حق السعودية في أن تستضيف من ترغب لكننا نتمني أن تراجع موقفها, وأنا مصر علي ضرورة الفصل بين القضيتين, ونعمل علي تعميق علاقاتنا بجميع الشعوب بما فيها السعودية.
دعني أقدم إنتقادي لكم دون التدخل في قراركم.. لماذا هذا الإصرار في دعوتكم لجلب الرئيس السابق لمحاكمته.. وكيف هو رفضكم تسليم البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا الأسبق لمحاكمته في بلاده, ألا تبدو هذه مفارقة غريبة وإزدواجية في المبادئ؟
{ أنا قلت للإخوة الليبيين في لقاء ببنغازي وبشكل واضح أني عشت وفقا لمبادئ ولم أتنكر اليوم لهذه المبادئ والقناعات وبالتالي قلت لهم إننا لن نسلم البغدادي المحمودي طالما ليس هناك إستقرار في ليبيا وليس ثمة مؤسسات أو عدالة حقيقية مستقلة, ولابد أن أنوه هنا بموقف المستشار مصطفي عبد الجليل الذي كان متفهما لهذا الموقف وقال بعبارة صريحة: نحن الذين سنبادر بالمطالبة به عندما تتوافر هذه الشروط, وتونس لن تسلم الرجل إلا عندما تتأكد أنه ليس مهددا بالإعدام أو التعذيب أو غير ذلك, وهذا لا يدخل تحت شرف مناضل في حقحق الإنسان وإنما شرفنا نحن كتونسيين, وهناك قاعدة قانونية تقول إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته, والإدانة ليست من مشمولاتي بل هي مسئولية الليبيين, وعندما تتوافر الشروط سنسلمه وفقا للقوانين الدولية.
بمناسبة الحديث عن الشعوب الحرة وإشارتكم إلي موقفكم الرافض للديكتاتوريات التي تذبح شعوبها.. كيف تري المشهد السوري؟
{ لقد عبرت تونس عن تضامنها الكامل مع الأشقاء في سوريا لإقتناعتنا بأن هذه المأساة لن تعرف في طريقها للحل إلا برحيل النظام السوري وإفساح المجال لإنتقال ديمقراطي للسلطة, لكننا نخشي التدخل الأجنبي مهما كانت صفته بسبب أن الوضع في هذا البلد هو أعقد بكثير منه في ليبيا, وإذا تدخلت قوي خارجية فهذا يعني إندلاع الحرب في كل المنطقة مما سيفتح المجال لتدخل الجميع, لكنني في نفس الوقت أخشي من إنزلاق المعارضة السورية إلي التشرذم والطائفية, وأقول لا تحاصروا نمر جريح من الأبواب الأربعة, إتركوا له فرصة ومنفذا للخروج, الديكتاتورية يجب أن تنتهي لكن يجب فتح الباب مع ترك منفذا لها.
طبيب بدرجة مفكر, وأستاذ جامعي بدرجة مثقف, وفيلسوف بصلاحيات رئيس دولة, ومعارض يحمل لقب ثوري من طراز نادروفريد, نضاله كان مثاليا وكفاحه كان نموذجيا, وأفكاره تتسم بالوسطية.. حوصر في رزقه ومعاشه وتم تهجيره بطريقة غير آدمية ليقضي ثلث عمره في صقيع أوروبا, ليعود إلي بلاده ثانيا ليصل إلي قبة البرلمان, وحينما فكر في الترشح لرئاسة الجمهورية تم الدفع به في ظلام السجون, توسط الزعيم انيلسون مانديلاب لإطلاق سراحه فدخل السياسة من بابها الكبير وأصبح المعارض الشرس الذي ظل يصارع نظام ابن عليب حتي تمكن في النهاية من التخلص منه عبر ثورة شعبية لم ينتظرها أحد سواه.
االمنصف المرزوقيب هو أول رئيس لجمهورية عربية حرة, وهو أول رئيس منتخب للدولة التونسية بعد استقلالها, إلتقيته في حوار مطول في مكتبه ابقصر قرطاج الرئاسيب.. وإلي تفاصيل الحوار:
تدخل تونس الآن مرحلة الزوابع والعواصف والمهمة تزداد صعوبة يوما بعد يوم, فالأزمة التي أطاحت بالرئيس السابق تتعمق, خاصة علي المستويين الاقتصادي والاجتماعي.. هل يكفي فقط إرساء النظام السياسي؟
{ نظام الاستبداد والفساد والظلم ترك الكثير من الخراب والدمار في هذا البلد, ولا يمكن أن تعمل في أي مجتمع مدني دون أن ترسي نظاما سياسيا سليما, لأن جميع المحاور سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية والاعلامية, وحتي الامنية تابعة للمنظومة السياسية, كانت هذه المنظومة مهترئة وغير صالحة للعمل, وأفرزت اقتصادا متدهورا وبطالة عالية ونموا متدنيا وعدالة غير ناجزة, ولأول مرة أصبحت لدينا حكومة ليست بها فساد أو مفسدون وجميع مكوناتها تمشي علي الجمر.
ولكن تبدو الأوضاع غير مستقرة, مما يهدد نجاح المرحلة وعملية البناء برمتها؟
{ غالبية التونسيين يعملون وهم متمسكون بهدوئهم ووطنيتهم, نحن نتجه نحو مرحلة انتقالية صعبة وشعبنا الذي حقق المعجزة قادر علي تحقيق باقي المعجزات, لدينا كل خطوط النجاح, ولدي ثقة تامة في أننا سوف نعبر هذه السنة الصعبة, ما يحدث في تونس أمر طبيعي, ونحن نعيش الشيئ الطبيعي في الديمقراطية, وفي الديمقراطية يعترض الناس بصورة سلمية, وما أراه حاليا في المشهد السياسيي هو أن جميع الأطراف تتناقش وتتجادل وتختلف, وهذا ليس أمرا سلبيا.
ولكن الأمر السلبي أن يتطور هذا الخلاف ليصل إلي ممارسة العنف.. كيف يمكن السيطرة علي التجاذبات الموجودة بين الأقلية والأغلبية؟
{ نعم عندما تنتقل هذه المناكفات إلي ممارسة العنف عندئذ تصبح سلبية وخطيرة, نحن مازالنا تحت سقف الجدل ويجب أن نظل تحت هذا السقف وسأسعي بكل الوسائل المتاحة إلي البقاء تحت هذا الخط الاحمر, حتي تبقي المشاحنات لفظية والخصومات في مستوي الأفكار والمقاربات وصندوق الإقتراع هو الحكم, هذه هي الديمقراطية عندما تقارن بين استقرار المستنقعات أو المقابر أو بين العواصف وإحتدام الجدل في المجتمعات الديمقراطية, ندرك أن حيوية المجتمع هي في هذا الجدل والنقاش, كذلك ما تسميه تجاذبات أنا أعتبرها ظواهر طبيعية بل صحية, حتي الأن لا نزال تحت سقف الخط الأحمر ولا خوف من أن يحتد النقاش, فتلك طبيعة الديمقراطية.
وماذا لو استمرت طويلا مرحلة المخاض وإعادة التأسيس والتوازنات.. هل تخشي من مرحلة الفشل والإرتداد؟
{ نحن بصدد الصراع داخل هذه المرحلة المخاضية الصعبة بين النظام القديم الذي لم يختف تماما وموجود بآلياته ومراكز قوته المتعددة يقاتلون لإستعادة الإعتبار, إن لم يكن لإستعادة الثروة والسلطة, فعلي الأقل لإفشال التجربة الجديدة, وهذا حدث في كل الثورات, وتحديدا الثورة الفرنسية التي ظلت70 عاما حتي حققت أهدافها, وعندما تطول مرحلة المخاض قد تؤدي إلي العديد من الإحتمالات, ولادة طفل مشوه أو ولادة طفل معاق أو ولادة قوة اجتماعية جبارة, نعم هناك ثورات لا تنجح وأخري تنجح, وهذا موجود في التاريخ, ونحن مطالبون بإنجاح ثورتنا, ولدي تفاؤل كبير بنجاح الثورة في تونس ومصر, وأعتقد ان الوضع في مصر أصعب لوجود رهانات سياسية خارجية, نظرا لحجم وأهمية مصر الإستراتيجية, لكنني أؤمن بعبقرية وقوة الشعوب في تجاوز المصاعب.
دعنا نعود إلي التجاذبات والحوارات التي تحولت إلي تظاهرات واعتصامات واحتجاجات ثم تطورت إلي عنف وتدمير.. كيف يمكن التعامل معها؟
{ تعدد مظاهر الإحتجاجات والإضرابات والاعتصامات يشكل خطرا كبيرا علي الواقع الاقتصادي في البلاد, مما جعل المستثمرين يطلقون صيحات الفزع, إنه تخريب للاقتصاد والجميع في إعتقادي شاعرون بذلك, ولذلك توجهت ومازلت أتوجه للجميع بأن يتركوا الحكومة تعمل, فتواصل الإحتجاجات ومنطق االآنب عملية انتحارية للاقتصاد التونسي, وإنني أدعو إلي هدنة مدتها16 شهرا تترك الحكومة تعمل وفق برامج محددة, ثم نحن مستعدون للحساب.
أليست لهم مطالب مشروعة.. هل سيتم إستخدام العنف معهم إذا استمروا في إعتصاماتهم؟
{ نعم إن مطالب المعتصمين مقبولة وحاجياتهم حقيقية, خاصة أنهم يعانون الجوع والفقر بسبب جذور تاريخية ونفسية واجتماعية, والتي كان بالإمكان عدم وجودها لولا تراكم50 سنة من الفساد والتهميش, لكننا بحاجة إلي فترة استقرار حتي يعود الإستثمار, لأنه لا يوجد إستثمار في ظل أوضاع هكذا, وهذا النظام الديمقراطي يهدد بالموت إذا لم تعد الحركة الإقتصادية إلي العمل, لأن المجتمع لن يأكل الحرية إذا جاع, بل يطالب بالخبز والقوات والدولة ملزمة بتوفيره, إنني أطالبهم باسم الوطن وبكل جد وبكل تعاطف أن يرفعوا التضييقات عن مسالك الانتاج والتصدير, لأن في ذلك طعنا لتونس من الظهر, والشيئ الثابت أن الحكومة ستضطر إلي اتخاذ إجراءات لفرض القانون علي كل الأطراف حتي نخرج من عنق الزجاجة.
لم يعد لدي المواطن التونسي اصبرب.. امحمد البوعزيزيب الذي إحترق من أجل ا لقمة العيشب وزملاؤه يطالبونكم بإعتباركم رئيس الدولة بخطوات ملموسة وبرنامج اقتصادي ناجح لتغيير الأوضاع؟
{ يجب أن يفهم الجميع أن عبارة اكن فيكونب ليست من إختصاص البشر, ويجب أن يغير التونسيون نظرتهم للرئيس, فليس هو الذي يحل كل المشكلات, هذه صورة قديمة رسمتها دولة الظلم والإستبداد, نحن الان في دولة مؤسسات وهناك صلاحيات وزعت بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة, وأن كل الملفات الاقتصادية والإجتماعية بيد رئيس الحكومة, ودور رئيس الجمهورية هو الدفاع والخارجية والعفو, وصلاحياته محددة بهذه الامور.. لكن في الوقت نفسه حسب رأيي الأساس أن يلعب دور الموقف والموحد وهو دور معنوي.
لكنكم تدخلتم في قضايا اقتصادية, علي سبيل المثال فكرتكم ببيع القصور الرئاسية.. البعض إنتقد هذه الفكرة, والأخر قال إنها حملة دعائية مبكرة للإنتخابات الرئاسية المقلبة؟
{ إنني أحاول قدر الإمكان التقشف والتخفيض من الميزانية حتي تلعب الرئاسة دورا في إعانة الحكومة علي بلوغ أهدافها, وإذا تساءلت عن إمكانات الرئاسة الآن في محاربة البطالة, تجد أنها في بيع هذه القصور التي لا قيمة أثرية لها, علي عكس ما يروج لها, كلها بنيت في السنوات الأخيرة مخصصة لرفاهية رئيس الدولة.. هي اموال ميتة والدولة تدفع أموالا للعناية بها, وهي أموال طائلة قادرة علي أن توفر علي الأقل العمل ل20 ألف مواطن, البعض ينتقدني وكان بوسعي الإبقاء عليها, لكنني أرجعتها إلي وزير أملاك الدولة وقلت له: هل من الممكن بيعها والإستفادة من عائداتها المالية.
كيف هي علاقاتكم بشركائكم في الائتلاف الحكومي الذي يجمعكم برئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي؟
{ الرئاسات الثلاث علي نفس الموجة من التفاهم والتنسيق, علاقة شركاء نزهاء, يعني أنني سأكون شريكا نزيها ل ز النهضةس و االتكتلب بإعتبار أننا قمنا فعلا بشراكة لنصنع مرحلة إنتقالية ديمقراطية, قررنا أن نجتمع مرة في الإسبوع علي عشاء عمل لتحديد أعمالنا, نرفض أن تكون علاقاتنا علاقة تنافس أو تنافر, نمر بظرف دقيق يتطلب أقصي درجة ممكنة من الحكمة والتنسيق والتعاون, ومن حسن الحظ أنا ورئيس الحكومة حمادة الجبالي ورئيس المجلس التأسيسي مصطفي بن جعفر أصدقاء منذ20 عاما, لنا علاقة جيدة بحكم العمر والخبرة, وأتوقع ان تكون تجربة نموذجية لمصلحة تونس.
تتحدث عن علاقات تنسيق وتعاون مع احزب النهضةب.. البعض إنتقد االمنصف المرزوقيب صاحب الأراء التقدمية االليبراليةب في إئتلافه مع احزاب إسلامية قد تبدو متشددة؟
{ السياسة في أحط مستوياتها هي ركوب كل الأهداف النبيلة للوصول للسلطة, واستعمال كل الوسائل القذرة للتواصل فيها, لكنها من أرفعها وضع الوسائل النبيلة في خدمة الأهداف العليا والمصلحة القومية للمجتمع, وذلك بأقل قدر من العنف والخسائر, والتحالف الذي تم كان علي أساس مبادئ واضحة شفافة ظاهرة للجميع, وهو أن تونس ليست دولة إسلامية ون تكون كذلك, إنها دولة مجنية تحمي المحجبة وغير المحجبة, يتعايش فيها من يؤمن ومن لا يؤمن, تمارس إحترام حقوق الإنسان بكل وضوح وبلا تمييز, نؤمن بالقانون والحريات, وقد تم الإتفاق بألا يقع أي تهديد أو إنتكاسة لهذه المكتسبات.
قد تبدو هذه الأفكار مثالية ورائعة شكليا, لكن علي أرض الواقع هناك مجلس تأسيسي يصدر من خلاله القوانين والدستور, وبه تيارات مختلفة ورؤي متباعدة.. هل يمكن أن تسقط تونس تحت منظومة إسلامية خاصة مع سيطرة ز حزب النهضة والسلفيينس ؟
{ إن تونس ماضية علي درب الحرية والمسار الديمقراطي ابلا رجعةب, إن الثورة فتحت أمامنا الأبواب وشكلت فاصلا بين يوم مظلم وأخر مشرق, سنعمل ألا تذهب التضحيات سدي, نعم الذي يصدر القوانين هو المجلس التأسيسي والذي يرأسه صديقي مصطفي جعفر, والقوانين يتم صياغتها أو توقيعها في هذا المكتب الذي نجلس فيه, ولن أوقع علي قانون يخالف الحريات أو ينتهك كرامة المواطن التونسي, ولن تسقط تونس تحت منظومة أو مظلة دولة إسلامية, وحكومة النهضة منذ البداية تركت فكرة الدولة الدينية ولن تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية أو الحدود, ولن تعتدي علي حقوق المرأة, قد يبدو الخطر من السلفيين الذين هم ضد الديمقراطية, لكن هذه المجموعات ليست موجودة فعليا في المجلس التأسيسي.
تبدو دول الربيع العربي حائرة في شكل وهيكل ومضمون أسس نظام الحكم.. كيف هو الشكل الذي ترتضونه في بلادكم؟
{ إن النظام السياسي بالنسبة للدولة هو بمثابة الجهاز العصبي بالنسبة للجسم, فهو الذي يتحكم في الأنظمة الإجتماعية الضرورية لتسيير شئون المجتمع, مثل النظام الإقتصادي والصحي والامني والفضائي والتربوي والثقافي, إن فسد النظام السياسي فسدت كل الأنظمة وتعرض المجتمع لجملة من الأخطار.
ثمة من ينادي في تونس ومصر بنظام برلماني صرف يكون فيه الرئيس مجرد رمز لوحدة البلاد لا يتمتع بأي صلاحيات سياسية, وكل هذا كرد فعل طبيعي علي الشطط الذي عرفناه, إن التقنية الأولي لمحاربة الإستبداد هي توزيع السلطات بين التشريعي والقضائي والتنفيذي, وأحسن ضمان لتعميقها هو توزيع السلطة بصفة محكمة بين الرئيس ورئيس الحكومة كي لا يبطش أحدهما بالآخر, ولكي يستحيل علي أي منهما أن يصبح ديكتاتورا, لابد من منع وقوع الأمن والجيش تحت مظلة واحدة, كما يجب أن تعود سلطة إدارة الشأن العام للحكومة فقط, والثوابت مثل السياسة الخارجية والأمن القومي والحفاظ علي الحريات والدستور مع الرئيس, هنا يصنع التوازن المنشود.
خلال حملتكم الانتخابية دعوتم إلي ضرورة جلب الرئيس السابق ابن عليب وزوجته وأصهاره الفارين لمحاكمتهم, وبالأمس وافقتم علي منح الرئيس السابق ادفتر إبنه الدراسيب من أجل إكمال تعليمه, في حال محاكمته هل سيلقي محاكمة عادلة, وفي حال عدم تسليمه كيف هي العلاقات مع الدول المانحة له اللجوء؟
{ نعم لقد وافقت علي منح إبن الرئيس السابق الملف الدراسي الخاص به معتبرا الأمر قضية إنسانية ولا علاقة لها بما إقترفه ابن عليب في حق الشعب التونسي, وفي الحقيقة هناك توجهان يجب ألا يتعارضا, الأول: هو رغبتنا في ربط علاقات أخوية مع جميع البلدان لأن مصلحة تونس تقتضي أن تكون لنا علاقات بكل البلدان وهذا قانون السياسة, ولكن في نفس الوقت نحن نعتبر أن من حق الشعب التونسي أن يسترجع هذا الرجل لمحاكمته محاكمة عادلة وشفافة, كونه سرق أموال الشعب التونسي وتعدي علي الإسلام والمسلمين, ونحن نحترم حق السعودية في أن تستضيف من ترغب لكننا نتمني أن تراجع موقفها, وأنا مصر علي ضرورة الفصل بين القضيتين, ونعمل علي تعميق علاقاتنا بجميع الشعوب بما فيها السعودية.
دعني أقدم إنتقادي لكم دون التدخل في قراركم.. لماذا هذا الإصرار في دعوتكم لجلب الرئيس السابق لمحاكمته.. وكيف هو رفضكم تسليم البغدادي المحمودي رئيس وزراء ليبيا الأسبق لمحاكمته في بلاده, ألا تبدو هذه مفارقة غريبة وإزدواجية في المبادئ؟
{ أنا قلت للإخوة الليبيين في لقاء ببنغازي وبشكل واضح أني عشت وفقا لمبادئ ولم أتنكر اليوم لهذه المبادئ والقناعات وبالتالي قلت لهم إننا لن نسلم البغدادي المحمودي طالما ليس هناك إستقرار في ليبيا وليس ثمة مؤسسات أو عدالة حقيقية مستقلة, ولابد أن أنوه هنا بموقف المستشار مصطفي عبد الجليل الذي كان متفهما لهذا الموقف وقال بعبارة صريحة: نحن الذين سنبادر بالمطالبة به عندما تتوافر هذه الشروط, وتونس لن تسلم الرجل إلا عندما تتأكد أنه ليس مهددا بالإعدام أو التعذيب أو غير ذلك, وهذا لا يدخل تحت شرف مناضل في حقحق الإنسان وإنما شرفنا نحن كتونسيين, وهناك قاعدة قانونية تقول إن المتهم بريء حتي تثبت إدانته, والإدانة ليست من مشمولاتي بل هي مسئولية الليبيين, وعندما تتوافر الشروط سنسلمه وفقا للقوانين الدولية.
بمناسبة الحديث عن الشعوب الحرة وإشارتكم إلي موقفكم الرافض للديكتاتوريات التي تذبح شعوبها.. كيف تري المشهد السوري؟
{ لقد عبرت تونس عن تضامنها الكامل مع الأشقاء في سوريا لإقتناعتنا بأن هذه المأساة لن تعرف في طريقها للحل إلا برحيل النظام السوري وإفساح المجال لإنتقال ديمقراطي للسلطة, لكننا نخشي التدخل الأجنبي مهما كانت صفته بسبب أن الوضع في هذا البلد هو أعقد بكثير منه في ليبيا, وإذا تدخلت قوي خارجية فهذا يعني إندلاع الحرب في كل المنطقة مما سيفتح المجال لتدخل الجميع, لكنني في نفس الوقت أخشي من إنزلاق المعارضة السورية إلي التشرذم والطائفية, وأقول لا تحاصروا نمر جريح من الأبواب الأربعة, إتركوا له فرصة ومنفذا للخروج, الديكتاتورية يجب أن تنتهي لكن يجب فتح الباب مع ترك منفذا لها.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.