أكد الرئيس محمد حسنى مبارك أن مصر لن تألو جهداً فى العمل من أجل احلال السلام و الاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط واستعادة الحقوق العربية و تجاوز الخلافات والانقسامات انطلاقاً من ايمانها بأن هويتها العربية تظل المكون الرئيسى للمصلحة الوطنية المصرية. وقال الرئيس مبارك في كلمته أمام القمة العربية بسرت والتي ألقاها نيابة عنه الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء- ان السلام القائم علي التسوية العادلة للقضية الفلسطينية بكل مكوناتها و اعادة كامل الاراضي العربية المحتلة بما في ذلك الارض السورية و اللبنانية يظل الخيار الامثل للجميع- عربا و اسرائيليين- و هو الطريق الوحيدة لقيام علاقة طبيعية بين الجانبين تقوم علي الندية و الاحترام المتبادل. واضاف ان استمرار الانقسام الفلسطيني يظل وضعا مؤسفا بكل المقاييس, فهو يصب في خانة تقوية شوكة الاحتلال و يباعد بين الفلسطينيين و قيام الدولة المستقلة, مؤكدا انه ليس بخاف علي أحد ما بذلته مصر من جهود للتوفيق بين الفصائل الفلسطينية لإتمام عملية المصالحة و لم يتوقف الجهد المصري الا بعد أن تبين لنا أن البعض حجب توقيعه علي الوثيقة المصرية. و أكد مبارك أن تطوير آليات العمل العربي المشترك يظل إحدي المهام الرئيسية للمرحلة الحالية والمقبلة خاصة مع التطورات السريعة والمتلاحقة التي يشهدها العالم من حولنا. وقال مبارك انه يود أن يعبر عن الشكر والتقدير لأخيه الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر علي جهوده خلال توليه رئاسة الدورة السابقة للقمة. ويتمني كل التوفيق والنجاح لأخيه العقيد معمر القذافي في تولي المسئوليات الكبيرة التي ستقع علي عاتقة كرئيس للقمة لعام قادم. و أوضح أن هذه القمة تنعقد في ظرف إقليمي ودولي دقيق. فالوضع العربي الحالي يقتضي منا وقفة صريحة مع أنفسنا نحن القادة العرب. نتأمل في إطارها أحوال أمتنا. ما يحيق بها من مخاطر وما تواجهه من تحديات. وننظر في إعادة توجيه مسار عملنا العربي المشترك.. بما يمكننا من تجاوز الانقسامات والخلافات. ويتيح لنا العمل معا من أجل تحقيق تطلع شعوبنا للسلام والأمن والتنمية, واضاف أن الدول العربية تواجه من داخلها تحديات كثيرة تتطلب منا مواصلة جهود التطوير والتنمية. لنحقق طموحات شعوبنا للنمو والحياة الأفضل. كما يواجه عالمنا العربي في الوقت نفسه العديد من التحديات والمخاطر الخارجية التي تتجاذبه في اللحظة الراهنة.. وأخص بالذكر منها تحديين رئيسيين: الأول: يتمثل في النزاع العربي الإسرائيلي.. المستمر بكل إشكالياته وتعقيداته.. مابين استمرار الانقسام الفلسطيني.. وممارسات وسياسات ومواقف إسرائيلية تتجاهل الشرعية الدولية.. وتبرهن علي عدم رغبة إسرائيل في الانخراط في جهد حقيقي للتفاوض وتحقيق السلام العادل والشامل. الثاني: يتمثل في المواجهة الإيرانيةالغربية المرتبطة بالملف النووي الإيراني.. وهي مواجهة تقترب بمنطقتنا من حافة الهاوية.. وتزيد من الاستقطابات التي تشهدها العديد من دولنا.. بل وتضع الجميع في حالة من الترقب لما يمكن أن تسفر عنه.. وما يمكن أن تحمله تداعياتها علي منطقتنا العربية وشعوبها. ويجسد هذان المثالان معضلة تحقيق الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط.. ومعضلة صياغة موقف عربي واحد وفاعل إزاء مايطرحانه من تحديات.. وماينطويان عليه من تهديدات ومخاطر. وقال الرئيس مبارك انه فيما يتصل بالمواجهة الإيرانيةالغربية لايزال الوضع غامضا.. ونحن نتابع ونرصد تحركات مقلقة في أنحاء متفرقة من المنطقة.. في المشرق العربي والخليج وصولا إلي مدخل البحر الأحمر.. تحركات تستهدف تحقيق مكاسب في تلك المواجهة علي حساب السلام والاستقرار العربي.. وهو أمر نحذر منه لما له من عواقب خطيرة علي حساب السلام والاستقرار العربي علي الأمة العربية. واضاف قائلا إننا في مصر نؤكد ضرورة تسوية الملف النووي الإيراني من خلال الحوار والوسائل السياسية.. وتجنب اللجوء إلي استخدام القوة العسكرية لما لها من تداعيات كارثية علي المنطقة.. كما نؤكد في الوقت نفسه حق مختلف الدول اطراف معاهدة منع الانتشار في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.. مع مراعاة حق المجتمع الدولي في مراقبة أنشطة هذه الدول.. وفق الالتزامات التي تفرضها ذات المعاهدة. وفوق كل ذلك- ومعه- فإننا نعاود تأكيد ضرورة أن يقترن التعامل الدولي مع ملف إيران النووي.. بتعامل مماثل مع قدرات إسرائيل النووية.. بذات القدر.. وبعيدا عن الانتقائية وازدواج المعايير. أما فيما يتعلق بالنزاع العربي الإسرائيلي فإن القضية الفلسطينية تظل جوهر هذا النزاع ومفتاح تسويته.. كما يظل تأخر السلام العادل الخطر الأكبر الذي يهدد أمن واستقرار الشرق الأوسط. إن الإدارة الأمريكية تواصل سعيها لبدء مفاوضات جادة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من أجل التوصل إلي اتفاق للسلام.. وإذا كانت لنا ملاحظات علي النهج الذي اتبع لتحقيق هذه الغاية.. فإن الإصرار الذي اتسم به التحرك الأمريكي منذ بداية الإدارة الحالية يدفعنا لتشجيعها علي مواصلة جهودها.. لكي نتمكن من تحقيق الهدف الذي نبتغيه جميعا وهو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية.. وتسوية النزاع العربي الإسرائيلي بشكل نهائي. و من المؤسف أن تقابل إسرائيل هذه الجهود بمواقف تتحدي إرادة المجتمع الدولي. وإجراءات وقرارات تستفز مشاعر العرب والمسلمين.. تحرض علي المواجهة.. تغذي العنف والتطرف.. وتدفع بنا خطوات إلي الوراء. مابين تسريع لأعمال تهويد القدس والنشاط الاستيطاني فيها ومن حولها.. إلي ضم مواقع فلسطينية إسلامية لقائمة التراث اليهودي.. فضلا عن اقتحام قواتها ومستوطنيها ساحة المسجد الأقصي وحرمه الشريف.. واستمرار ممارساتها بالضفة الغربية وحصارها لقطاع غزة. وقال مبارك انه من الضروري أن تعي إسرائيل.. حكومة وشعبا.. أن أمنها وتوفيق أوضاعها في هذه المنطقة- وكما نصت علي ذلك مبادرة السلام العربية- لن يتحققا مادامت تعتمد مثل هذه المواقف والممارسات.. ومادامت متمسكة بمحاولة فرض الأمر الواقع كوسيلة للحصول علي الشرعية. وأقول لقادة إسرائيل إن المجتمع الدولي لم يمنح يوما الشرعية لأي من الإجراءات الإسرائيلية التي تصادر الحقوق الفلسطينية.. سواء في القدس أو في غيرها من الأرض الفلسطينية المحتلة. أقول لهم إن الأجدي أن تعتمد إسرائيل منطق الحوار والتفاوض.. وأن تعمل بمصداقية وجدية مع الشعب الفلسطيني ممثلا في سلطته الوطنية.. لكي تضع حلا عادلا لكل قضايا الوضع النهائي.. ينهي معاناة الشعب الفلسطيني ويقيم دولته المستقلة. و أشار مبارك الي أن السلام القائم علي التسوية العادلة للقضية الفلسطينية بكل مكوناتها.. وإعادة كامل الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الأرض السورية واللبنانية.. يظل الخيار الأمثل للجميع.. عربا وإسرائيليين.. وهو الطريق الوحيد لقيام علاقة طبيعية بين الجانبين تقوم علي الندية والاحترام المتبادل. اما بالنسبة للسودان الشقيق فقد قال الرئيس مبارك إن السودان يمر بمنعطف تاريخي مع اقتراب استحقاقين مهمين.. هما الانتخابات التشريعية والرئاسية التي ستجري الشهر المقبل.. والاستفتاء علي تقرير المصير في الجنوب مطلع العام المقبل.. وكما تعلمون فإن مصر والسودان تربطهما علاقات تاريخية وثيقة.. وصحيح أن الأمل لا يزال يحدونا في أن تحفظ هذه الدولة الشقيقة تماسكها ووحدتها.. وأن يري جميع السودانيين حكمة وجدوي الاستمرار في إطار السودان الواحد.. إلا أن مصر ستحترم نتائج الاستفتاء.. انطلاقا من احترامها لرغبة وإرادة السودانيين الذين توافقوا علي منح جنوب السودان حقه في تقرير المصير.. وأضيف هنا أن الأوضاع في دارفور حظيت- ولا تزال- باهتمام مصري كبير, تمثلت آخر حلقاته في المؤتمر الذي استضافته القاهرة منذ أيام لحشد الموارد من أجل إعادة إعمار وتنمية دارفور.. ونحن نتطلع إلي نجاح الجهود المبذولة لتحقيق التسوية السياسية الشاملة.. من أجل استعادة الاستقرار والأمن في هذا الإقليم.. لمصلحة أبنائه وجميع أبناء السودان. لقد واجه اليمن الشقيق علي مدي العام الماضي تحديات كبيرة.. وعلينا ألا ننسي أن اليمن بموقعه الحيوي يعد عنصرا مهما لأمن البحر الأحمر في صلته بأمن الخليج والمنطقة العربية برمتها.. وأري أن الأمر يستلزم منا عملا منسقا لتقديم الدعم السياسي والتنموي للحكومة اليمنية لمساندتها في مواجهة هذه التحديات.. وللحفاظ علي وحدة الشعب اليمني ووحدة أراضيه وأمان أبنائه. إن مصر ترحب بالتطورات الإيجابية التي شهدها لبنان علي مدي العام الماضي.. والتي توجت بعقد الانتخابات النيابية في ظل مناخ ديمقراطي لعب اللبنانيون الدور الرئيسي في تحقيقه.. ونحن جميعا نتطلع لأن تعمل الحكومة اللبنانية- بمعاونتنا جميعا- للخروج بلبنان تماما من التأزم السياسي الذي عصف به علي مدي السنوات الأخيرة.. ولكي تتوافر الأجواء المواتية لنجاح الحوار الوطني بين مختلف قواه السياسية.. لصالح الدولة اللبنانية وجميع أبنائها. إنني أتوجه بالتهنئة للاخوة العراقيين علي نجاح انتخاباتهم الأخيرة.. ونتمني لهم التوفيق في إعادة بناء دولتهم بعد ما مروا به من أوقات عصيبة.. ونعدهم بأن مصر ستظل إلي جوارهم.. تدعم مسيرتهم وتشد أزرهم.. ونحن نتطلع لأن تسهم نتائج الانتخابات في استكمال نجاح العملية السياسية.. وتحقيق المزيد من الأمن والاستقرار والتنمية للعراق.. والحفاظ علي هويته العربية ووحدة أراضيه وتماسك شعبه.. بمنأي عن الطائفية.. ولصالح جميع أبنائه. إننا لا ننسي الصومال الشقيق في أزمته الممتدة.. ومصر تدعم حكومته برغم ما تواجهه من تحديات.. آملين أن تتواصل جهودنا بدعم عربي وإفريقي ودولي من أجل استعادة الصومال أمنه واستقراره, وعودته لممارسة دوره العربي والافريقي وعلي الساحة الدولية. وأوضح الرئيس مبارك أن مصر تتطلع إلي استضافة القمة الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الثانية العام المقبل.. بعد النجاح الذي حققته قمتنا الأولي في دولة الكويت الشقيقة العام الماضي. إننا نعي أهمية دفع جهود التنمية الإقتصادية والإجتماعية لمجتمعاتنا.. في عصر تسيطر عليه التكتلات الاقتصادية القوية.. وسوف نبني في قمة القاهرة علي ما توصلنا إليه في قمة الكويت من أسس وخطط المشاريع التنموية.. وإنني أدعو جميع الدول العربية- حكومات وقطاع خاص- للاعداد لطرح المزيد من الأفكار والمقترحات التي يمكن دراستها خلال القمة.