حدث ذات مرة أن كتبت أنتقد سياسة الكيل بمكيالين التى تتبعها الولاياتالمتحدةالأمريكية بخصوص مصر والثورة المصرية، ثم حدث أن قامت أوروبا بسياسة تمييزية استحقت أن انتقد الاتحاد الأوروبى الذى يتعامل مع المنطقة العربية بدونية شديدة، وأكاد أقول بازدراء، لإرادة الشعوب العربية، خصوصا الشعب المصري، فكان الغريب أن التقيت بأحد المنبطحين أرضا أمام أمريكا وأوروبا الذين لا يرون فى الكون سواهما، وسألنى سؤالا استهجانيا فقال: قرأت لك منذ فترة أشياء تنتقد فيها أمريكا، ثم قرأت بالأمس القريب أشياء أخرى تنتقد فيها أوروبا.. إذن بالله عليك مع من تكون؟! فأجبته بسهولة أو ببساطة شديدة وقلت: أنا ومثلى كثيرون مع كل ما هو فى مصلحة المصريين تغطى صاحبنا فى مقعده خجلا.. عندما سمح لنفسه أن تغيب عنه مصر التى يجب أن نعمل جميعا لحسابها! لقد وقعت معى هذه الحكاية التى تدل على أن هناك أناسا من أبناء جلدتنا يعبدون أمريكا وأوروبا، من دون الله، مع أن حب الأوطان ذكره القرآن الكريم، واسم مصر ذكرته آيات الذكر الحكيم أكثر من مرة، لكن ما حيلتنا، وهناك أناس لا يفقهون! ولعلكم تذكرون أن مصر منذ فترة ليست بالقصيرة تواجه الإرهاب، بل هى فى حرب حقيقية ضد الإرهابيين الذين حرقوا مساجد وكنائس تعد بالعشرات، وفتكوا بعشرات المصريين فى الشوارع والميادين، وفوق الكباري، ورغم ذلك منعت عنا أمريكا المعونة الأمريكية المنصوص عليها فى اتفاقيات كامب ديفيد!! ومنعت عنا أيضا أوروبا المساعدات الأوروبية، مع أنه كان فيها قطع غيار لأسلحة ضد الإرهاب! معنى ذلك أن أوروبا وأمريكا كانتا تتمنيان من كل قلبيهما أن ينتصر الإرهاب، وتتمزق مصر كما تمزقت ليبيا واليمن وسوريا، أما ازدراء إرادة الشعب المصرى قبل هاتين الكتلتين فحدث عنها ولا حرج، لأن اختيار عبدالفتاح السيسى لكى يكون رئيسا جاء نزولا على إرادة الشعب المصرى بحسب نتائج الانتخابات الرئاسية، وعدم اعتراف أمريكا وأوروبا رسميا بهذه النتيجة التى أكدت جمعيات حقوقية عالمية نزاهتها وحياديتها، فهذا معناه أن أوروبا وأمريكا تزدريان إرادة المصريين ولا تعترفان بها، ثم معناه أن هاتين الكتلتين تكيلان بأكثر من مكيال تبعا لمصالحهما الشخصية، وأن حديثهما عن حقوق الإنسان واحترام القوانين والديمقراطية هو حديث إفك! ما أريد أن أقوله إن العالم به أكثر من 200 دولة أعضاء فى الأممالمتحدة، لكن قصار النظر لا يرون فى العالم سوى أمريكا وأوروبا، وهذا خطأ جسيم. باختصار إن مصر تحتاج منا الكثير.. وعلينا أن نجتهد لكى نجعلها رائدة بين العالمين، فلقد اتفق الكثيرون على أن مصر استعادت ريادتها العربية، وقامت بمشاريع عملاقة مثل مشروع إقليم قناة السويس، واستصلاح الأراضى والطرق والكباري، فأطلقت هذه القوى والمنظمات سمومها بقصد أن تشغلنا بمكافحة الإرهاب، وتشتيت جهود مصر فى القاهرة والمحافظات، ولا يصبح لديها وقت لاستكمال ما بدأت فيه وهو التقدم والحرية والعدالة الاجتماعية. إن أول درس فى العلاقات الدولية أنه لا صداقات دائمة، ولا عداوات دائمة، وإنما الدائم فقط هو المصلحة، وأمريكا لا تبحث إلا عن مصالحها، وبالتالى يجب أن نفهم أن موقف أمريكا وأوروبا قديما أو حديثا ليس من أجل سواد عيون الشعب المصري، وإنما من أجل الإبقاء على مصالحهما فى المنطقة. باختصار إن المصلحة العامة المصرية هى التى جعلتنا ننفتح على روسيا، وأن نقوم بتهجير بعض أبناء سيناء، وعمل شريط حدودى عادل، وأن نهدم الأنفاق فى رفح، وأن نرفض عرض كيرى وزير خارجية أمريكا للانضمام إلى ما يسمى »التحالف ضد جماعة داعش«، ولقد كان الرئيس السيسى على حق عندما أكد مرارا وتكرارا أن مصر ضد الإرهاب فى عمومه، وليست ضد جماعة أو مع جماعة.. صحيح هذا الكلام لم يرض أمريكا وأوروبا، لكن يرضى مصلحة الشعب المصري، وهذا هو الأساسي. باختصار مصلحة مصر فوق الجميع، ويجب أن تبقى كذلك!! لمزيد من مقالات د. سعيد اللاوندي