يبدو مثيرا للدهشة عصبية وغضب الإدارة الأمريكية, بعد أن سقط القناع أخيرا عن أسرار عمليات التمويل الأجنبي للمنظمات المدنية, فلقد وضع قرار الاتهام الذي أصدرته النيابة العامة عن نتائج التحقيقات مع المتهمين المصريين والأجانب النقاط فوق الحروف. وأن تلك المنظمات انصرفت إلي العمل السياسي, وضاعفت حجم تمويلها للأحزاب والمنظمات السياسية, بقصد التأثير في توجهاتها السياسية, وهو ما وصفته الوزيرة فايزة أبو النجا بمحاولة اختطاف الثورة المصرية لخدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية. يؤكد المراقبون أن غضب الإدارة الأمريكية استند أساسا إلي عدم القبول بحق مصر في ممارسة سيادتها وإعمال قانونها علي أرضها.. وتلك سقطة أمريكية أخري لن يغفرها لها الشعب المصري. وإنني أتساءل ماذا لو دعمت الصين أو اليابان أو روسيا جماعات الضغط داخل أمريكا بشكل مباشر؟! فالمعروف أن مسألة التمويل السياسي داخل أمريكا محددة بشروط قاسية وتخضع للشفافية المطلقة! ولقد اتهمت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية إدارة الرئيس باراك أوباما بالنفاق في هجومها علي مصر وإدانتها لمحاكمة رعاياها, مؤكدة أن المصريين لهم كل الحق في ملاحقة التمويل الأجنبي علي أراضيهم, وأن هذه الإدارة نفسها لم تكن لتتسامح أبدا مع أي منظمة مماثلة تعمل علي أراضيها وتتلقي دعما ماليا أجنبيا. ماذا يعني ماأعلنه قاضيا التحقيق أن من ضمن المضبوطات في حوزةهذه المنظمات خرائط تقسيم مصر؟! وخرائط بمواقع تمركز القوات المسلحة.. فأي مجتمع مدني هذا.. وأي مساعدة للتحول الديمقراطي هذه؟! ماذا يعني هذا؟! أليس هذا تجسسا صريحا وتمويلا ملعونا!! أسئلة الشارع المصري هي: هل كان المطلوب من مصر أن تغمض عيونها عن التدخل الأمريكي في شئونها الداخلية, من خلال التمويل الخارجي لمنظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية؟! هل كان المفروض أن تتغاضي مصر عن النشاط المشبوه الذي تقوم به منظمات أمريكية غير مرخص لها بالعمل, وتقوم بإنفاق ملايين الدولارات بدون محاسبة وتوجيهها لأغراض غير معلنة وأهداف خفية؟! وكذلك هل كان المفروض أن تخضع مصر للتهديد بقطع المعونات الأمريكية؟! في النهاية كل ما أرجوه هو التمسك بالموقف المصري الذي يعد حقا مكفولا لسيادة مصر علي أراضيها.. خاصة أن الرأي العام المصري مصمم علي تلقين الإدارة الأمريكية درسا لن تنساه. [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى