جلال دويدار من المؤكد ان غيوم التمويل الاجنبي لمنظمات المجتمع المدني والحركات السياسية المصرية قد خيمت علي مصداقية الدعوة للعصيان والاضراب. أدي ذلك الي فشلها وعدم التجاوب الشعبي معها. من ناحية أخري فان تداعيات الأحداث علي الساحة المصرية السائدة حاليا وما تفرزه من عنف وصدامات دموية وعدم استقرار وفوضي أوجد شعورا عاما بأن هناك تهديدا حقيقيا للامن القومي المصري. ان ما يجري يعد رافدا للصراع السياسي بين الفريقين اللذين أشرت إليهما في مقال الأمس وهما فريق التيار الديني المستحوذ علي الأغلبية البرلمانية- وبالتالي السيطرة السياسية- وبين الفريق الثاني الذي يمثل الداعين للاضراب والعصيان. ساهم في اشعال الموقف الاعلان عن اتهام بعض اعضاء المجتمع المدني بتلقي أموال من جهات أجنبية تمارس نشاطها علي الأرض المصرية دون سند قانوني وبما لا يتفق مع حقوق السيادة. ولما كانت بعض المنظمات الأمريكية قد تورطت في هذا النشاط غير المشروع.. فقد كان من الطبيعي خضوعها للتحقيق القضائي الذي يستهدف كشف ما تقوم به خاصة انها لم تحصل علي تراخيص بمزاولته. وبعد ان انتهي التحقيق قرر القاضي التحفظ علي العاملين في هذه المنظمات ومنعهم من السفر وهو ما دفع بهم إلي اللجوء والاقامة بالسفارة الأمريكية منعا للقبض عليهم. وقد شملت عناصر هذا التحقيق مدي قانونية النشاط الذي يقوم به هؤلاء الأمريكيون علي ضوء التأشيرات التي حصلوا عليها لدخول مصر والتي لا تسمح لهم بممارسة أي نشاط سياسي أو عمل. في اعقاب هذه الخطوة القضائية التي تدخل ضمن متطلبات الحفاظ علي السيادة المصرية توترت العلاقات بين القاهرةوواشنطن التي أبدت اعتراضها علي الاجراءات القضائية المصرية. يبدو ان عصبية وغضب الادارة الامريكية استندت اساسا الي عدم القبول بحق مصر في ممارسة سيادتها وتفعيل استقلال قضائها. ليس خافيا ان واشنطن وفي اطار تعاملها مع الازمة اعتقدت ان ما تقدمه من معونات يسمح لها بانتهاك السيادة المصرية وممارسة منظماتها لأنشطة دون الحصول علي الترخيص الواجب وفقا للقوانين المصرية. بعد هذه التطورات وانتهاء التحقيقات تم تحويل أوراق القضية الي محكمة الاستئناف لتحديد موعد للمحاكمة. جاء التصريح القوي الذي أدلي به الدكتور الجنزوري رئيس وزراء مصر كرد فعل علي الحملة الأمريكية المسمومة والتهديد بقطع المعونات. قال ان مصر لن تركع ولن تخضع ولن تغير موقفها في تطبيق قوانينها. كل ما ارجوه هو التمسك بالموقف المصري الذي يعد حقا مكفولا لسيادة مصر علي ارضها. وللحديث بقية.