لاقى اقتراح البعض إنشاء قناة دينية متخصصة بالتليفزيون المصرى لتصحيح مسار الخطاب الدعوى الذى يعج بكثير من الأخطاء، قبولا وترحيبا واسعا فى أوساط مختلفة. ففى حين طالب علماء الدين بسرعة الاستجابة لهذا الاقتراح وترجمته إلى واقع، لمواجهة الظواهر السلبية التى بدأت تظهر وتطل برأسها فى المجتمع، أكد مسئولون ومخرجون يعملون فى القطاع الدينى استعدادهم التام للعمل على إنجاح هذه القناة، حال اتخاذ قرار بإنشائها، حتى تكون معينا صافيا وصادقا لتقديم المعلومة الدينية الصحيحة للمشاهدين من خلال التليفزيون الرسمى للدولة. يأتى اقتراح محمد عبد العزيز وكيل وزارة الإعلام للبرامج الدينية بالتليفزيون سابقا، بإنشاء قناة دينية متخصصة بالتليفزيون على غرار القنوات المتخصصة الأخرى ، كسبيل للخروج من العقبات التى تواجه تطوير البرامج الدينية بالتليفزيون، وطالب عبد العزيز بأن تخصص تلك القناة فى البرامج الدينية المتنوعة، ويعهد فيها الإفتاء الى جهات محددة مثل دار الإفتاء ولجنة الفتوى بالازهر ومجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء، مشددا على ان تكون الفتوى مسجلة وليست على الهواء مباشرة، لأن الفتوى تحتاج الى تحقيق فقهى شامل، مما يسهم فى ترشيد الفتوى وخروجها من مصادرها الأصيلة، ومحاربة الفكر المتطرف والمتشدد. وأضاف:أن برامج تلك القناة لا بد أن تعنى بالقرآن الكريم والسنة المطهرة، على ان تقدم تفسيرا مبسطا للقرآن يصلح لعامة الناس، وايضا التعريف بكتب الصحاح من السنة مثل البخارى ومسلم والترمذى وابن ماجه وغيرها، وكيفية تدوين السنة ومراحلها خاصة ما تلاقيه هذه الكتب من هجوم شديد حاليا، وايضا التعريف بالمذاهب الفقهية واتفاقها على الأصول، وتوضيح أن جميع الرسالات السماوية جاءت لنشر الفضائل ونبذ العنف والتطرف وأنها تقف ضد الإلحاد والإرهاب والانفلات الأخلاقي. وأشار إلى ضرورة عدم إغفال أهمية الدراما الدينية فى هذه القناة المقترحة، بحيث تركز على معالجة السلوكيات السلبية، وليست بالضرورة تقدم باللغة العربية الفصحي، موضحا أنه من الممكن تحويل التراث الإذاعى لكبار العلماء بالأزهر سواء من الراحلين أو الموجودين حاليا إلى عمل إعلامى مرئى بالقناة المقترحة، للاستفادة به فى معالجة القضايا المطروحة على الساحة وتعريف الأجيال بقدر ومكانة هؤلاء العلماء وما قدموه من خدمات جليلة للناس جميعا. كما يمكن لهذه القناة أن تسهم فى دعم الوحدة الوطنية، والقضاء على الانفلات الأخلاقى فى المجتمع، وذلك من خلال برامج يشترك فيها علماء الدين الإسلامى مع رجال الدين المسيحي، حيث أن الجميع من المسلمين والمسيحيين يتفقون على أساسيات الأخلاق، مثل ان الصدق فضيلة وان الكذب والزنا من الرذائل، مشددا على ضرورة ان يشكل لهذه القناة مجلس أمناء من هيئة كبار علماء الأزهر ورواد الإعلام الدينى وأجهزة الإعلام المختلفة، وذلك لوضع خطة العمل ومتابعة التنفيذ واختيار الضيوف والمتحدثين، بالإضافة الى تخصيص برامج باللغات الأجنبية المختلفة للرد على الشبهات والهجوم على الرموز الدينية التى تثار من البعض فى الغرب من حين لآخر. وقف خاص وعن مصادر تمويل إنشاء هذه القناة، يوضح محمد عبد العزيز انه يمكن تدبير الأموال من خلال عدة مصادر، منها التبرع، والحمد لله يوجد كثير من الغيورين على دينهم يريدون الإسهام فى هذا العمل الطيب، وأيضا من خلال أموال صناديق النذور فى مساجد آل البيت فى مصر، ويمكن الدعوة إلى إنشاء وقف جديد خاص لإنشاء هذه القناة، وأيضا من روافد نقابة الأشراف والمشيخة العامة للطرق الصوفية، لإنتاج برامج دينية بهدف تنقية التصوف من الشوائب التى لحقت به، والتعريف بمنهجه الصحيح، وكذلك للحماية من محاولات التشيع فى مصر، مشيرا إلى أنه بالنسبة الى البث التجريبى لهذه القناة، فان هناك رصيدا من البرامج الدينية فى التليفزيون يكفى نحو ثلاثة أشهر إلى حين إنتاج برامج جديدة. دراسة الاقتراح مجدى لاشين رئيس التليفزيون، رحب بالمقترح، وقال إنه فكرة جيدة، ومن الممكن دراستها باستفاضة، حتى تكون معينا صادقا للمشاهد على استقاء المادة الدينية والمعلومة المتخصصة من التليفزيون الرسمى للدولة، موضحا ان المسئول الاول عن الخطاب الدينى فى مصر هو الأزهر جامعا وجامعة ومؤسساته مثل وزارة الأوقاف ودار الإفتاء، ونحن كجهاز اعلامى رسمى للدولة نستعين بالعلماء فى تلك المؤسسات المشهود لهم بالاعتدال والوسطية فى جميع إنتاج البرامج الدينية بالتليفزيون، لأنهم الاكثر فهما ودراية وتخصصا فى الامور الدينية، فهم عليهم المادة العلمية ونحن علينا الجوانب الفنية الأخري. مواجهة الفكر بالفكر وقال عبد الخالق يوسف الامين العام المساعد لاتحاد الإذاعة والتليفزيون، اننا بحاجة ماسة لان ينشئ التليفزيون قناة دينية متخصصة على غرار القنوات المتخصصة الأخري، موضحا ان تمويل هذه القناة ممكن ان يكون عن طريق الاكتتاب العام مثل ما حدث فى مشروع قناة السويس الجديدة، لما للفكر الدينى الوسطى من تأثير مهم، خاصة أن الفكر المتطرف لا يقاوم الا بفكر معتدل، وعدم ترك المجال للأمن وحده فى مواجهة ظاهرة التطرف الفكرى فى المجتمع التى يعانيها العالم الإسلامى كله على مختلف دوله. لغات متعددة وأشار الى ضرورة ان تخاطب القناة المقترح انشاؤها جميع العالم الاسلامى بمختلف اللغات لنشر الفكر الوسطى المستنير، متسائلا لماذا تأخرت المؤسسات الدينية وعلى رأسها الازهر الشريف باعتبارها اكبر مؤسسة اسلامية فى العالم فى إخراج قناة فضائية يكون لها كلمة الفصل فى كل الأمور الدينية؟، داعيا اتحاد الإذاعة والتليفزيون الى تبنى فكرة انشاء قناة دينية متخصصة، خاصة بعد الاتجاه الى تبنى فكرة تعديل منظومة الإعلام الرسمى ليكون اعلاما وطنيا يخدم المجتمع المصرى بكافة شرائحه الاجتماعية. وأوضح مجدى درويش كبير مخرجى البرامج الدينية بالتليفزيون، ان هذه الفكرة حتى يكتب لها النجاح وتؤتى ثمارها بشكل جيد وأداء يجذب المشاهدين، فانها تحتاج الى إمكانات وكوادر مهنية عالية، تبدأ بتطوير الاستوديوهات بما يليق بالرسالة العظيمة التى تقوم بها. كوادر جاهزة وأوضح درويش ان الكوادر الإعلامية المتخصصة فى الشأن الدينى أهم شيء فى عناصر إنجاح مقترح انشاء القناة الدينية المتخصصة، وأضاف: يوجد لدينا كوادر لديها القدرة المهنية والثقافة الدينية الصحيحة ما يؤهلها لوضع هذه القناة فى بؤرة اهتمام المشاهد، مؤكدا انه لوتم إنشاء هذه القناة وكتب لها النجاح فلن ينصرف المشاهد عنها الى غيرها من القنوات الفضائية الخاصة، وأكبر دليل على ذلك ان بعض البرامج الدينية الناجحة المقدمة حاليا فى التليفزيون، استطاعت جذب كثير من المشاهدين سواء فى داخل مصر او خارجها، خاصة اننا نقدم الموضوعات الاسلامية فى صورتها الصحيحة بعيدا عن التشدد والتطرف اواثارة الفتنة والبلبلة التى اوقعت الناس فى حيرة من أمر دينها. تطوير البرامج وترى مها مدحت رئيس الادارة المركزية للبرامج الدينية بالتليفزيون، ان نجاح القناة الدينية المتخصصة المقترحة، مرهون أولا بتطوير ونجاح البرامج الدينية المقدمة فى التليفزيون الرسمى للدولة، والوقت الممنوح لها كيفا وليس كما، وبالتالى نجاح الخطاب الدينى الدعوى المقدم للمشاهدين، وأيضا الاستعانة بالكفاءات الإعلامية الدينية سواء من الشباب او الخبرات من الموجودين حاليا فى الخدمة او الخارجين على المعاش. وأشارت الى انه من الممكن أن تقدم البرامج الدينية مشتركة مع القناة المقترحة، لأن الإنتاج المشترك بحسب رأيها سيوجد رواجا لهذه القناة وستكون اكثر مصداقية، لان المشاهد المصرى يحتاج دائما الى المعلومة والثقافة الإسلامية الصحيحة المعتدلة والفتوى الآمنة التى لا يجدها إلا فى التليفزيون الرسمي، كما اننا نأمل فى ان يكون المسئولون عن البرامج الدينية فى التليفزيون مشاركين فى لجنة الإشراف ومديرى الإدارات فى أثناء مناقشة الموضوعات الخاصة بتطوير تلك البرامج. الإعداد الجيد أولا ويشير عبد العزيز عمران مدير عام الإذاعات الخارجية والتراث بالبرامج الدينية بالتليفزيون، إلى ان هذا المشروع يحتاج إلى إعداد جيد أولا حتى تكون القناة سببا فى زيادة الموارد المالية للتليفزيون وليست عبئا عليه، كما هو الحال فى بعض القنوات، ولدينا معلنون وكذا متبرعون كثيرون على اتم الاستعداد للإسهام فى النهوض بهذه القناة دون تكليف الدولة اى أعباء مالية. اما محمد القاضى مدير إدارة الإذاعات الخارجية للبرامج الدينية بالتليفزيون، فيؤكد ان مثل هذه الفكرة كنا نحتاج لتنفيذها منذ فترة طويلة، لانها ستوفر لنا مساحة كبيرة من البث سواء بالليل او النهار فى اوقات الذروة للمشاهد، مما يتيح فرصة كبيرة لنشر الفكر الوسطى الصحيح من منبعه، موضحا أن هذه القناة تحتاج الى تمويل حتى تؤدى رسالتها على أكمل وجه، أما بالنسبة للجهد الفنى فإن التليفزيون به كوادر فنية قادرة على الأعمال التى تحتاجها البرامج الدينية، ونحن على أتم الاستعداد لتنفيذ ما يوكل لنا من أعمال حال إقرار تنفيذ فكرة هذه القناة. زيادة الجرعة الدينية وقال الدكتور احمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، انه من العار أن يقف الإعلام الدينى والمسئولون عنه مكتوفى الايدى امام الظواهر السلبية التى بدأت تتفشى فى المجتمع المصري، كالإلحاد والتطرف الفكرى والمجتمعى والأمية الدينية، وفوضى الفتاوى من غير اهل الذكر والانفلات الأخلاقي، فى البيوت والشوارع والمؤسسات، مما أدى إلى وقوع جرائم لا حصر لها فى ارض الكنانة وبلد الأزهر الذى علم الدنيا بأسرها اصول علوم الدين، وأشار هاشم إلى انه فى ظل كل هذه المشكلات أصبح واجبا على المسئولين التنفيذيين الإسراع بإنشاء قناة دينية تابعة للتليفزيون الرسمى للدولة على غرار إذاعة القرآن الكريم، لان المجتمع الآن فى حاجة إلى زيادة الجرعة الدينية فى هذه المرحلة الحرجة التى تمر بها البلاد.