رغم مرور أكثر من 50 عاما على مقتل الرئيس الأمريكى الأسبق جون كينيدى، فلا يزال مقتله لغزا يحير الأمريكيين أنفسهم، مع أن لديهم أبرع وأقوى أجهزة المخابرات فى العالم، وهذا الغموض أدى إلى ظهور عشرات الكتب والأفلام السينمائية فى الولاياتالمتحدة، التى اختلفت فيما بينها حول تحديد شخصية المتهم بقتل كينيدى أو من وراءه. البعض اتهم المافيا، والبعض إتهم الدولة الأمريكية نفسها، بما فى ذلك المخابرات، لكن أخر الروايات وجهت أصابع الاتهام إلى إسرائيل. الكاتب الأمريكى رونالد كيسلر، الذى أصدر مجموعة من الكتب عن الأجهزة السرية والمخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالى ذكر فى كتاب له بعنوان "التاريخ السرى لل إف بى أى"، إن إسرائيل متورطة فى اغتيال كينيدى، وأن الذى قام بهذا الدور لحسابها هو رجل المخابرات المركزية المعروف جيمس إنجلتون، الذى كان قد تقاعد عن العمل فى المخابرات المركزية فى عام 1987، بعد أن قررت قيادة المخابرات فى ذلك الوقت إبعاده عن العمل لشكوك فيه. وأنجلتون، وهو يهودى الديانة، كان حلقة الإتصال بين المخابرات المركزية والموساد الإسرائيلى لسنوات طويلة. وكانت بعض التقارير الأمريكية قد ذكرت أن الولاياتالمتحدة أرسلته إلى إسرائيل فى عام1951، للمشاركة فى إنشاء جهاز المخابرات الإسرائيلى (الموساد). وكان آموس مانور، رئيس جهاز الأمن الداخلى الإسرائيلى الأسبق، قد كشف فى حوار أجرته معه صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عن إعجابه وإنبهاره بأنجلتون، وبالدور الذى قام به لتقوية العلاقات الأمريكية الإسرائيلية فى أوائل الخمسينيات. ويشرح المؤلف رونالد كيسلر تفاصيل الدور الذى قام به أنجلتون فى عملية إغتيال الرئيس جون كنيدى، أن العلاقة السرية بين إسرئيل والمخابرات المركزية قد ظهرت بوضوح من خلال عمليات التغطية على التحقيق فى إغتيال الرئيس كنيدى، وأن بعض الشواهد كانت قد أشارت إلى الدور الذى لعبه جيمس أنجلتون، وأنه إستغل نفوذه داخل المخابرات المركزية فى دفع مدير الوكالة ريتشارد هلمز إلى التغطية على حقيقة مقتل كنيدى. وكان جون ويتن، والذى كان مكلفا من وكالة المخابرات المركزية بمناقشة أسرار ومعلومات الوكالة عن مقتل كينيدى أمام مجلس النواب الأمريكى بالكونجرس قد إنتقد فى شهادته مدير الوكالة ريتشارد هلمز لعدم قيامه بالكشف عن كل تفاصيل المؤامرة أمام لجنة وارين، وهى اللجنة الرسمية التى كلفت من الدولة الأمريكية بالتحقيق فى مقتل الرئيس جون كنيدى. وقال ويتن أيضا أن إشتراك جيمس أنجلتون فى التحقيق فى اغتيال كنيدى كان أمرا غير مناسبا وغير مقبولا ومثيرا للشكوك. وكانت مشاركته فى التحقيق قد تمت بتكليف من ريتشارد هلمز نفسه. وعندما شكا ويتن لهلمز من عدم معقولية إشراك أنجلتون فى التحقيق، قام هلمز برفض الشكوى وحفظها. الأمر الذى عزز من شكوك ويتن بأن أنجلتون يقوم بمحاولات لتخريب التحقيق فى مقتل كنيدى. أما سبب الإتهام بأن إسرائيل كانت وراء إغتيال كينيدى، وهو ما ذكره المؤلف، فإن السبب فى ذلك أن كنيدى إتخذ موقفا معارضا لبرنامج إسرائيل النووى، فعندما وصلته معلومات عن الأبحاث التى تقوم بها إسرائيل لإنشاء مفاعل نووى، قام بإرسال وفد من العلماء الأمريكيين المتخصصين إلى إسرائيل للتحقق من هذه المعلومات، وعندما أكدوا له صحتها، ضغط على إسرائيل لوقف برنامجها النووى. ويربط الذين يوجهون أصابع الإتهام إلى إسرائيل فى إغتيال كينيدى بين موقفه هذا، والذى اعتبرته إسرائيل فى ذلك الوقت موقفا معاديا لها، وبين قضية الاغتيال. وكان بن جوريون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق، قد تقدم بإستقالته من منصبه فى يونيو عام 1963 وإدعى أنه إتخذ هذا الموقف لأسباب شخصية، لكن بعض الباحثين أعربوا عن إعتقادهم بأنه ترك منصب رئيس الوزراء فى ذلك الوقت، لكى يتفرغ للتخطيط لمؤامرة اغتيال كنيدى، والتى تمت فى نوفمبر 1963، أى بعد 6 أشهر من تقديمه لإستقالته. وظل بن جوريون خلال وجوده فى عزلته فى صحراء النقب على إتصال مستمر بالموساد الإسرائيلى لمتابعة المؤامرة حتى تحقق ما خطط له وتم اغتيال الرئيس جون كنيدى وأسست إسرائيل مفاعلها النووى.