الاختلاف بين ما اكتب عن الرئيس التركى رجب طيب اردوغان، وبين ما يرد فى كتابات ونتاجات الكتاب المصريين الاخرين، يكمن فى ان اولئك يتحدثون عن اردوغان باعتباره (رقما سياسيا)، فيما اراه- انا- (حالة نفسية) والحقيقة اننى لا اخترع اقترابا غير موجود، وانما عملية التحليل النفسى لسلوكات القادة وتأثير العناصر الشعورية والمزاجية والنفسية فى قرارات وتوجهات الساسة حول العالم، هى مدخل شائع فى عدد لا بأس به من الدراسات السياسة. بعبارة واحدة.. ارى ان الرئيس التركى رجب طيب اردوغان: رجلا، يمتلئ بنفسه الى حد الهوس، وقد ذكرت- هنا- قبل اسابيع قائمة بالمنشآت والسلع العديدة جدا التى اطلق اسمه عليها فى تركيا، وصولا الى نوعين من السمك والزهور اسماهما (رجب).. رجل مفتون بذاته، لديه نزعة امبراطورية زائفة دفعته الى الهرولة وراء حلم اخرق اسمه (العثمانية الجديدة). رجب- مرة اخرى- هائم وراء حلم امبراطورى.. وكان وجود الاخوان الارهابيين على قمة السلطة فى مصر فرصة تاريخية يحقق بها اردوغان بعض حلمه الذهبى المخبول، تحت مظلة المؤامرة الامريكية بتأسيس الشرق الاوسط الاوسع، حتى كان ما كان من امر ثورة 30 يونيو الاسطورية التى اطاحت بخطط الشرق الاوسط الكبير (ومعه كناسة الدكان السياسى الاقليمى من خلافة الاخوان الى عثمانية اردوغان) اصيب رئيس الجمهورية التركى بلوثه عقلية حقيقية وهو يرى حلمه يتبدد مثل سحابة صيفية. وما زاد فى خبل رئيس الجمهورية التركى انه وجد نفسه (نتيجة تحولات المعادلتين الاقليمية والدولية) امام ضرورة اذعانه وانصياعه لخيارات لا يريدها جميعا. اولها: ما شاع عن دعم التحالف الدولى للاكراد تمويلا وتسليحا، بما يقوى العدو التقليدى للنظام التركى واعنى حزب العمال الكردستانى، وبخاصة مع اقتراب تحقيق حلم كردستان الكبرى. وثانيها: دعم المعارضة السورية ولكن على نحو- ربما- لا يؤدى الى اطاحة الاسد، او يفضى الى الابقاء على اجزاء من نظامه بنحو يعنى ضياع اية نتيجة للتآمر التركى المتواصل على سوريا. وثالثها: هو اجبار انقرة على دخول حرب ضد حليفيها المقربين (داعش) و(جبهة النصرة)، واعلانها المتكرر عن عدم استخدامها قاعدة »انجرليك« ضد التنظيمين الارهابيين وبما اثار تساؤلا حول مدى التزام تركيا وانضباطها الاطلسى فى (الناتو) حتى تراجع اردوغان وبدأ الانضمام للتحالف وتحدث عن ضرورة عملية برية. مسكين اردوغان فهو امام مجموعة من الاسئلة الاجبارية لا يستطيع اجابتها او احدها، ومن ثم زقزق عقله وشقشق وصار يحكى مع حاله، ويهذى على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة.. عفا الله عنه وشفاه. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع