ربما لا يعرف الجمهور اهمية وظيفة المراسل فى تغطية حدث تليفزيونى من الناحية المهنية والفنية.. وسبب عدم الادراك انما يعود الى ان الاداء التليفزيونى الرسمى والتجارى- بعدم فهم فى كثير احيان- عمد الى استيفاء وظيفة المراسل كسد خانة من حيث الشكل دون عناية بالتدريب، الذى يجعل الوظيفة مطابقة لما نراه فى الاعلام الاجنبى وبذات المقدرة. وعبر طريق المصادفة- الذى بات وسيلتنا الدائمة لاكتشاف الكفاءات البشرية المصرية- عثرنا على المراسلة (المثالية)، واعنى بها الاستاذة هند النعسانى التى تقدم لقناة «صدى البلد» اكثر من تقرير يوميا عن جلسات محاكمة القرن التى تنفرد بها تلك القناة، والتى قرر المستشار الجليل محمود كامل الرشيدى رئيس الدائرة، اتاحتها للجمهور تليفزيونيا، وأبت القنوات الرسمية والفضائيات الخاصة اذاعتها فى انتقائية معيبة لا يستثنى منها سوى قناة «القاهرة والناس» التى التحقت- مؤخرا- بذلك الركب المهنى. المراسلة هند النعسانى هى اكفأ من شاهدت تليفزيونيا فى التعبير عن فهم مهنى لوظيفتها (المعلوماتية) و(الوصفية) التى تضع الجمهور فى صورة الحدث على نحو دقيق وموضوعى. هذه المراسلة اثارت اعجابنا بقدرتها على الالمام بالعناصر القانونية، والخلفيات الاجرائية، وبحفظها- عن ظهر قلب- لكل ما يصل بالتغطية الى درجة الاكتمال، فضلا عن اجرائها الكثير من المقابلات التى تدعم تغطيتها، واجادتها التحرك خلف الكواليس، للحصول على الاخبار والتفسيرات والخلفيات التى يفرضها تطور الاحداث فى الجلسة او قبلها احيانا. لقد كنت شديد الاعجاب كثير المتابعة لادم بولتون مراسل محطة تليفزيون «سكاى» فى التسعينيات، وفهمت ان حسن ادائه لوظيفته كمراسل كان طريقه الى اجادته فنون التحرير والاداء الاعلامى الاخرى محاورا ومحللا ومحققا. ولذلك فقد كانت وجيعتى المهنية تتفاقم حين كنت اتابع مراسلين مصريين فهموا وظيفتهم على انها نوع من (الخطابة) او (الحكايات البلاغية) التى يملأون فيها الفراغ حولنا بثرثرة عديمة المعنى.. ومن ثم كانت فرحتى كبيرة بالاستاذة هند النعسانى، التى اكتشفناها بصدفة مهنية سعيدة فى تغطية »صدى البلد« لمحاكمة القرن. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع