أبناؤنا يدرسون التاريخ ولايجنون ثمره ولايأخذون من أحداثه عبرة وفيه ترغيب وترهيب وتهذيب وإنذار واعتبار. هناك مثل عليا افتقدناها فلا أقل من أن نترسم خطاها ونسير على هداها.. العز بن عبد السلام سلطان العلماء وبائع الأمراء عندما كان فى دمشق حدث غلاء شديد وبيعت وقتها البساتين بأسعار زهيدة لشدة الغلاء، فقالت له زوجته: خذ هذا المصاغ واشترى لنا بستانا نتنزه فيه، فأخذ الشيخ مصاغها وتصدق به، ولما سألته: هل اشتريت البستان؟ قال نعم اشتريت لك بستانا فى الجنة، لقد تصدقت بثمنه على الفقراء والمحتاجين، فقالت: جزاك الله خيرا.. والأمثلة كثيرة عن رجال حول العالم ضربوا أروع الأمثلة فى البذل والعطاء، ويؤكد الملياردير الألمانى ديتمار هوب أن التبرع بالمال يدخل السعادة فى قلب المتبرع وأنه لم يندم لحظة واحدة على الخطوة التى اتخذها قبل 15 عاما بتخصيص نصف ثروته لإقامة مؤسسة خيرية لمساعدة الأطفال والمرضى والمسنين بأكثر من 250 مليون يورو.. ومواطن سعودى فاعل خير تبرع بمبلغ 240 مليون جنيه لصندوق تحيا مصر ورجل اعمال مصرى تبرع بعشرين مليون جنيه للصندوق نفسه ورجل اعمال هندى تبرع بمبلغ مليارى دولار لجمعية خيرية فى الهند تعمل فى مجال التربية.. ومن أقواله: إن أغنياء العالم عليهم المساهمة لايجاد عالم أفضل لملايين الناس الذين لايتمتعون بالخطوة ذاتها، وايضا وارن بافيت ثالث أغنى رجل فى العالم تبرع ب 99% من ثروته التى تقدر بمبلغ 44 مليار دولار لمنظمات خيرية، وذات يوم طلب من الحكومة زيادة الضرائب المفروضة عليه، وسئل مرة: هل كان صعبا عليك التحول من صنع المال إلى التبرع به؟ فقال: لم يكن من الصعب اتخاذ القرار، لقد حصلت على ثروة فاقت أقصى توقعاتى وأشعر الآن بالامتنان العميق، والمجتمع مسئول عن الثروة التى حصلت عليها وله حق فيها. وليعلم أثرياء مصر أن ما يقدمونه من مال ليس تبرعا بل مستحقات وطن وحقوق شعب، ويتحسر أحد الشعراء على من يقولون ولايفعلون فينشد: تبرعتم بالقول دهرا فيا ترى/ أما حان وقت فيه يبدو التبرع؟ فما تنفع الصيحات من كل جانب/ ولاشىء إلا المال ياقوم ينفع، ويقول آخر: واغرس بمزرعة الدنيا لآخرة غرسا حوى ثمرا من صالح العمل. وقد احسن جلال الدين الرومى حين قال: العطر دائما يبقى فى اليد التى تعطى الورود. محمد مدحت لطفى أرناءوط موجه عام سابق بالتعليم بالشرقية محرر بريد الأهرام: لعل كلماتك المعبرة تصل إلى قلوب أثرياء مصر، وما أكثرهم فيساهموا فى تخفيف الأعباء عن كاهل الدولة وينقذوا البلاد من الحالة الاقتصادية المتدهورة، ويفتحوا أمام الشباب آفاقا أرحب نحو المستقبل.