برلماني يثمن مقترح أبو العينين بتواجد رجال أعمال بالمجلس الوطني للتعليم    "شركات التكنولوجيا الكبرى تتجه للطاقة النووية لتلبية احتياجاتها المتزايدة"    تباين أغلب مؤشرات البورصات الخليجية عند إغلاق تعاملات اليوم    «إير فرانس» تمدد تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت    الزمالك: سيتم عرض دونجا و شلبي على النيابة رغم سداد الغرامة    الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحرين الأحمر والمتوسط    المشدد 6 سنوات ل عاطل يتاجر في مادة الآيس المخدر بأسيوط    بعد شهرة صاحب واقعة صعود الهرم.. رانيا يوسف: كلبي عاني من ضغوطات نفسية    كأفضل فنانة عربية.. شيرين عبدالوهاب تدخل موسوعة «جينيس» للأرقام القياسية    مصدر أمني لبناني: استشهاد 3 على الأقل وإصابة العشرات في غارة إسرائيلية ببيروت    "حقوق وواجبات ذوي الهمم" ضمن لقاءات متنوعة للثقافة بمدارس جنوب سيناء    لماذا تشتري مصر حاملات طائرات؟ قائد القوات البحرية يرد (فيديو)    هيئة سكك حديد مصر.. مواعيد القطارات بين «القاهرة - الاقصر»    "إير فرانس" تمدد تعليق رحلاتها إلى تل أبيب وبيروت    «عاوزني أطلق عشان يتجوزني».. وعضو «العالمي للفتوى»: المفتاح معاكِ (فيديو)    حكم استخدام المحافظ الإلكترونية؟.. أمين الفتوى يحسم الجدل    الشباب والرياضة تفتتح عددا من المعسكرات المجمعة بشمال سيناء    محافظ الوادي الجديد يتابع أعمال رفع كفاءة الطرق الداخلية بالخارجة    ندوة بعنوان "أسرة مستقرة تساوى مجتمع أمن" بجامعة عين شمس.. الأربعاء المقبل    محافظ الغربية ومدير الأمن يتابعان السيطرة على حريق مصنع بكفر الشوربجي.. صور    إبراهيم دياز يشارك فى مران ريال مدريد الأخير قبل قمة بوروسيا دورتموند    لابيد لسفير الاتحاد الأوروبي: حظر الأسلحة على إسرائيل "لا يغتفر"    الموافقة على تقنين أوضاع 293 كنيسة ومبنى تابعا    عبدالرحيم علي: قراءة ما يدور في رأس نتنياهو يجعلنا نفهم طبيعة الصراع الحالي    بينها السرطان.. أبراج على موعد مع جلب الأموال.. فيديو    حلقات مصورة عن ما حققه على مدار سنوات.. فاروق حسني حامي الثقافة والتراث |تقرير    تصنيف الاسكواش.. علي فرج يحافظ على الصدارة ومصطفى عسل وصيفًا    الزمالك يفوز على المقاولون العرب في دوري السيدات    رد مفحم من الشيخ رمضان عبد المعز على منكري وجود الله.. فيديو    النشرة الدينية|7 أعمال ترفع البلاء وتبارك في الأموال..25 مفتاحًا عظيمًا للتفريج عنك في الحال    خالد عبدالغفار: الاعتماد على البيانات الفورية لضمان مرونة الاستراتيجية الوطنية للصحة    مشاركة صحة البحيرة في المؤتمر الدولي الثاني للصحة والسكان والتنمية البشرية    ماذا يحدث لجسمك عند الإفراط في تناول المكملات الغذائية؟    استشارية صحة: النسخة الثانية من مؤتمر للسكان تمثل الإطلاق الحقيقي ل"بداية"    منها «قاسم والمكنسة».. أشهر نوات تضرب الإسكندرية فى 2024    إصدار مشروع إنشاء مدرسة الرعاية المجتمعية المتخصصة بقنا    ظاهرة سماوية بديعة.. زخات شهب "الأوريونيد" الليلة    الجامع الأزهر يستقبل رئيس دائرة الثقافة بأبو ظبي    بالصور.. "مؤتمر الجمعيات الأهلية" يُكرم رائدات الأعمال بالجيزة    مصطفى شلبي وعماد دونجا أمام نيابة أبو ظبي بتهمة الاعتداء على فرد أمن    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم أتوبيس وسيارة على كورنيش الإسكندرية    "هيئة البث الإسرائيلية" نقلًا عن مسؤولين إسرائيليين: لا يمكن أن تكون "اليونيفيل" القوة الوحيدة جنوبي لبنان    سيطرة مصرية على المشاركة في تحدي القراءة العربي.. وجوائز العام 11 مليون درهم    12 نافلة في اليوم والليلة ترزقك محبة الله .. 4 حان وقتها الآن    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    الحكومة تكشف حقيقة خفض "كوتة" استيراد السيارات بنسبة 20%    هيئة الاستثمار تبحث مع وفد اقتصادي من هونج كونج فرص الاستثمار بمصر    الصحة: 50% من الأفراد يستفيدون من المحتوى الصحي عبر الدراما    نظر معارضة إسلام البحيري على الأحكام الصادرة ضده.. بعد قليل    وزيرة التضامن الاجتماعي تبحث مع سفير قطر بالقاهرة تعزيز سبل التعاون    أهلي جدة في مهمة صعبة أمام الريان بدوري أبطال آسيا    إيهاب الخطيب: الأسهل للأهلي مواجهة الزمالك في نهائي السوبر المصري    ضربات روسية على خاركيف.. ووزير الدفاع الأمريكي في كييف للمرة الرابعة    أزمة نفسية.. تفاصيل إنهاء عامل حياته شنقا من مسكنه في المنيرة الغربية    بالفيديو.. استشاري جهاز هضمي: الدولة نجحت في القضاء على فيروس سي بأياد مصرية    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    «دوائر مغلقة» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم    تعليق مثير للجدل من نجم الأهلي السابق بعد تأهل الأحمر لنهائي كأس السوبر المصري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شباب صغار بلا خوف‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 09 - 02 - 2012

أخطر ما تنطوي عليه بيئة الاضطراب السياسي‏,‏ وتداخل الأزمات الأمنية وتكالبها يتمثل في هيمنة الفكر اليومي وتبسيطاته المخلة ومحمولاته القيمية والإيديولوجية التي تعيد إنتاج ذاتها بعيدا عن جوهر ألباب الواقع ومشكلاته وتطوراتها وتحولاتها النوعية‏.‏ يبدو لي وأرجو ألا أكون مخطئا أننا إزاء العديد من الظواهر والمتغيرات التي يتعين إيلاء عناية رصدية وتحليلية لها, والتي تتمثل أولا فيما يلي:
1 الفجوة الجيلية الواسعة بين ما يطلق عليهم مجازا بالنخب السياسية علي اختلاف أطيافها الدينية والسياسية, والسلطة الفعلية في البلاد, ومن يديرون الأجهزة الإعلامية علي اختلافها, وبين الجيل الجديد للعشرية الأولي والثانية من القرن21, لا يقتصر الأمر هنا علي الكتل الهرمة والشائخة التي تظهر في مقدمة المسرح السياسي وتمثيلاته وأدواره, وإنما بين بعض من خططوا للعملية الثورية في25 يناير2011 وبين الجيل الجديد الذي يتشكل واستطاع ولا يزال مواجهة موت معلن بجسارة لا حدود لها, حتي يقال إنهم كسروا الموت في قلوبهم وعقولهم سعيا وراء بعض الأفكار النبيلة لمصري مختلف ودولة حديثة ومعاصرة ومجتمع أكثر تقدما وإنسانية. فجوات تتزايد اتساعا بين هؤلاء جميعا وبين هذا الجيل من15 إلي22 عاما الذي لم يعد يفهم أو يستوعب أو يقبل مجموعة من المقولات الشائخة والخشبية عن الدولة أو الاستقرار أو عجلة الإنتاج المتوقفة.
2 أن هذه الشريحة الأصغر سنا مأخوذة بمشاعر جياشة نحو ضرورة كسر وتقويض ما يرونه استباحة للناس ولهم وللوطن. من الشيق ملاحظة أنهم يمتلكون لغة جديدة تتسم بالوضوح والبساطة المتناهية والشفافية, والحسم وبلا مراوغات. من ناحية أخري يحاورون ولكن بمنطق إقناعي آخر, منطق الموت والدم والجروح العميقة التي أصابت زملاءهم أو أصدقاءهم,.
3- شريحة جيلية تصوغ شرعيتها من شلال الدم وتقوم بتقويض المنطق الأخلاقي ذي السند الديني أو الاجتماعي التقليدي من خلال إعادة استخدامه عن طريق المنطق الضد. خذ مثلا واقعة الفتاة التي تم ضربها والاعتداء عليها وتعريتها في وقائع التظاهر السلمي والعنف أمام مجلس الوزراء, وفي شارع قصر العيني تم استخدام المنطق الأخلاقي ومعاييره القيمية التي تستخدم عادة للسيطرة الرمزية والأخلاقية علي أدوار المرأة بمقولة الحشمة وحماية أعراض النساء وعدم التعريض بهن, في التنديد وكيل الاتهامات إزاء مواقف بعض الإسلاميين المحافظين في البرلمان وخارجه الذين قالوا لماذا خرجت؟ بل إنهم أمعنوا النظر في جسد الفتاة قائلين لماذا ترتدي ملابس داخلية زرقاء اللون؟!, ومن الذي جعلها تنزل إلي التظاهر؟. أعيد قلب هذا المنطق من خلال حججه وأطروحاته التقليدية المحافظة والمتشددة ودحضدها من خلال المقولات ذاتها.
4 شريحة جيلية جاءت كما تنبئنا بها منذ بداية ثورة المعلومات والاتصالات والتقنيات والوسائط المتعددة من قلب الثورة الرقمية الهائلة, التي ساعدتهم علي أن يخرجوا من لغة ومنطق وقيم الإجماع القسري, والسيطرة الأبوية والأمومية داخل الأسرة, والمدرسة والإعلام الصاخب لكي يصنع هوامش استقلاليته لكي يصوغ من خلالها كينونته وفرديته وخلاصة الفردي الذي يتشكل سريعا ويكسر معه القوالب الذهنية القديمة والمستمرة, والخوف الذي كان يأكل روح المصري, والمصريين.
5 من الشيق أيضا ملاحظة أنهم من أبناء الطبقة الوسطي الوسطي, والوسطي الصغيرة مأخوذين بفكرة الحرية والكرامة الشخصية... الكرامة الجريحة التي تم و لا يزال انتهاكها, ومحاولتهم الجسورة كسرها وتقويض أنظمة التنشئة الاجتماعية التقليدية البطريركية التقليدية والمحدثة وأبوية فقدت معناها وجدواها في الضبط والتوجيه.
6 شرائح جيلية جديدة وصغيرة السن لم تشارك أو تتداخل في دوائر الرشوة والفساد التي تعايشت وتعاملت معها الكتل الهرمة, بل وبعض شباب العملية الثورية في25 يناير2011!
7 فجوة جيلية عميقة الأغوار, في المشاعر واللغة والخطاب والإدراك والأدوات والأهم الأهم في معاني الحياة وتواجه وبحسم كتل هرمة.. كتل الموت المعلن في أفكارها ولغتها وفهمها للسياسة للدين والقيم والعقائد والحياة... شريحة جيلية مؤمنة ومتدينة في عمق ولكن في تسامح وانفتاح علي حياتها وعالمها ومستقبلها إيمان جديد منفتح وإنساني يتحدي معاني الإيمان وفق بعض التأويلات التقليدية, الإسلامية/ والمسيحية الطالعة من المتون وحواشي الحواشي النقلية إلي آخر دائرة الحياة الماضوية لأجيال هرمة تري الحياة ومصر والعالم من خلال منظوراتها القديمة الأسيرة لتأويلات ورؤي فقهية ولاهوتية وإيديولوجية كانت ابنة عالمها وأسئلته وإجاباتها. تغيرت مصر والعالم ولابد من مغادرة ورحيل هذا المنطق ومعه عوالم الشيوخة السياسية والجيلية المهيمنة علي حياتنا, التي لا تقتصر علي بعض القوي الدينية السياسية علي اختلافها, وإنما علي بعض الفكر المسيحي التقليدي السائد, وكذلك بعض كاريكاتورات الليبرالية, واليسارية والقومية التي لا تزال تعيش في معتقلاتها الإيديولوجية, بينما تتخلق مصر الشابة العفية من خلال جيل بلا آباء ولا بطاركة سياسيين أو دينيين, جيل بلا إيديولوجيات جيل المابعديات, جيل بلا قيادة, والقيادة حتي في الألتراس طوعية وتمثيلية, وتحكمها قيم الألتراس, وليس الجميع من الألتراس, وإنما هم جزء لا يتجزأ منهم. جيل جديد يظهر جليا ويصعد إلي الواجهة ويصوغ لغة وأخلاقيات ومفاهيم وآمال جديدة له ولمصر, أما كتل الشيخوخة في الروح والأفكار والمشاعر, ها هي تعيد لغة موتها المقيم مهما طال الوقت, بينما تنبثق روح مصرنا الجديدة الخلاقة. وللحديث بقية.
المزيد من مقالات نبيل عبدالفتاح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.