جلسوا يعضون أصابعهم من الغيظ وهم يرددون: "مجلس الشعب بدأ يشم نَفَسَه، والإخوان مش هيرحمونا، وكمان انتخابات الرئاسة قربت وإن لم ينجح واحد من رجالتنا فستكون نهايتنا قريبة جدا، وهنضيع فرصة القضاء على الثورة والثوار". ران الصمت عليهم يفكرون فى حيلة تدب الفوضى فى البلد وترعب الناس وتفزعهم.. قال أحدهم: "القتل والدم ونشر البلطجية فى كل مكان.. سرقة وقتل وخطف وسطو مسلح، وبمساندة رجالتنا فى الفضائيات وفى الخارج والداخل نقدر ننشر الفوضى والخوف ونقضى على الثورة وننتقم من الثوار، ونخليهم يولعوا فى بعض، بعدها تتأجل انتخابات الرئاسة ونشكك فى شرعية ووطنية مجلس الشعب، ونزرع الفتن بين الشعب فيخون ويتهم بعضه، وقتها هيتلهى عن المطالبة بالعدالة والديمقراطية والقصاص، ويغرق فى حرب أهلية يمولها رجال الأعمال اللى كونوا المليارات فى عهدنا، ويتمنوا عودتنا لترتفع أرصدتهم ويتجنبوا فيما بعد المطالبة بمحاسبتهم وسؤالهم من أين لك هذا..". أومأ أحد العواجيز المستغرق فى التفكير برأسه المطأطأ، ثم رفع وجهه قائلا: "مباراة الأهلى والمصرى امتى"، فانتبه أحدهم واقفا: "يوم الأربعاء".. رفع العجوز حاجبيه فاتحا عينيه الغائرتين فى وجه المجعد: "هيكون يوم أسود على الشعب والثوار". ابتسم بدهاء الجالس فى أحد أركان الحجرة يفكر، وبدأ يقترب منهم على مهل وهو يعلق يده فى الهواء كالذى يطلب الصمت ليركز فى تفكيره قائلا: "ورجالتنا فى بورسعيد هينفذوا المطلوب بالحرف الواحد بمعاونة الهانم ورجالتنا فى القاهرة.. إيه الخطة؟!"، ووضع أمامه ورقة وقلما، فأمسك الشيطان بالقلم وأخذ يرسم به وهو يتحدث.. "بداية يقوم رجالتنا بنشر ألفاظ معادية لجماهير الأهلى على الفيس بوك والتويتر"، ونظر شزرا لأحدهم وهو يعض بنواجزه على حروف كلمتى (الفيس بوك)، وكأنه يلمح إلى شىء ما.. ثم عاد يتحدث بثقة.. "وبعد نشر التوعد والعداء على النت نكون جهزنا للوقيعة أو بمعنى أدق (موقعة بورسعيد).. وفى أثناء المباراة يندس البلطجية وسط الجماهير رافعين لافتات مكتوب عليها ألفاظ تؤجج الجماهير مثل "بلد البالة ما جبتش رجالة" مثلا، وفى بداية الشوط الثانى تبدأ المناوشات ثم يدخل البلطجية من البوابة الرئيسية بدون تفتيش.. طبعا"، يصمت قليلا وهو ينظر لأحدهم من فوق النظارة المدلاة على أنفه قائلا: "طبعا دى شغلتك يا.."، فيرد بحماس: "سهلة يا باشا..". ويستطرد الشيطان: "بعد دخول البلطجية المدرجات يتجهوا ناحية جماهير الأهلى وبالذات الألتراس، ويقوموا برمى بعض الشباب من أعلى المدرجات، ولازم يكونوا من الشباب، وقول للى هيمول البلطيجة يعطوا كل بلطجى عشر تلاف جنيه على كل راس.. خمسة قبل والباقى بعد، حتى يتشجعوا ويحصدوا أكبر عدد من الأرواح، ونحرق قلوب الشعب والثوار وندفعهم إلى الصدام مع الشرطة والجيش، ونشعل ثورة تانية نستغلها فى إشاعة الفوضى والرعب فتتحول شوارع (المنكوسة) إلى ساحة قتال وحرب أهلية، وقتها نجد فرصتنا فى القضاء على الثوار بتدخلات خارجية ومساعدة بعض الدول الصديقة لنا عربيا وغربيا". انتفض أحدهم قفزا فى الهواء فرحا بالمخطط الخسيس: "يخرب بيت دماغك يا باشا" فنظرت له عصبة الشر بزهق وقرف، وقال أحدهم "هو دا اللى انت فالح فيه.. كمل يا باشا".. "وبعد انتهاء المباراة ينزل أرض الملعب كل البلطجية بأسلحتهم يقتلوا أى حد يقابلهم، ويا سلام لو عرفوا يقتلوا أى حد من لعيبة الأهلى"، ثم ينتبه "أه قولوا لرجالتنا يعطوا للبلطجية على كل راس لاعب خمسين ألف جنيه.. وعندما تسقى الدماء أرض الملعب هيحدث رعب وكر وفر بين الجماهير والكل هيتجه ناحية الأبواب للهروب هيلاقوها مغلقة باللحام والحديد فيعودوا للملعب وتصبح مجزرة". "هيقولوا يا باشا الجيش والشرطة ما حموش الجماهير ليه"، قال بمكر: "هيقولوا.. لكن الشرطة والجيش عندهم المبرر.. وهيقولوا لو تدخلنا هتقولوا الجيش والشرطة همه اللى قتلوا.. ووسط الاتهامات يقع الشعب مع الجيش والشرطة.. واللى هيحصل بعد هذه الليلة هو خروج الشعب للميادين من تانى، ووقتها اللعب هيحلو عندما نزرع رجالتنا بين الثوار ليحرضوهم على مهاجمة مبنى وزارة الداخلية للثأر وحرق المبانى الحكومية.. واقتحام السجون وأقسام الشرطة وكله يضرب فى كله وتعم الفوضى البلد.. ولابد أن نحرص هذه المرة على استمرار الفوضى وتأجيج الأحداث.. وطبعا دا سهل عن طريق قنواتنا الفضائية ورجالتنا المخلصين فيها وفى كل قطاعات الدولة". انطفأ نور المصباح المدلى من سقف الحجرة وبدأ كل واحد من عصبة الشر يمشى فى اتجاه.. هذا المخطط الشيطانى لا يهمنا أين جرت أحداثه، قد تكون فى حجرة مغلقة داخل مكان سرى أو داخل إحدى زنازين سجن طرة أو فى إحدى المؤسسات الأمنية أو على أحد المقاهى، وقد تكون فى دولة أخرى أو أى مكان فى العالم، ما يهمنا هو أن نعرف أن هناك من يخطط لسقوط الدولة، وهناك من يمول وينفذ، والشعب والشباب ومصر هم وقود المعركة. لحظة: حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن خطط ودبر وشارك ونفذ وقتل زهرة شباب مصر. المزيد من مقالات على جاد