برلمانية أوكرانية: خسارة أوكرانيا لمدينة أوجليدار مسألة وقت    بايدن يؤكد عدم اتخاذ أي قرار بشأن السماح لكييف بضرب العمق الروسي    موعد مباريات اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024.. إنفوجراف    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    إعلام عبري: الشاباك ينفي تقارير عن مقتل السنوار    اليوم.. فصل الكهرباء عن 5 قرى بمدينة نقادة بقنا    ستوري نجوم كرة القدم.. رسالة صلاح لأحمد فتحي.. احتفال لاعبي الأهلي.. غالي في الجيم    ملف رياضة مصراوي.. قميص الزمالك الجديد.. مدرب منتخب مصر للشباب.. منافس الأهلي في إنتركونتيننتال    محاميهم يكشف مستجدات زيارة فتوح لأسرة الضحية.. وموقف شكوى التوأم ضد المصري    عملوها الصغار ووقعوا فيها الكبار، مصرع شخص في مشاجرة بالشوم بالأقصر    مصدر مطلع: مؤتمر صحفي لوزير الصحة من أسوان الاثنين    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    الزراعة: تغير المناخ السبب في ارتفاع أسعار الخضروات والفاكهة بنسبة 80%    ماذا سيعلن وزير الصحة من مؤتمره الصحفى بأسوان اليوم؟.. تفاصيل    إعلام عبري: قرار أمني بالتصعيد التدريجي ضد حزب الله دون دخول حرب شاملة    إنفوجراف| حصيلة 350 يومًا من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد افتتاح مهرجان حصاد أرز الجفاف"عرابي 3"    هل يلوث مصنع كيما مياه النيل؟.. محافظ أسوان يجيب    نائب محافظ قنا يشهد بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز قاتل على الإنتر    قائمة الفرق المتأهلة لدور المجموعات لدوري أبطال إفريقيا    إعلامي مفاجأة.. سيف زاهر يُعلن بديل أحمد شوبير في «ملعب أون تايم»    رقم مميز جديد لبرشلونة في الدوري الإنجليزي    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الأخير.. سعر الذهب اليوم الإثنين «بيع وشراء» بالمصنعية (تفاصيل)    بعدما سجل سعر الكرتونة 190 جنيها.. «بيض السمان» بديلا عن الدواجن    قاد سيارته داخل مياه البحر.. القبض على سائح مصري بمدينة دهب في حالة سكر    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: ظاهرة جوية وصفتها الأرصاد ب «الخطيرة»    انتداب المعمل الجنائي لفحص آثار حريق منزل بالجيزة    محافظ أسوان: لا إلغاء لأي فوج سياحي.. وأحمد موسى يطالب بمحاسبة مروجي شائعات الوفيات    أستاذ علوم سياسية: تفجير إسرائيل لأجهزة البيجر بجنوب لبنان ضربة غير مسبوقة    أتلتيكو مدريد يخطف تعادلا مثيرا من رايو فاليكانو في الدوري الإسباني    محمد عدوية وحمادة الليثي.. نجوم الفن الشعبي يقدمون واجب العزاء في نجل إسماعيل الليثي    أحمد نبيل باكيا: "تعرضت لأزمة وربنا رضاني بصلاة الفجر"    جيش الاحتلال: صفارات الإنذار تدوى بمنطقة بيسان بعد تسلل مسيرة أطلقت من العراق    فريدة الشوباشى: الدولة تدرب وتؤهل الشباب للعمل وتتعاون مع المجتمع المدنى    أحمد بتشان يطرح كليبه الجديد "قتال" من اليونان    حدث بالفن| اعتزال فنان وآخر يعود لطليقته وأزمة بسبب فيلم أوراق التاروت    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    مصدر حكومى لإكسترا نيوز: مؤتمر صحفى لنائب رئيس الوزراء ووزير الصحة اليوم فى أسوان    وكيل «صحة الشرقية» يجتمع بمديري المستشفيات لمناقشة خطط العمل    حملة 100 يوم صحة تقدم أكثر من 82 مليونا و359 ألف خدمة مجانية في 52 يوما    بالصور .. الأنبا مقار يشارك بمؤتمر السلام العالمي في فرنسا    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة جماعة مع زوجي؟.. سيدة تسأل والإفتاء تجيب    محمود سعد: الصوفية ليست حكراً على "التيجانية" وتعميم العقاب ظلم    محافظ أسوان يكشف مفاجأة بشأن الإصابات بالمستشفيات.. 200 فقط    رئيس جامعة بنها يستقبل وفدا من حزب حماة الوطن    رئيس جامعة أسيوط يستجيب لأسرة مواطن مصاب بورم في المخ    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    استبعاد مديري مدرستين بمنطقة بحر البقر في بورسعيد    رئيس جامعة حلوان يشارك في مؤتمر دولي بفرنسا لتعزيز التعاون الأكاديمي    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    لهذه الأسباب.. إحالة 10 مدرسين في بورسعيد للنيابة الإدارية -صور    بداية فصل الخريف: تقلبات جوية وتوقعات الطقس في مصر    انتظام الطلاب داخل مدارس المنيا في أول يوم دراسة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسبوع صاخب
نشر في التحرير يوم 29 - 08 - 2011

ثلاثة..!.. يرحل هذا الأسبوع الطاغية الثالث فى قائمة الطغاة الذين ضيعوا أوطانهم ثم ضيعوا أنفسهم قبل أن يضيعهم أبناؤهم. التشبث بالسلطة وحلم التوريث الذى دشنه بشار الأسد والاعتقاد أن الشعوب جثث هامدة غبية.. كل هذا لم يكن مقامرة حكيمة. دعك بالطبع من التمثيلية السخيفة التى كان القذافى يلعبها هو وابنه، عندما ينتقد الابن طريقة أبيه فى الحكم ويحاول الإصلاح.. كأنهما ليسا نفس الشخص.
أذكر ذلك السيرك الشعبى الذى دخلته فى المولد فى طفولتى، وكان مقدم العرض يقول: «الآن مع الساحر الليبى». ثم يغير من لهجته ليتكلم بلهجة يعتقد أنها ليبية ويقدم الفقرة التالية بذات الثياب وذات الوقفة. من العجيب أن القذافى وولده كانا يلعبان ذات لعبة الساحر الليبى هذه.. واحد يحكم وواحد ينتقد، على أن القذافى على الأقل كان ظريفا ورحيله خسارة أكيدة لفن الكوميديا.
هل تذكر قيام القذافى بتسليم أسرار عسكرية نووية لا قيمة لها فى ذات الأسبوع الذى اعتقل فيه صدام حسين؟.. نوع من إثبات حسن النية -والجبن- لا داعى له. كأنه يقول بصوت عال: تعلمت الدرس من رأس الذئب الطائر يا مولاى.. مافيش معايا حشيش يا باشا والله العظيم....
كنا نقرأ هذه الأخبار ونرى الرجل، فنتساءل: كيف يتحمل الشعب الليبى العظيم هذا كله؟.. الرجل يلغى الصيام على مزاجه، ويغير فى موعد عيد الفطر، ويبدد ثروات ليبيا كلها فى مغامرات عجيبة يعتقد أنها ثورية، ويعلن الحرب على سويسرا، لأن ابنه أهين هناك، ولا يكف عن إعلان نظرياته المخبولة.. كنت أتساءل: كيف يتحمل الليبيون هذا كله، ثم أتذكر أننا فى الهواء سواء ونحن فى مصر نتحمل هذا وألعن منه! إن الشعوب العربية تملك أغرب عينة من الحكام فى التاريخ، حتى إننا لنكون ثروة لو سمحنا للعالم المتحضر برحلات أسبوعية بتذاكر لرؤية هذه العاهات. لقد رأينا ما تحمله هذه الشعوب جميعا من حب لحكامها، وكيف هى على استعداد فى أى لحظة لتحطيم التماثيل وتمزيق الصور.. فلا يخدعن حاكم نفسه أو الغرب بصور الجماهير التى تهتف له، فعلى الأرجح يكون الواقع هو العكس بالضبط.. على أننى ما زلت أجد القذافى لغزا يهين معلوماتى الطبية، فهذه الشخصية المصابة بالبارانويا، وهذا الوجه المنتفخ عديم التعبير تماما كأنه قناع محشو بالقطن... لا شك أن هناك اسما لهذه المتلازمة، ولا شك أن البروفيسور فلانا لو رآه لوجد أنها حالة كلاسيكية من مرض مش عارف إيه كده.. بالنسبة لى لا أعرف سوى مرض باركنسون الذى يسبب هذا الوجه الشبيه بقناع، لكن باقى علاماته غير موجود. ربما كان يأخذ جرعة عالية من الكورتيزون لكن لأى سبب؟
دعونا من هذا الجدل الطبى ولنحمد الله على رحيل الثالث. لقد تم الالتحام الجغرافى لأراضى الثورات الثلاث. ندعو الله كذلك أن يحفظ هذه الثورة من الاضطراب والصراعات.. إنها ثورة مسلحة بالكامل وهناك خلفيات قبلية أعقد من أن نفهمها، لهذا يمكن أن تفلت الأمور بسهولة تامة. سوف نعرف سريعا هل كان القتال الدموى هو الحل الأمثل لنا أم لا.. هل سوف نحسد الثوار الليبيين أم يحسدوننا هم؟ الحدث الآخر المهم هذا الأسبوع هو ما حدث فى سيناء..
هذا الحدث يقول لنا عدة أشياء:
اتفاقية كامب ديفيد اتفاقية حمقاء ورطت مصر فى وضع لا تحسد عليه. يجب أن نفكر خارج الصندوق وأن نكف عن المسلمات المدرسية السخيفة الجديرة بكتب التربية القومية. سيناء لم تعد كاملة لينا إلا فى الأغانى، وكما يقول محمد إبراهيم كامل فى كتابه المهم (السلام الضائع فى كامب ديفيد)، فإن تعمير مدن القناة وسيناء مطلب إسرائيلى أصلا لتظل سيناء رهينة لدى إسرائيل. بعد هذا سيفكر أى حاكم مصرى مرارا فى خطورة الحرب. معناها تدمير هذه المدن والاستثمارات وجيش من المهاجرين يجب العثور على مأوى له. فى الوقت نفسه أنت عاجز عن حماية رقعة من الأرض تخصك، وهكذا تنتشر فيها الفوضى، بينما يقدر الإسرائيليون على أن يدخلوا ويخرجوا ويقتلوا من يشاؤون مع لفظة اعتذار عابرة (حتى هذه رأى باراك أنها كثيرة علينا).
كان محمد إبراهيم كامل وزير خارجية السادات، وكان يرى أن المبادرة عمل ممتاز ذكى، حتى رأى كامب ديفيد وكيف تدور المفاوضات هناك، مما جعله يستقيل. لقد رأى أن السادات يتصرف باستعجال غير عادى وبلا تدقيق.. يرى الاقتراح فيوافق عليه بعد قراءة سريعة، بينما يقضى الإسرائيليون أياما فى قراءة هذه الفقرة وتلك الفقرة وتعديل تلك الكلمة.. يحب التعامل وحده بعيدا عن فريق الدبلوماسيين المصريين الرائعين الذين كان بينهم أسامة الباز وبطرس غالى، مما جعل كارتر يقول: السادات متساهل لكنه محاط بالصقور، بينما بيجين صقر محاط بالحمائم. كان السادات يتصرف وحده ويوقع الأوراق وحده دون أن يعرف أحد ما الذى يوقعه بالضبط.. والسبب أنه كان يعرف حجم تنازلاته التى لا يمكن أن يقبلها أحد، لكنه كان نافد الصبر يرغب بسرعة فى أن يجنى ثمار المبادرة (ويفرقع المؤتمر) كما قال. دعك من ضعفه الطبيعى أمام توسلات كارتر له. رئيس أكبر دولة فى العالم يتوسل له أن يقبل شروط بيجين المجحفة حتى لا تضيع منه الانتخابات. لدرجة أن محمد كامل قال للسادات: لعنة الله على كارتر وعلى أبيه.. نحن نضيع العالم العربى كله من أجل عيون كارتر.. وكتب فى موضع آخر: السادات فى حالة عصبية غير طبيعية. لا أثق به كى يتولى مسؤولية أسرة من أربعة أفراد فكيف أثق به وهو يتولى مسؤولية وطن كامل؟!
فى النهاية تمت الاتفاقية التى حددت مصير مصر لمدة مئة عام.. وها نحن أولاء نجنى الثمار.. نجنيها على دماغنا ودماء جنودنا. ثم يأتى بعد هذا من يتكلم عن عبقرية السادات التى أعادت لنا سيناء، وبُعد نظره الذى سبق العرب بقرون.. لقد منح السادات إسرائيل أكثر من ثلاثين عاما من السلام تتطور فيها وتتقدم وترسخ نفسها اقتصاديا، وتفعل ما تريد دون رد.. وبالطبع لم يكن نظام مبارك سوى امتداد لنظام السادات. دعك من تدمير مصر من الداخل بلا توقف بحيث لا تقوم لها قائمة أبدا.
ليس الحل الآن هو الحرب أو التورط فى مغامرة عسكرية، فالأمر لا يتعلق بخناقة فى المدبح نحشد لها العصى والسنج. نفس الخطأ الذى ارتكبه عبد الناصر عام 1967 عندما ترك لتيار الحماسة أن يجرفه وهو غير مستعد (لاحظ أن أغانى الستينيات التى تهدد الاستعمار عادت تتردد، وهذه علامة مقلقة!) فيما بعد كتب العظيم أحمد بهاء الدين أن حربنا مع إسرائيل حضارية بالدرجة الأولى.. ولا يمكن كسبها بالسلاح وحده. دعك من أن الدولة ما زالت مفككة ولم تستعد تماسكها بعد، فليس من الحكمة أن تفتح جبهة جديدة.. -دولة يقوم جيشها بعمل الشرطة!.. سوف نهزم إسرائيل يوم ننفق على البحث العلمى قدر ما تنفق هى، ويوم تكون هناك ديمقراطية حقيقية، ويوم يكون هناك تعليم حقيقى، ويوم نزرع قمحنا ونصنع سلاحنا.. سنهزم إسرائيل يوم يكون لنا حاكم يؤمن بأنه خادم شعبه مثل نتنياهو وشارون وبيريز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.