أصبح الشارع المصري أسيرا لقبضة الخوف, فقد تصاعدت وتيرة أعمال العنف خلال الفترة الأخيرة, وفرضت حالة من الخوف نفسها علي الناس, وانتشر الحديث عن قصص السطو المسلح وأعمال البلطجة, بعد موجة الجرائم المتلاحقة التي شهدتها البلاد خلال الأيام القليلة الماضية. وسط توقعات ومؤشرات ترشح أنها ستزداد في الأيام المقبلة من خلال سيناريوهات وفتن تستهدف إشاعة الفوضي في مختلف نواحي الحياة المصرية.. ولعل سيناريو الفوضي الكارثي الذي شهده إستاد مدينة بورسعيد مساء الأربعاء الماضي والذي راح ضحيته77 شهيدا وأكثر من300 مصاب أكبر مؤكد لهذه النبوءة. لقد أصبحت كل القواعد منتهكة الآن, وكل شخص يتعامل مع نفسه باعتباره دولة قائمة بذاتها لها قانونها الخاص.. فأغلب القوي السياسية التي خاضت الانتخابات وخسرت كان عليها أن تعترف بشرعية البرلمان حتي لو لم تتواجد فيه, ولكنها قررت إفساد اللعبة السياسية بالكامل. و لقد فهمنا أن ثمة استياء وامتعاضا من جانب البعض إزاء النتائج التي أتت بأغلبية الإسلاميين, وأن هناك تسريبات أرجو ألا تكون صحيحة تحدثت عن اتفاق وجهات النظر بين الذين فشلوا في الإنتخابات والعناصر المتحمسة أو المهيجة بين الشباب علي التصعيد الذي يوصل الأمور لحافة الخطر بدعوي استكمال الثورة. هنا لابد أن نلقي الضوء علي عدة ظواهر أولها الثروات التي هبطت فجأة علي قيادات عديدة دخلت حديثا الساحة السياسية, وحجم ومصادر الأموال السائلة التي فاضت في البلاد في الآونة الأخيرة. وثانيها: إن كل من له صوت مسموع أو كلمة مكتوبة يهلل لما يفعله الثوار دون تحفظ, بينما تحتاج كثيرا من الأمور إلي إمعان النظرمن أجل هذا الوطن ومستقبله.. فلقد بلغ الشطط ببعض المقترحات المتعلقة بتسليم السلطة حدا ينتمي إلي عالم اللامعقول مثل التسليم الفوري للسلطة لرئيس مجلس الشعب, ولا أدري كيف تبني ديمقراطية ابتداء بالجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ؟! غير أن أعجب المقترحات كان يقضي بقيام الثوار لا أدري أي ثوار بانتخاب مجلس رئاسي من نحو خمسة وخمسين عضوا يتسلم السلطة, وهو ما لم أسمع به او اقرأ عنه في جميع التجارب الأخري. في النهاية نحذر من العناد و تربسة الدماغ عند كل الأطراف لأن ذلك سيقودنا إلي هاوية سحيقة, وفي نفس الوقت نقول بملء ضميرنا الوطني إن المسئول يبقي دائما رهن مشيئة الوطن وليس العكس.. فلا يمكن استمرار سياسة الأيدي المرتعشة التي يترك بها القائمون علي الأمن البلطجية يحطمون منشآت الحلم النووي المصري في الضبعة, ويتغافلون عن عمليات قطع الطرق في طول مصر وعرضها بسبب وبدون سبب, ويرون الدولة تتآكل شيئا فشيئا دون أن يحركوا ساكنا! [email protected] المزيد من أعمدة محمود المناوى