استفزنى أحد المهيجين الذين حصلوا، للأسف، على عضوية مجلس الشعب، وهو يعلق على “المذبحة” التى جرت عقب مباراة الأهلى والمصرى، فى مداخلة مع إحدى الفضائيات حيث قال: إن الحل لما حدث هو سرعة تسليم المجلس العسكرى البلاد لسلطة مدنية..!! فرد عليه المذيع متسائلاً بقرف: دا كلام؟! يسلموها لمين..؟! وبعدين ماذا ستفعل السلطة المدنية إزاء مؤامرة إثارة الفوضى فى البلاد..؟! ولم يعلق عضو مجلس الشعب المحترم بل تلعثم وأنهى المداخلة..! وما قاله هذا العضو وغيره من المهيجين هو خلط واضح وفاضح للأمور فهم يختزلون كل القضايا فى قضية واحدة ومطلب واحد فقط وهو أن يترك المجلس العسكرى زمام الأمور فوراً ويسلم البلاد للمجهول.. لا يهم من سيدير الأمور ولا كيف ولا ماذا سيحدث بعد ذلك.. المهم أن يتم تنفيذ المطلب العبقرى للجهابذة الأفاضل.! وأنا شخصياً أرى أن القضية ليست مجرد حادثة شغب فى مباراة عادية لكرة القدم فى الدورى العام، بل هى جزء من مخطط لإسقاط الدولة وإشاعة الفوضى، فهناك صلة وثيقة بين مجزرة بورسعيد وحادث السطو المسلح على بنك فى التجمع الخامس.. وحوادث السطو الأخرى على مكتب بريد حلوان، وعلى سيارات نقل الأموال.. وأخيراً محاولة اقتحام وزارة الداخلية لا أدرى لماذا؟! نعم هناك علاقة وثيقة بين كل هذه الأحداث والحوادث، وبين ما يحدث أمام ماسبيرو، وما حدث أمام مجلس الوزراء، وفى شارع محمد محمود.. فالهدف واحد.. والمخطط واحد هو زعزعة استقرار وأمن وأمان هذا البلد.. وأعتقد أن أعضاء مجلس الشعب الموقر كانوا جميعاً على درجة كبيرة من الوعى بحيث إنهم لم يتطرقوا لمناقشة أحداث مجزرة بورسعيد البشعة من منظور رياضى، بل من منظور سياسى حيث أجمعوا على أن ما حدث هو مؤامرة مدبّرة بليل لإسقاط هيبة الدولة، وإشاعة الفوضى، وترويع الآمنين. يستوى فى ذلك أن يحدث الترويع فى استاد رياضى، أو بنك، أو مكتب بريد أو شارع.. والسؤال البسيط هو: أليس غريباً أن تحدث كل هذه الحوادث فجأة بعدما شعر المواطن البسيط بأن رجال الشرطة قد عادوا إلى الشارع بقوة، وبدأوا يفرضون سيطرتهم على مجريات الأمور، بعد أن ظلوا طوال عام كامل مغلولى الأيدى.. مفقودى الثقة.. ومحل اتهام من كل الجهات.. حتى من طوب الأرض..؟! أليس غريباً أن يتزامن هذا الانفلات "المفتعل" للأمن مع بدء عمل أول برلمان منتخب "بحق وحقيق" فى تاريخ مصر..؟! وأليس غريباً أيضاً أن يشعلوا البلاد ناراً فى الوقت الذى بدأت تظهر فيه ملامح خريطة طريق مستقبل هذا البلد.. بعد التعجيل بانتخابات الرئاسة.. ووضع دستور للبلاد يُعبّر عن آمال المصريين جميعاً..؟! إن المخطط مشبوه.. والتوقيت أيضاً.. وتصاعد وتيرة الهجوم على قيادات قواتنا المسلحة الباسلة من بعض المشبوهين والمندسين وذيول وفلول النظام السابق هو أيضاً مقصود لأهداف مشبوهة..! إننى أدعو كل مخلص فى هذا البلد إلى أن يعى جيداً حقيقة المخطط الذى يستهدف أمن وأمان مصر.. والذى يستغل واضعوه أية مناسبة، حتى لو كانت "ماتش كورة" عادياً، ليثيروا الفوضى ويروعوا الآمنين، ويهزوا ثقة الشعب فى رجال الأمن والقوات المسلحة سعياً إلى هدم أركان الدولة.. إننى على يقين من أن الشعب المصرى كله الذى رُوِّعته مجزرة بورسعيد قادر على تجاوز جراحه وأحزانه على الشباب "اللى زى الورد" الذين راحوا ضحية لهذه المجزرة الآثمة والذين نحتسبهم شهداء أحياء عند ربهم يرزقون.. حمى الله مصر وشعب مصر.