هل أختفي العقلاء من هذا البلد.. وأين ذهب الحكماء وأصحاب الرأي والمشورة.. وماذا يحدث أمامنا وحولنا.. وإلي أين سيصل بنا الحال.. ومن الذي يملك الحل والإنقاذ.. إن هناك سيناريو يدار ببراعة ومن خلف الستار لخلق حالة الفوضى والعنف تقود الناس إلي معاداة الثورة والترحم علي النظام السابق بدعوى غياب الأمن والاستقرار، وهو سيناريو سيقودنا في النهاية في اتجاه نوع من الحرب الأهلية والصراعات الدموية. فما حدث في ميدان العباسية وما يحدث في ميدان التحرير، وما يمكن أن يحدث يوم الجمعة القادم يؤكد أن كل الاحتمالات وكل السيناريوهات السوداء مطروحة وأن أحدا لا يمكنه التنبؤ بما يمكن أن يقع..! فهناك حملات شحن وتعبئة ضد ثوار التحرير، وقد أنعكس ذلك في ميدان العباسية عندما انهالت الحجارة من بعض المنازل علي مسيرة الثوار وعندما تحركت بعض اللجان الشعبية من أهالي المنطقة للتصدي للمسيرة وإيقاف تقدمها والاشتباك معها.. ولا يجب تصوير الأمر علي أنه تحرك من بعض البلطجية لضرب الثوار، فالبلطجية لا يتحركون وحدهم.. ولا يملكون فكرا أو هدفا..، ولكن هناك من يستخدمهم ويوظفهم جيدا في إطار تصوير الأمر علي أنه نوع من الرفض الشعبي أو كراهية عدد من المواطنين لسلوك الثوار واستمرار الاعتصامات. ويغذي هذا التحرك المضاد المواجه للثوار تنامي الركود الاقتصادي وتوقف حركة السياحة وزيادة أعداد المتضررين من إغلاق الطرق وتوقف حركة البناء والتشييد في قطاع المقاولات بكل ما يعنيه ذلك من متاعب حياتيه علي ملايين الأسر التي لا تهتم إلا بالحصول علي رغيف الخبز فقط..! ولأن الثورة بلا قيادة موحدة أو منظمة، ولأن هناك عشرات الائتلافات الثورية التي أصبح بعضها يعتقد أنه وحده المتحدث باسم الثورة أو أنه التوريث الشرعي لها، فإن هذا فتح الباب لاختراقات وانشقاقات بين الثوار دفعت البعض منهم إلي التراجع للوراء وترك الساحة للأجنحة المتشددة التي انقادت دون أن تدري تنفذ مخطط أعداء الثورة الذي يهدف إلي تصويرهم علي أنهم السبب في الفوضى وغياب الأمن وتعطيل مصالح الناس. وكان لابد أن تتحرك أطراف أخري للاستفادة من أخطاء الثوار ومن عدم خبرتهم بأساليب المراوغة وسياسة النفس الطويل، فتدخلت فلول النظام الإعلامي السابق لنشر الشائعات والوقائع لتشوية الثوار وإخراجهم عن تركيزهم، وتشهير بهم، والتركيز علي التمويل الخارجي لهم..، وجاءت بعض الجامعات الإسلامية الأصولية لتحاول الإجهاز عليهم بالتأكيد علي أنهم علي استعداد لتطهير ميدان التحرير منهم، وللتأكيد علي أنهم لا ينوون الصدام معهم.. ولكن من يفكر في الصدام عليه أن يتحمل نتائجه..!! وهو تهديد واضح وصريح يعني أن الثوار أصبحوا يواجهون حصارا من أطراف عديدة وأن الثورة التي أرادوها شعبية قد تبدأ في الانقلاب عليهم وربما التضحية أيضا بهم..! وكان لزاما عليهم أن يتحركوا، وأن يخرجوا بالثورة من ميدان التحرير بعد أن أصبحوا شبه معزولين داخله، وأن يتوجهوا إلي العباسية وإلي أماكن أخري قد تكون أكثر تأثيرا وضغطا..! وهو تحرك نخشى أن يكون هناك من خدع الثوار به، لأنه تحرك نحو الصدام مع الشعب، وتحرك يعرض ممتلكات الناس العامة والخاصة للخطر، كما حدث في العباسية من حرق لبعض السيارات في الشوارع الجانبية، وهو تحرك أيضا لا يحمل هدفا ولا يرفع مطالبا معنية بقدر ما جاء كرد فعل لبعض الشائعات المفتعلة التي توقعت ما سيقوم به الثوار وقادتهم إليه. أن القاهرة التي أصيبت باختناقات مرورية قاتلة مساء يوم السبت الماضي بسبب إغلاق ميدان العباسية وما حوله من شوارع راحت تصب لعناتها علي المظاهرات والاعتصامات وكل من يشارك فيها، وهذا هو تماما ما كان يطمع فيه الذين أطلقوا شائعات إثارة الثوار.. وهذا هو الهدف المطلوب لإثارتهم وعزلهم شعبيا وإخراجهم من اللعبة بعد أن تم خداعهم بذكاء ومهارة عندما تم إيهامهم بأن كلمتهم مسموعة وأنهم يشكلون الحكومة..! [email protected]