فى الأوراق القديمة الكثير من الأسرار والأخبار وبعض هذه الوثائق على الرغم من طرافتها الا أنها تكشف لنا الكثير من المعلومات الخطيرة عن حكايات من الماضى البعيد ومنها الوثيقة التى أعرضها هذا الأسبوع والتى يرجع تاريخها الى شهر إبريل عام 1886 وموجهه من محمد ثابت باشا ناظر الداخلية فى ذلك الوقت الى نظارة الأشغال العمومية ، وهذه الوثيقة تعد خطيرة لأنها تكشف الكثير من الأسرار المتعلقة بمعلم من أهم معالم الحضارة المصرية القديمة هو معبد الأقصر الذى كان يطلق عليه فى القرون الماضية إسم ( هيكل الاقصر ) هو أحد أكبر المعابد المصرية و يقع على الضفة الشرقية لنهر النيل في مدينة الأقصر المعروفة باسم (طيبة القديمة). تأسس سنة 1400 قبل الميلاد لعبادة آمون رع وزوجته موت وابنهما خونسو؛ وهي الآرباب التي يطلق عليها أيضا لقب الثالوث الطيبي (ثالوث طيبة). تم تشييد معبد الأقصر في عهد ملوك الأسرة الثامنة عشر، والأسرة التاسعة عشرة. وأهم الأبنية القائمة بالمعبد هي تلك التي شيدها الملكان أمنحوتب الثالث ورمسيس الثانى و تحتمس الثالث و توت عنخ آمون الذى قام باستكمال نقوش جدرانه. ومن ناحية أخرى تعد وثيقة إنسانية لما تحويه من حكاية طريفة بطلها مواطن يُدعى مصطفى أغا عياد وتقول الوثيقة أن مدير قنا بعث للداخلية إفادة قال فيها أنه فى حال صدور أمر الداخلية بصرف ما تقدر من أثمان لإرباب المنازل المقضى إزالتها لكشف هيكل الاقصر (معبد الاقصر) فإنه وردت للمديرية إفادة ممن يدعى مصطفى أغا عياد وكيل دولة إنكلترا (انجلترا) بالأقصر - ما يشبه القنصل - الذى هو أحد أرباب تلك المنازل بطلب صرف ثمن منزله البالغ 290 جنيهاً لإبنه مصطفى وتستكمل الوثيقة لتكشف عن مفاجأة هى أن مصطفى أغا مديون للبنك السوداني بمبلغ 1857 جنيهاً وبناءاً عليه فقد طلبت المالية حجب المبلغ عنه ولكن مصطفى أغا قال أن حالته لا تسمح ببناء منزل مشابه لمنزله الاصلى وأنه لن يسلم منزله الا بعد بناء المنزل الجديد وأكد أن مادة الدين صرف النظر عنها بمقتضى ما صدر من وزارة المالية فى وثيقة سابقة ... وهكذا وقعت الحكومة فى مأزق فلا الداخلية تعرف كيف تتصرف مع المدعو مصطفى أغا الذى يرفض مغادرة منزله قبل الحصول على حقه كاملاً حتى يتمكن من بناء منزل جديد ملائم لمركزه الإجتماعى فى ذلك الوقت وبالتالي يهدد بتوقف الأعمال فى مشروع الكشف عن معبد الاقصر ، مما دعا نظارة الداخلية لمخاطبة نظارة الأشغال العمومية لتخطرها بهذا الموضوع المتشابك وتطلب منها أن يتم التنسيق بين هذه الجهات الثلاثة (الداخلية - المالية والأشغال العمومية) لحل هذه الأزمة وكذا متابعة موضوع تعويض بقية المضارين الذين تقع منازلهم فى حرم المعبد . الجدير بالذكر أن مصطفى أغا وكيل الإنجليز هذا ورد ذكر إسمه بشكل طيب فى مذكرات المرأة الانجليزية النبيلة الليدى دوف جوردون أو ( المرآة التى أحبت مصر ) فى كتابها « رسائل من مصر « حيث قالت أنها التقت به ورأت فيه طيبة وتفانياً فى خدمة الإنجليز على الرغم من قلة دخله وعدم حصوله على أى دعم مادى من الإنجليز مقارنة بباقى الوكلاء فى المناطق المختلفة والذين لا يفعلون شيئاً الا بعد الحصول على ثمنه مقدماً . بقى أن نقول أن معبد الاقصر كان مختفياً تحت تلال من الرمال تكاد تغطى معظمه حتى نهاية القرن التاسع عشر حينما بدأت محاولات الحكومة للكشف عنه بعد إزدياد الوعى بجمال وروعة أثار مصر وخاصة بعد ظهور شخصيات أجنبية مقربة من ولاة وباشاوات مصر أمثال مارييت باشا الفرنسي الذى وقع فى حب مصر وإستمات فى الدفاع عن أثارها مما دفع الحكومة الى تبنى مشروع الكشف عن المعبد وتعويض المضارين ... الى هنا وانتهت الوثيقة ولم نعرف ماذا فعلت الحكومة مع مصطفى أغا وهل سلمته المبلغ أم سلمته للبنك ليخصم من مديونيته ولكن كل ما نعرفه أنه تمت إزالة الرمال وإماطة اللثام عن واحد من أروع المعابد المصرية.