فايز فرحات: تمثيل كل الفئات من المواطنين يتحقق بتعدد آليات النظام الانتخابي    "بداية جديدة" تطرق أبواب مدارس الجيزة بفعاليات ثقافية وفنية متنوعة    طقوس روحانية.. مريدو إبراهيم الدسوقي يتوافدون على مقامه احتفالا بمولده |شاهد    منتدى حوار الهيئة الإنجيلية يعقد جلسة تشاورية بحضور رئيس الطائفة    متابعة ميدانية على محطات الوقود ومستودعات الغاز والمخابز بدمياط    شعبة الاستثمار العقاري تكشف أهمية التسويات المالية بين أعضاء البريكس بالعملات المحلية    ليلة ليلاء على الاحتلال، حزب الله يكبد إسرائيل خسائر في العتاد والأرواح (فيديو)    رئيس الاستطلاع الأسبق يوضح تفاصيل لطائرة مسيرة محملة بالمتفجرات داخل إسرائيل|فيديو    البيت الأبيض يؤكد إرسال كوريا الشمالية قوات إلى روسيا    أول رد من أحمد سليمان على صورة في أحد الحفلات رغم أزمة ثلاثي الزمالك    "الشباب والرياضة" تنظم ورش توعية بيئية للنشء تحت شعار جيل الأمل بالمحافظات    تحقيقات موسعة في إصابة طفل سقط من نافذة مدرسة بالدقي    مصرع طفل دهسته مركبة مجهولة أمام المنزل في الوادي الجديد    وزير الثقافة يكلف بتشكيل لجنة لبحث تنشيط دور المركز القومي للمسرح    ندوة عمارة المسجد النبوي الشريف عبر العصور بمكتبة الإسكندرية    الذكاء الاصطناعى طبيب نفسى: جيد لكن روشتة علاجه مرفوضة    خلافات بينهما.. التحقيق مع المتهم بالشروع بقتل شاب في العجوزة    بعد قليل.. بدء العرض الخاص لفيلم «المخفي»    كان المُلهم والمُعلم.. محمد ثروت يستعيد ذكريات لقائه ب الموسيقار محمد عبدالوهاب (صور)    مواليد بعض الأبراج في ضائقة مالية خلال النصف الأول من شهر نوفمبر.. نصائح فلكية    يونج بويز ضد الإنتر.. طارمى وأرناوتوفيتش فى هجوم العملاق الإيطالى    الأزهر الشريف يعقد ندوة تحت عنوان «أمانة الفتوى وأثرها في الاستقرار المجتمعي»    أمين الفتوى: هذه من أفضل الصدقات الجارية عن الميت    وزير الدفاع الأمريكي: تقاعس إسرائيل عن حماية المدنيين في غزة قد يؤدي إلى رد فعل عنيف يمتد لأجيال    رئيس جامعة المنصورة يتابع عددًا من المشروعات بقطاعي التعليم والمستشفيات    إعلام عبرى يكشف تفاضيل زيارة بلينكن لتل أبيب    يوسف الشريف يشارك في ندوة نقاشية بمهرجان الجونة السينمائي    الحكومة توافق على مشروع قانون بتنظيم المراكز الطبية المتخصصة    المؤبد وغرامة 100 ألف جنيه لتاجر مخدرات في الخانكة    لتغيبه عن العمل.. محافظ البحيرة تقرر إقالة مدير الوحدة الصحية بقرية ديبونو    بعد إعلان المسموح لهم دخول الامتحان.. خريطة المواد الدراسية للثانوية العامة    مصرع شاب وإصابة طفلين بانقلاب «توكتوك» في مصرف مائي ببني سويف    هاريس وترامب .. صراع البيت الأبيض في الأيام السوداء    «تمريض القاهرة» تنظم ندوة حول انتصارات أكتوبر وبناء المستقبل    وزيرة التضامن تشارك في جلسة رفيعة المستوى حول برنامج «نورة»    الغنيمى يدعم سلة سموحة قبل بدء الدورى الممتاز    كوكو حارس سيراميكا: مباراة بيراميدز ليست سهلة وسنلعب للفوز ببرونزية السوبر    عامر حسين: نفكر في إقامة كأس مصر بنظام الذهاب والعودة    هاني عادل ضيف «واحد من الناس» على قناة «الحياة»    صلاح السعدني.. صدفة منحته لقب «عمدة الدراما»    «زيارة مفاجئة».. وزير التعليم يتفقد مدارس المطرية | تفاصيل    الشكاوى الحكومية: نتلقى 13 ألف مكالمة يوميًا    «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا».. موضوع خطبة الجمعة القادمة    الضرائب تكشف تفاصيل حزم التيسيرات الجديدة    منصة تشاركية مناقشاتها بناءة.. الحوار الوطنى يطلق استمارة لتقييم سير وتنظيم جلساته.. ويجيب على تساؤلات الرأى العام بشأن قضية الدعم    السجن عام مع إيقاف التنفيذ لسائق بتهمة التعدي على أرض آثار بقنا    محافظ المنيا: تقديم خدمات طبية ل 1168 مواطناً خلال قافلة بسمالوط    وزير الصحة يشهد جلسة حوارية حول التعاون لضمان حصول الجميع على الدواء بأسعار عادلة    إعادة تأهيل 60 منزلا في قريتي الروضة 45 والوفاء والأمل بالإسكندرية    بحث استخدام العملات المحلية.. جارديان: قمة "بريكس" تعكس فشل الغرب فى عزل موسكو    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    التعليم تعلن تفاصيل امتحان العلوم لشهر أكتوبر.. 11 سؤالًا في 50 دقيقة    اليوم.. النادي المصري يلتقي شباب المحمدية بالمغرب    «العمل» تُحذر المواطنين من التعامل مع الشركات والصفحات وأرقام الهواتف الوهمية    ارتفاع أرباح بيكر هيوز للخدمات النفطية خلال الربع الثالث    ترحيل ثلاثي الزمالك شلبي ودونجا وعبدالواحد السيد اليوم .. تفاصيل    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    حسام المندوه يكشف سبب تأخر بيان الزمالك بشأن أزمة الثلاثي |تفاصيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تركيا والولايات المتحدة‏..‏ مكافأة نهاية الخدمة
بقلم :السفير علي محسن حميد
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 03 - 2010

بعد عقود من علاقات تحالف وثيق كانت تركيا فيها طرفا مشاركا في السياسات الداعمة لمصالح الولايات المتحدة واستراتيجياتها الكونية في المنطقة وخارجها في إطار حلف الأطلسي وأحلاف إقليمية ووقوفها مع واشنطن في الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي ودورها المحوري في الحرب الباردة ومشاكتها في حرب أفغانستان الآن‏,‏ ها هي تركيا تعامل من قبل لجنة الشئون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي باستخفاف وبدون أدني تقدير لخدماتها للولايات المتحدة طوال ستين عاما‏,‏ عزلت نفسها في معظمها عن جوارها الذي كان يتوجس منها ويراها حليفا لإسرائيل وليس للولايات المتحدة وحدها‏..‏ وبعد أن أقرت هذه اللجنة بأغلبية صوت واحد اعتبار ما حدث للأرمن في الحرب العالمية الأولي ومابعدها مذبحة قد تجد تركيا نفسها إذا لم يقف الأمر عند حد التصويت الذي ينذر بعواقب وخيمة عليها‏,‏ أخلاقيا وسياسيا وماديا‏,‏ مضطرة ومن باب حفظ المصالح الوطنية والكرامة الي مراجعة علاقات التحالف الوثيقة مع واشنطن لأن هذا القرار الذي لا يزال في مراحله الجنينية الأولي سيكبر ككرة ثلج ولن يتوقف عند سقف معين‏.‏
قد يكون من أسباب تبني هذا القرار الذي عبرت الإدارة الأمريكية عن معارضتها له وحذرت من تأثيراته السلبية علي علاقاتها مع أنقرة التحولات في السياسة الخارجية التركية وانفتاحها علي سوريا التي لا تقيم واشنطن معها علاقات تتسم بالنزاهة‏,‏ وموقف تركيا من مجمل القضية الفلسطينية بما في ذلك حرب إسرائيل الوحشية ضد فلسطينيي غزة‏,‏ وتطور علاقاتها مع روسيا وتوقيعهما اتفاقا لإنشاء خط أنابيب نابوكو الذي سينقل الغاز الروسي الي أوروبا وهو أمر أثار استياء واشنطن وبعض دول الاتحاد الأوروبي التي تريد حرمان روسيا من أحد مكونات قوتها الاقتصادية‏.‏ المذبحة كمفردة لغوية تثير حساسية واضحة لدي تركيا‏.‏ وقضية الأرمن كانت قيد النقاش في لجنة الشئون الخارجية عام‏2009‏ وكانت قضية مفتوحة للوبي الأرمني منذ سنوات عديدة‏.‏
أتذكر أن دبلوماسيا سوفيتيا من أصل أرمني حدثني عن هذه القضية عام‏1980‏ في دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة‏,‏ بما يعني أن هذه القضية هي قضية كل الأرمن‏,‏ وأن استقلال أرمينيا عن الاتحاد السوفيتي عام‏1991‏ بعد تفكك كيانه خلق كيانا سياسيا قادرا علي إثارتها في هيئات محلية ودولية‏.‏ والقلق التركي غير المبالغ فيه هو أن مايناقش في الكونجرس من السهل أن ينتقل إلي الأمم المتحدة إذا كان ذلك يخدم المصالح الأمريكية‏.‏ قد يري البعض أن إسرائيل تقف بصورة أو بأخري وراء قرار لجنة مجلس النواب في ضوء توتر العلاقات التركية الإسرائيلية وابتعاد أنقرة التدريجي عن وضع الحليف القريب مع إسرائيل وتقاربها مع دول الجوار وبالأخص سوريا‏.‏
الحقيقة أن من السابق لأوانه القطع بذلك لأن التوتر في العلاقات الإسرائيلية التركية لم يصل حد القطيعة وأن كلا من تل ابيب وأنقرة تلعبان أوراقهما جيدا وأن إسرائيل تتطلع إلي حدوث تغيير في نظام الحكم تأتي به الانتخابات التركية القادمة يبعد تركيا عن محيطها ويعيد الأمور بين حليفي واشنطن الإقليميين الي سيرتها الأولي‏.‏ هذا بالإضافة إلي أن إسرائيل ويهود العالم يقاتلان باستماتة لإدامة واستمرار احتكار المعاناة والظلم الإنسانيين‏.‏
حقا ليس من السهل علي الحكومة والمؤسسة العسكرية أن يقبلا بهذا القرار الذي سيوظف كعصا تلوح بها واشنطن ضد انقرة كلما اقتضت مصالحها ذلك‏,‏ وقد يكون من أهدافه الخفية تقوية المؤسسة العسكرية لكي تضغط علي حكومة أردوغان للتخفيف من اندفاعها غير الودي إزاء إسرائيل‏.‏ وكل ما تطمح اليه تركيا الآن هو أن تمكن الإدارة الأمريكية من وأد القرار في مهده وألا يطرح للنقاش في مجلس النواب بكامله‏,‏ ثم في مجلس الشيوخ ثم يتحول الي سياسة خارجية يكون من السهل علي أي إدارة أن تتبناها‏.‏ الرئيس أوباما أسرف في المزاد الانتخابي كسابقيه في وعوده للأرمن بالاعتراف بمحرقتهم غير مدرك لمدي الأذي والضرر الذي يلحقه بعلاقات بلاده وبمصالح الآخرين عندما يحين وقت تحويل الوعود إلي سياسات‏.‏ بدايات التحول الأمريكي ستدفع تركيا إلي لعب أوراقها‏,‏ وهي كثيرة كسحب‏1700‏ جندي من أفغانستان‏,‏ والنظر في التسهيلات التي تقدمها وستقدمها للولايات المتحدة في العام القادم عندما تسحب قواتها من العراق‏.‏ في‏1975‏ أدركت إسرائيل ما لم يدركه غيرها من حلفاء الولايات المتحدة المطمئنين إلي ديمومة علاقاتهم التحالفية معها‏,‏ ووقوفها معهم‏,‏ فبعد هزيمتها في ذلك العام في فيتنام وتخليها عن حكومة فيتنام الجنوبية بصورة مهينة أدركت إسرائيل أنها قد تواجه يوما ما حدث لفيتنام وبدأت بالاعتماد علي نفسها‏.‏ أنقرة لم تقرأ جيدا كتابات ما بعد انتهاء الحرب الباردة التي تنبأت بأن دورها كحليف سيضعف بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وقد يكون الظرف الحالي مناسبا لتركيا لإعادة النظر في تحالفها مع واشنطن وفي مداه ومجالاته بعد اختفاء ما كانت تعتبره خطرا سوفيتيا وصعود قوتين في الساحة الدولية هما الصين والهند توفران بديلين مناسبين في مجالات عديدة‏,‏ وبداية العد التنازلي للقوة الأمريكية الطاغية‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.