ربما كانت الصدفة وحدها هي التي جعلت يوم رحيل الرئيس علي عبد الله صالح عن اليمن وطلبه العفو من شعبه عن أي تقصير بدر منه خلال فترة حكمه ..هو نفس اليوم الذي تطلب فيه الجامعة العربية من الرئيس السوري بشار الأسد تفويض نائبه الأول بصلاحيات كاملة وتشكيل حكومة وحدة وطنية وإخلاء المدن والأحياء من جميع المظاهر المسلحة.. في محاولة أن يتم حل الأزمة السورية علي غرار المبادرة الخليجية في اليمن!! ولكن الرئيس الأسد ليس كالرئيس صالح- الذي نجحت الضغوط الداخلية والخليجية والخارجية في إقناعه بالتخلي عن السلطة- فقد رفض نظام الرئيس بشار الأسد القرارات الجديدة لجامعة الدول العربية قبل أن يجف المداد التي كتبت به!! وأكدت سوريا الرسمية علي لسان سفيرها بالقاهرة ومندوبها الدائم بالجامعة العربية أن القرارات تفتح الطريق أمام التدخل الخارجي بجميع أشكاله..وتعد تدخلا سافرا في الشأن السوري الداخلي وإلغاء متعمدا لإرادة الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب..فضلا عن أنها تشكل تحريضا للأطراف المعارضة لرفض الحلول السلمية ونسفا لإمكانية الدخول في حوار وطني حقيقي للتوصل إلي حل للأزمة!! وقد تزامن ذلك مع قرار دول مجلس التعاون الخليجي سحب مراقبيها من بعثة المراقبين العرب احتجاجا علي عدم التزام سوريا ببنود المبادرة العربية.. وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أكد بأن السعوديين لن يقبلوا أن يكونوا شهود زور أو أن يستخدموا لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري أو للتغطية والتستر عليها.!! ومثل هذه التطورات لا تبشر بخير ولا بإمكانية حل الأزمة سلميا داخل الإطار العربي..حيث تتطور الأمور في سوريا بوتيرة سلبية سريعة سواء من جهة ازدياد أعداد الشهداء برصاص قوات الأمن بصورة شبه يومية وتنامي احتمالات نشوب حرب أهلية في البلاد..أومن ناحية تلاشي فرص الحل السلمي للأزمة في ظل إخفاقات الجامعة العربية في إيجاد مخرج آمن لها والتصدع الذي بدأ يدب في بعثة المراقبين العرب بعد قرار الانسحاب السعودي والاستقالات التي سبقته من جانب عدد من المراقبين اعتراضا علي مهمة البعثة وإمكانية أدائها لدورها بفاعلية ونجاح في ظل الأجواء والملابسات المحيطة!! فإذا أضفنا إلي كل ذلك الظروف والتحركات الدولية المتضاربة من جانب روسيا التي حركت بالفعل قطع من أسطولها البحري إلي الحدود السورية لاستعراض قوتها وإظهار دعمها للرئيس الأسد بجانب التأييد الصيني وقارنا ذلك بالتحرك الأمريكي-الغربي في المقابل أدركنا نوع وحجم الخطورة التي نحن بصددها في منطقة تموج بالمخاطر والأهوال ولا تنتظر سوي شرارة صغيرة ليشتعل الشرق الأوسط بكامله!! [email protected]