سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السفير الليبى فى القاهرة محمد فايز جبريل يفتح مع الأهرام الملفات الشائكة: لا استهداف للمصريين فى ليبيا.. اغتيال الأقباط «إسفين» إرهابى لبث الفتنة بين الشعبين
التعرض للعمالة المصرية فى ليبيا بالاغتيالات والملاحقات الأمنية، أصبح يمثل هاجسا يؤرق المصريين جميعا على المستويين الرسمى والشعبى.. لماذا الأقباط بالذات مستهدفون من جانب الميليشيات هناك، وهل أصبحت ليبيا بالفعل ملاذا آمنا للجماعات الإرهابية التى تجاوز عددها 150 ألف مسلح ؟ وماهى الإجراءات القانونية لدخول الأراضى الليبية بطرق مشروعة؟ تلك التساولات وغيرها، وضعناها أمام السفير الليبى بالقاهرة محمد فايز جبريل، ومن حصيلة الإجابات كان هذا الحوار. المصريون ..ماذا عن أوضاعهم فى ليبيا؟ سفير ليبيا فى القاهرة محمد فايز جبريل: حينما تكون الأوضاع غير مستقرة فى أى بلد فإن تأثير ذلك ينسحب على جميع القاطنين فيه، من المعروف أن عدد الجالية المصرية يصل إلى مليون و600 ألف مصرى فى مختلف أنحاء ليبيا، فيما يبلغ عدد السكان الليبيين 6 ملايين نسمة، وهى جالية كبيرة ومنتشرة جغرافيا ومتداخلة فى مختلف القطاعات ومن ثم فمن الطبيعى أن يصيب هذا العدد الكبير نصيبا من تداعيات تراجع الاستقرار على الصعيدين السياسى والأمنى. كما أن ضبط حركة الهجرة غير الشرعية أمر يفوق قدرات ليبيا فى الظروف الراهنة، ففى أعقاب ثورة 17 فبراير انهارت المؤسسات الأمنية تماما بطبيعة الحال لتشكل "جسم" الثورة بانضمام القيادات والكوادر الأمنية لكتائب الثوار، وتفككت الشرطة بمفهومها المعروف، والمئات يتسللون يوميا من مصر والسودان وتشاد والنيجر والجزائر ومالى أيضا للبحث عن فرصة عمل أو كمنفذ للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا أو لأهداف أخرى عبر الحدود التى تبلغ 8 آلاف كيلومتر من المناطق الصحراوية الوعرة، والحقيقة أن ليبيا تواجه وضعا أمنيا صعبا على مستوى التدريب والتأهيل والإمكانات والمخاطر والتحديات، وهذه الأزمة تتزايد فى ظل تراجع أمنى داخل البلاد ، فى حين أن الاتجاه لتصنيف ليبيا كدولة "فاشلة" أساسه عدم قدرتها على ضبط الحدود والمنافذ والسيطرة على السلاح وصارت هناك مخاوف حقيقية من أن تتحول لملاذ آمن للإرهابيين والمطلوبين أمنيا من دول الجوار وجميع أشكال الخروج عن القانون. من يدخل بطريقة غير شرعية سيواجه مجموعة من المتاعب وسيكون عرضة للتوقيف والمخاطر. - وماذا عن الجالية المصرية والأزمات المتلاحقة التى تتعرض لها؟ جبريل: الجالية المصرية جالية كبيرة ومهمة ومشارك أساسى فى عملية بناء الدولة الليبية، وقد بلغ عدد تأشيرات الدخول إلى ليبيا 22 ألف تأشيرة فى عام 2013، فى حين بلغ عدد الذين دخلوا خلال هذا العام بشكل ما يتراوح بين 200 ألف و 300 ألف مصرى، فهل هناك خطة إعمار فى ليبيا يمكن أن تستوعب كل هؤلاء فى الوقت الراهن؟ وهل هم بالفعل يدخلون لأهداف تتعلق بالعمل فقط؟ السلاح منتشر فى كل أنحاء ليبيا، ربما يذهب بعض منهم إلى معسكرات تدريب لا تكشف عنها المعلومات الرسمية .الداخل إلى ليبيا بأوراق مزورة مخالف للقانون تصل عقوبته إلى الحبس لثلاث سنوات أوالترحيل، والتوقيفات الأمنية للمهاجرين داخل ليبيا، الحدود تمتد لمسافة ألف و300 كيلو متر عبر الصحراء وتحتاج لقوات حدود ونقاط حراسة ومواجهات جادة مع أباطرة الفساد فى التهجير بصورة غير شرعية، ولا بديل عن التنمية لإيجاد بيئة صالحة لحل هذه الأزمة . - وماهى الإجراءات الشرعية المطلوبة؟ جبريل: برقية دعوة من ليبيا تأخذ موافقة من الجهات المختصة هناك وترسل إلى السفارة برقم آلى ، ويشترط تقديم شهادتين إحداها جنائية والأخرى طبية ، ويستثنى من شرط الشهادات الطبية العمالة المتعاقدة عبر جهات حكومية مصرية ، وبعد ذلك يأخذ طالب التأشيرة الموافقة بعد دفع رسوم لا تتجاوز 250 جنيها وتستغرق من 10 إيام إلى أسبوعين فى معظم الحالات . ونعمل على تطوير المنظومة الالكترونية بين وزارة العمل الليبية والقوى العاملة الليبية لضبط هذه المسألة والحقيقة أن الجانب المصرى استكمل جميع إجراءاته فى هذا الملف والتأخير يأتى من الجانب الليبي, لكن هذه المشكلة فى طريقها للحل. - واستهداف الأقباط.. لماذا؟ جبريل: أن تصل بهذا الشكل الشنيع والسريع والمفاجئ لقتل مجموعة من إخواننا الأقباط فإن فى ذلك مؤشر على دوافعه الإرهابية المتشددة وبلا بعد سياسى من ورائه ، فإن كانت هناك ثمة رفض لوجود الأقباط داخل ليبيا لكانت هناك مطالبات للدولة بذلك أو اعتصامات أو أى مقدمات ، ولكن شيئا من ذلك لم يحدث. هذه أجندة إرهابية هدفها "دق إسفين" فى العلاقات بين البلدين ونشر الفتنة وتوجيه رسالة مغلوطة بأن ليبيا دولة غير مستقرة ويحدث بها إرهاب يستهدف الأقليات، وفى ظل السيولة فى الحركة بين البلدين فإن العمليات المدبرة ذات الصناعة المحبوكة والمقصودة تزداد توسعا وخطورة فى ظل وضع امنى شديد التأزم، فهناك اغتيالات شبه يومية مباشرة لمجموعات من أفضل القيادات الأمنية فى بنغازى وغيرها، ولا شك أن المستفيد من ذلك هو بقايا نظام القذافى والجماعات الإرهابية المتشددة. - الجماعات المسلحة فى ليبيا.. إلى أين؟ جبريل: بلغت الجماعات المسلحة فى ليبيا فى أعقاب الثورة 25 ألف مقاتل بكتائب الثوار .. الآن بلغ عددها 150 ألف مقاتل فى جماعات مسلحةمتعددة الانتماءات، تكونت هذه الكتائب وكفلت فرصا للعمل يستوعب الشباب الليبى بديلا عن البطالة، ولا تخضع لإدارة واضحة موحدة، وهم يشكلون مشكلة كبرى لليبيا فى الوقت الراهن. - وماذا عن العلاقات المصرية الليبية؟ جبريل: العلاقات المصرية - الليبية لا مجال فيها للأجندات السياسية المتغيرة ولا تقبل العبث أو المزايدة، هى علاقات مستمرة على كل الأصعدة تتأثر بما يجرى ولكن لا تنفصم، وكل أبواب المسئولين المصريين مفتوحة دائما للتنسيق والتعاون حول تحقيق مصالح المواطنين وحل مشكلاتهم، والتناول الإعلامى السلبى لهذا الملف غاية فى الخطورة، ولا يحقق المصلحة المشتركة للبلدين فى هذه المرحلة شديدة الحساسية. - وماهى صورة المشهد السياسى الراهن فى ليبيا ؟ جبريل : الوضع السياسى فى ليبيا «مزعج» ولكنه «متوقع».. حيث أن الجماعة الوطنية بمعناها المعروف «غير موجودة» ليبيا نظرا لتعرضها للتشويه والإقصاء والتجريف على مدار 40 عاما من حكم العقيد معمر القذافى، ومن ثم فعملية التجاذب السياسى تجرى فى مناخ جديد بلا جذور وطنية يبعد عن القبلية والطائفية والعرقية، وهذه الجماعة الوطنية الآن فى طور التشكل ولا بد من أن ثمة «ثمن» لهذه العملية، وليبيا كدولة وطنية موحدة الآن هى التحدى الأكبر أمام الليبيين اليوم، والليبيون قادرون على الانتصار فى هذا التحدى رغم الأزمات الراهنة. - وماحجم الاستثمارات الليبية فى مصر؟ سفير ليبيا فى مصر محمد فايز جبريل: الاستثمارات الليبية ظلت خلال العقود الماضية مرتبطة بأفق محدود وتحركها المتغيرات السياسية ورغم كل هذه المعوقات بلغت اصول هذه الاستثمارات 12 مليارا فى مختلف القطاعات المصرية، بعد ثورات الشعوب العربية فإن المجال مفتوح لان تنمو هذه الاستثمارات بشكل غير مسبوق.ونعمل حاليا بشكل مكثف للإعداد لمنتدى رجال الاعمال المصرى الليبى والمزمع إقامته قريبا ليستعرض الجانبان فرص الاستثمار المشترك وسبل تطويرها، ويؤسس لشراكة استراتيجية كبرى بين البلدين. - ومشروع حلم العلمين - طبرق هل يتحقق؟ جبريل: «حلم العلمين - طبرق» هو المشروع الأجدر بالوضع على قائمة الاولويات المشتركة بين البلدين، وهو مشروع عملاق يستهدف الاستغلال الأمثل لهذه المنطقة التاريخية المهمة عالميا على ساحل البحر المتوسط ذات الطبيعة الخاصة جدا، تمتد على مساحة 520 كم بنسيج اجتماعى واحد ومتناغم، وقد جرت فوقها كبرى المعارك التى غيرت وجه العالم وتضم مقابر للجنود المحاربين تعد مزارات عالمية جديرة بالاهتمام، كذلك فإن العالم مطالب بتنمية هذه المنطقة أسوة بتنمية المدن الأخرى ذات الطبيعة المماثلة مثل نورماندى وليننجراد، ومطلوب إرادة وطنية من الشعبين لتحريك هذا الملف على الصعيد الدولى للضغط يمثل نموذجا حيا للتنمية المشتركة. - وأخيرا ماذا عن وضع الطلبة الليبيين فى مصر والتعاون فى مجال البحث العلمى؟ السفير الليبى: من المتوقع أن يصل عدد الطلبة الليبيين الدارسين فى مصر فى المرحلة القادمة إلى 12 ألف طالب، وهناك تواصل دائم مع وزارة التعليم العالى والبحث العلمى والدكتور وائل الدجوى الذى يقدم تسهيلات كبيرة للطلبة الليبيين، وتم الإتفاق مؤخرا مع أكاديمية البحث العلمى على التعاون فى مجالات توليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية وتحلية مياه البحر وزراعة الحبوب المهجنة ذات المحاصيل الكبيرة، والبدء بزراعة 33 آلف فدان بالقمح فى المشروع الذى تمتلكه الحكومة الليبية فى الصالحية.