أدان محمد فايز جبريل، سفير ليبيا فى مصر حادثة خطف رئيس الوزراء الليبى الدكتور على زيدان فى طرابلس، مؤكدا أنه مؤشر خطير جدا لغياب دولة القانون. وأضاف فى حواره ل«الوفد»، أن الحادث يفتقد للعمل الأخلاقي والقانوني والشرعي، موضحاً أن أحد أسباب الخطف زيارة الدكتور «زيدان» لمصر فى وقت سابق وتأييده للحكومة المصرية الجديدة برئاسة الدكتور حازم الببلاوى وكذلك اختطاف أبو أنس الليبى وترحيله إلى الولاياتالمتحدةالامريكية. وعلق «جبريل» على الربط بين الوديعة الليبية لمصر وترحيل أحمد قذاف الدم إلى ليبيا قائلاً: إن مصر غير قابلة للبيع أو الشراء لأحد مهما كانت قدرته على مستوى العالم، فمصر أكبر بكثير من عقد صفقات أو مقايضات بهذا الشكل، بالإضافة إلى أن الحكومة الليبية لا تدفع أموالاً فى مجرمين.. والى نص الحوار، ما تعليقك على حادثة خطف رئيس الوزراء الليبى الدكتور على زيدان؟ - ما حدث لا يخدم فكرة الدولة ولا يعزز دور دولة القانون على الإطلاق، لكنه يفتح أبواب ليبيا لمجهول خطير، وبالتالى فالدولة هى الحصن الحصين الذى يخدم الناس، ويحقق الاستقرار والأمان مهما اختلفنا على طريقة إدارة بلادنا وتحديد الأولويات وما ذكر من أسباب فى بيان الجماعة المسلحة حول أسباب خطف رئيس الوزراء الليبى، والتى كان أهمها الاحتجاج على واقعة اختطاف أبو أنس الليبى، وزيارة الدكتور زيدان لمصر فى وقت سابق وتأييده للحكومة الجديدة، وهذه الأسباب لا تستدعى حدوث كل هذا وهو أمر مرفوض، لأن الخلاف السياسى حول بعض المواقف بين رئيس الوزراء الليبى ومن يعارضه لا يمكن أن يصل إلى هذا الحد الذى يمثل «جريمة» بكل المقاييس. ولكن واقعة الاختطاف دفعت البعض إلى التأكيد على انهيار أركان الدولة الليبية؟ - ما حدث يفتقد للعمل الأخلاقي والقانوني والشرعي، وهذه الواقعة تحديدًا سوف تستدعى الوطنية الليبية التى ترتقى بقضايا الوطن الملحة فوق كل شيء كما أنها ستعمل على إعادة تشكيل الوعى الوطنى، وبناء الجماعة الوطنية الليبية الواحدة والتى بها تتحقق خارطة الطريق الليبية، والتى تقتضى الانتقال من الثورة للدولة وترسيخ مؤسسات المجتمع. البعض يربط بين تقديم مساعدات ليبية لمصر مقابل تسليم أحمد قذاف الدم المحبوس حالياً بالسجون المصرية وترحيله إلى ليبيا؟ - مصر أكبر بكثير من عقد صفقات أو مقايضات بهذا الشكل، والحكومة الليبية لا تدفع أموالاً فى مجرمين، كما ان مصر غير قابلة للبيع والشراء لأحد مهما كانت مقدرته على مستوى العالم، والشعب الليبى يحترم ويقدر الدور الذى تقوم به مصر عبر التاريخ لتحرير الأراضى العربية ومساندة القضية الفلسطينية، والمصريون لديهم إحساس بالمسئولية العربية، كما أنه لا أحد يستطيع الوقوف أمام آمال وطموحات الشعب المصرى، وهذا ما شاهدناه خلال ثورة 30 يونية التى أذهلت الجميع، وأطاحت بحكم تنظيم الإخوان فى سنة واحدة فقط.. لكل هذا نعلم علم اليقين أنه لا مقايضة على ترحيل أحمد قذاف الدم إلى ليبيا. ماذا لو طلب «قذاف الدم» حق اللجوء السياسى لمصر؟ - بالنسبة للجوء السياسى فإننى أؤكد أن له عدة شروط، فقد كنت لاجئاً سياسياً فى أمريكا، هرباً من الحكم البائد فى ليبيا وقتها، وعندما طلبت من الحكومة الأمريكية ذلك كانت هناك عدة شروط أساسية، منها أن تثبت أن نظام الدولة الذى يطاردك نظام ظالم، وأن تكون صفحتك الجنائية خالية تماماً من أى جرائم داخل دولتى أو خارجها، وأن تكون معتنقاً فكراً سياسياً معيناً وهذه الأفكار تمثل عليك خطراً فى حال إعلانها فى بلدك، وقضية قذاف الدم هى سياسية، ورئيس وزراء ليبيا لم يصدر قراراً بملاحقة جميع الموجودين فى الخارج أو تصفيتهم، وبذلك فإن شروط اللجوء السياسى لا تنطبق على قذاف الدم، وفيما يتعلق بمسألة الجنسية فإنه لا يحمل الجنسية المصرية، فأبوه ضابط شرطة ليبى فى العهد الملكى، ودستور 1951 وقتها كان يحظر على الضباط ازدواج الجنسية، والأمر ينطبق على والدته فهو لم يقدم حتى الآن أى إثبات يفيد بحصوله على الجنسية المصرية. لكن البعض يتساءل حول أسباب الحديث عن إيداع أموال ليبية بالبنك المركزى المصرى بالتزامن مع القبض على قذاف الدم؟ - أبدا لم يكن هناك أى غرض من الإعلان عن الاستثمارات الليبية فى مصر بالتزامن مع القبض على «فلول» وبقايا نظام القذافى، فالحديث عن الاستثمارات الليبية والتعاون الاقتصادى مع مصر تم التطرق إليه أكثر من مرة قبل ذلك، لكن الظروف التى مرت بها ليبيا عقب إسقاط القذافى أعاقت ذلك. ورغم أننا حكومة مؤقتة، ومن الناحية القانونية غير مخولة باتخاذ مجموعة من الإجراءات وفتح سبل التعاون، لكن نوايا المؤتمر الوطني (البرلمان الليبي) والحكومة تشير إلى أنهم مستعدون أن يتخطوا ذلك ويتحملوا المسئولية التاريخية، فنحن نريد أن نؤسس العلاقات مع مصر من الآن بحيث تجد الحكومات المتعاقبة فيما بعد ركيزة أساسية في التعاون المستدام بين الدولتين والمصالح المشتركة بعيداً عما يسمى صفقات، فليبيا لا تقل في حرصها على مساعدة مصر عن دول عربية ودول أخرى اتخذت خطوات فعلية في ذلك. هل طلبتم تجميد أموال قذاف الدم؟ - نحن طلبنا تجميد جميع الأموال لكل المسئولين السابقين الذين هربوا خارج البلاد، فعملية استرجاع الأموال وملاحقتها تقوم بها جهات متخصصة ودولية لكي نضمن عودة تلك الحقوق عبر المهنية العالية وعبر التشريعات الدولية. وماذا عن استثمارات «قذاف الدم» الموجودة داخل مصر؟ - نحن جادون في الحفاظ على الاستثمارات الليبية وتوظيفها للغرض الذي يحقق النفع للشعبين الليبي والمصري، ولكن الأموال المهربة حتى وإن وضعت تحت مسميات مختلفة وتم التلاعب بها فهناك شركات كبيرة متخصصة سوف تأتي إلى مصر وتتعقب كل فلس أو درهم أو سنت خرج من خزانة المال العام الليبي. ما تقديرات ثروة الرئيس السابق معمر القذافى؟ - ثروة العقيد القذافى قدرت ب 3 تريليونات دولار وسنتعقب هذه الأموال حتى تعود للشعب الليبى، القذافى كان يحلم بامتلاك كل شىء بما فى ذلك مصر. هل كان يحلم القذافى بحكم مصر؟ - نعم القذافى كان يحلم بحكم مصر والدليل مقولته الدائمة «إن ليبيا زعيم بدون شعب ومصر شعب بدون زعيم»، كما كان يحب لقب «ملك ملوك أفريقيا» ويسعى إلى زعامة الأمة العربية، وفى الوقت نفسه يقمع الليبيين ويهتك أعراضهم، حتى يضمن سكوتهم، ولكن الشعب المثابر واجه القذافى طوال الأربعين عاما التى حكم فيها ليبيا بالحديد والنار من خلال عدة محاولات لانقلاب عسكرى وأوصلنا صوتنا إلى كل المحافل الدولية حتى نتخلص منه ومن نظامه المستبد بقيام الثورة المجيدة التى توحد فيها الشعب الليبي بأكمله. ما حقيقة اغتصاب القذافى لليبيات ووضع يده على رأس من تعجبه لكى يأتوا بها إلى القصر الرئاسى لاغتصابها؟ - بالفعل كانت هناك هواية للقذافى بإقامة علاقات جنسية مع من تعجبه فى الدولة، حتى لو كانت فتاة صغيرة ولمس شعرها يكون إشارة لمرافقيه وحرسه الشخصى بأنها حازت على إعجابه لكى يأتوا بها فى اليوم الثانى لكى يغتصبها، وحتى الأهالى إذا علمت بهذه الفاجعة كانت تسكت خوفا من الفضيحة وكان يفعل ذلك ليضمن سكوت المواطن الليبى وعدم الاعتراض على حكمه، وقد يعلم الزوج أو الأب فيما بعد، وإما أن يسكت لعدم الفضيحة أو يثار غضبا ويحاول الانتقام وفى هذه الحالة يتم التخلص منه، وقد شهدت ليبيا الكثير من حالات الإعدام بتهمة خيانة الوطن على الرغم من أنها بالأساس قضية دفاع عن الشرف والعرض. والقذافى كان «بذيئاً قذراً» يقوم بتصفية من يعترض على هذه الأفعال، وهناك قصة شهيرة لإحدى السيدات التى كانت فى حراسته عندما اعتدى عليها جنسياً رغما عنها وما إن قالت لزوجها إلا وأراد الانتقام من القذافى ولكنه علم بذلك فقام بالحكم على زوجها بالإعدام شنقاً وتم توجيه قضايا ملفقة له بتهمة التخابر مع دول أجنبية. لو انتقلنا للاقتصاد.. ما حجم الاستثمارات المصرية الليبية بعد ثورات الربيع العربى؟ - هناك تعاون كبير بين مصر وليبيا اقتصاديا يتراوح ما بين 10 مليارات و 12 مليار دولار فى عدة مجالات داخل مصر، ونسعى إلى تطوير وتوسيع حجم الاستثمارات الليبية المصرية وإنشاء منطقة تجارة حرة تسهم في تنمية البلدين، وأؤكد على تطوير هذه الاستثمارات وتوسيعها فى القريب العاجل. ماردك على صعوبة الحصول على التأشيرات من السفارة الليبية وظهور سماسرة فى ذلك المجال؟ - السفارة الليبية هى المنوطة باتخاذ كافة إجراءات السفر للمصريين لدخول ليبيا، وليس للسفارة أى سماسرة تأشيرات كما يدعى البعض، والتأشيرات الليبية تمنح فقط من القنصلية الليبية ورسومها لا تتعدى مائة جنيه مصري، ولا تقوم السفارة الليبية بمنح أية تأشيرات خارج مقر القنصلية والسفارة، لذلك فأنا أدعو الإخوة المصريين لعدم الانسياق وراء أي أفراد أو جهات أخري تدعي منح هذه التأشيرات، وأطالب الأجهزة الأمنية بمصر بتعقب والقاء القبض على مزورى التأشيرات الليبية لما يسببه من مشاكل للمصريين والسفارة الليبية لأن البعض للأسف يتاجر بدماء المصريين ويتم استغلالهم. وما حقيقة تزوير هذه التأشيرات بالصين؟ - بالفعل رصدت الأجهزة الأمنية عدداً من التأشيرات المزروة وتم تزويرها فى الصين ونقوم بتوعية المواطنين وإبلاغ الجهات المختصة بذلك وهناك تعاون بين الخطوط الليبية المصرية للكشف عن هذه التأشيرات، والجميع يعمل لمعرفة من المسئول عن استيراد هذه التأشيرات المزورة حتى نتخذ الإجراءات اللازمة ضده وضد كل من تسول له نفسه النصب على المواطنين. كم تقدر حجم العمالة المصرية بليبيا وما سر الصعوبات التى تواجه معظمها هناك؟ - حجم العمالة المصرية يقدر ب مليون و600 ألف عامل مصرى، وبالمناسبة نحن نسعى إلى تنظيم هذه العمالة حتى نحفظ لهم حقوقهم وكرامتهم، ولا نريد أن يتعرضوا لأى أذى أو استغلال من أحد، لأن موجات الدخول غير الشرعية تنتقص من كرامة المصريين، ونحن نرحب بالعمالة المصرية، ولكننا نسعى إلى ضبط الدخول والخروج من البلاد لجميع الجنسيات؛ حتى نسيطر على عمليات تهريب السلاح. بمناسبة تهريب السلاح هناك تدفق كميات كبيرة من الأسلحة لمصر عبر ليبيا كيف يمكن التصدى لذلك؟ - سبب ذلك أن المجرم معمر القذافى أراد القضاء على الدولة الليبية من خلال توزيع السلاح على الشباب، وكان ينشئ فى كل شارع فى ليبيا مخزناً للسلاح ومن هنا ظهر بكثرة العديد من الأسلحة فى متناول الجميع عقب سقوط الطاغية واصبح يتم استخدامها ضد بعضهم البعض، وهناك كميات كبيرة جداً من الأسلحة الثقيلة التى يتم تهريبها إلى مصر عن طريق مطروح والسلوم لاستخدامها ضد قوات الجيش والشرطة فى مصر، ويجب تكثيف الجهود لكى يتم القضاء على هذه الظاهرة التى جعلت كل مواطن ليبى يمتلك أسلحة ثقيلة وبسبب عدم السيطرة على الوضع الأمنى فى البلاد يوجد من يستغل ذلك فى تهريب السلاح إلى مصر عبر الحدود بمبالغ فلكية. فحدودنا المشتركة تصل إلي نحو 8 آلاف كيلو متر، ولكى تتم السيطرة عليها بالكامل يجب الرقابة الكاملة من الجانبين، وإحكام السيطرة الأمنية على الوضع هناك، وتقنين إجراءات التنقل وأيضا يجب التنمية الحدودية بالكامل والاستفادة من التجارب الأوروبية في مواجهة التهريب وعواقبه.