رغم مرور عامين على رحيل البابا شنودة، فإن وجوده راسخا فى كل لحظه فى حياتنا كمصريين، فقد كان بحق أبا للجميع، أحب الكل فأحبه الكل، وكل من التقى به يستطيع أن يسرد العديد من الحكايات الخاصة التى ربطت بينهما، فقد كان البابا شنودة أبانا الذى على الأرض، القادر بعبقريته فى المحبة أن يشعر كل واحد أن له مكانة خاصة فى قلبه، وانه يخصه بحب واهتمام كبير - وقد اختارته السماء بعناية من لحظه ميلاده وحتى رحيله، ليكون هذا الأب للجميع، فقد ماتت والدته عقب ولادته مباشرة فى (3 أغسطس 1923)، فجاء ابنا لكل أمهات قريته – قرية السلام بمحافظة أسيوط- ولأنه عاش يتيماً، كان الجميع يحنو عليه، وسعى البابا شنودة أن يرد للجميع ما لاقه من حنان وتعاطف ومحبه، ولأنه يعشق وطنه تطوع للدخول فى الجيش فوقتها كان طلبة الجامعة معفين من التجنيد، وكان من الممكن دفع بدل نقدى لمن يريد الإعفاء من الجيش، ولا ينسى له زملاؤه ضباط الجيش دفعة 1947 أنه خلال شهر رمضان كان مسئولا عن إعداد طعام الإفطار والسحور، وكان شديد الإخلاص فى مهمته، والحب الآلهى كان دافعه لدخول الرهبنة، ففكرة الرهبنة حسبما كان يردد البابا شنودة دائما مردها أن الإنسان يريد أن يتفرغ لله كلياً، فالرهبنة هى الانحلال من الكل من أجل الارتباط بالواحد، فالحياة بمجموعها لاتستحق من الإنسان أن يتعب من أجلها، فسيأتى عليه حين من الدهر يتركها فيه لامحالة شاء أم أبى، ويتوجب عليه إذا أن يبحث عن الأشياء التى تبقى معه ويبقى معها ألا وهى محبة الله، - وبالحب للجميع نجح البابا شنودة أن يتجاوز عشرات المشكلات التى واجهت الوطن وأرادت أن تشق وحدته ووحده اقباطه ومسلميه طوال سنوات جلوسه على الكرسى البابوى، وعندما جاءت لحظه الرحيل ودعته مصر جميعا، وبكاه الكل، وكرمه الجيش كواحد من أبنائه، واستقر جسده فى دير الأنبا بيشوى، واستقر حبه فى قلوب الجميع، ولن تتأثر هذه المحبة بمرور الأعوام، فكلماته خالدة فى الوجدان المصرى، وهى أجمل رنات موبايل، وصوره تملأ كل مكان، ومواقفه باقية مع الملايين مملوءة فرح وابتسامة وحب .. ولا أنسى إحدى إجاباته العبقرية، عندما سألته كيف تحتفظ بابتسامتك وروح الفرح والمرح رغم كل الضيقات التى تحيط بك والتى عايشتها طوال سنين خدمتك؟ فأجاب قداسته: الضيقة سميت ضيقه لان القلب قد ضاق بها، وأنا أشبه الضيقة بقطعة طين، هذه القطعة لو ألقيت بها فى كوب صغير فإنها ستلوثه بالكامل، ولكن إذا ألقيتها فى محيط كبير فلن تؤثر فى مياهه وصفائه وعطائه.