معاناة شديدة وحقيقية يواجهها أكثر من نصف مليون مواطن من أبناء أكثر من 38 قرية وعزبة بمراكز مطوبس وفوة ودسوق بمحافظة كفر الشيخ، الممتدة على طول ضفة نهر النيل الغربية من حدود المحافظة مع محافظة الغربية المجاورة لها حتى المصب فى البحر المتوسط، وذلك لحاجتهم الملحة والمتكررة للانتقال إلى الضفة الشرقية بمحافظة البحيرة خاصة من أبناء قرى مركز مطوبس للتوجه إلى مدينة رشيد، الأمر الذى يدفعهم إلى ركوب معديات الموت التى لا تتوافر بها أدنى اشتراطات للأمان ويقودها صبية صغار مما يجعلهم عرضة للغرق فى أى لحظة، وهو ما كشف عنه العديد من حوادث غرق معديات رشيد التى يروح ضحيتها العشرات من المواطنين سنويا، والأمر الذى يزيد المشكلة تعقيدا هو الارتباط الشديد بين أبناء مركزى رشيد ومطوبس، حتى إن العديد من أهالى قرى الجزيرة الخضراء والسكرى والبسراط وبرج مغيزل والمعدية وخان الجنى وأبوحسن بمطوبس يقومون بنقل موتاهم على متن القوارب والمعديات المتهالكة فى عرض النهر لدفنهم فى «مقابر تل أبو مندور» الأثرى بالضفة الشرقية برشيد فى رحلة شبيهة بعادة الفراعنة القدماء فى نقل الموتي، مستخدمين مراكب الشمس مع الفارق الشاسع بين مراكب الشمس الفرعونية والمعديات المتهالكة التى يستخدمها أبناء مركزى مطوبس ورشيد. ويؤكد فتحى عبده - عضو مجلس الشعب السابق بفوة ومطوبس- أن المحليات وحدها تتحمل مسئولية المعديات لعلمها ان جميعها لا توافر به أدنى اشتراطات الأمان، ولا وسائل للنجاة من أطواق أو غيرها. ويكشف ان المشكلة بدأت فى الظهور قبل 5 سنوات عندما تم إلغاء الاتوبيس النهرى الذى كان يعمل بين ضفتى النيل بمطوبس ورشيد حيث كان يتيح وسيلة نقل آمنة مقابل 10 قروش فقط للفرد، لكن لا نعلم سبب توقفه عن العمل مما فتح الباب على مصراعيه لأصحاب المعديات والمراكب مستغلين حاجة المواطنين. ويوضح أن جانبا كبيرا من أهالى قرى مطوبس يتنقلون بصفة يومية إلى الجانب الآخر من نهر النيل برشيد لبيع الألبان والجبن، والكشف على مرضاهم بمستشفى رشيد العام فضلا عن قيام الصيادين بقرى مطوبس بتسويق انتاجهم من الأسماك بحلقات بيع السمك برشيد بالاضافة إلى السوق الكبيرة، بمنطقة العربى يومى الجمعة والأربعاء، الأمر الذى يجعل الآلاف من المواطنين يتنقلون يوميا بين ضفتى نهر النيل سواء لتوافر الخدمات الصحية والعلاجية بها أو شراء متطلبات وبيع محاصيلهم من الخضر والفاكهة فى سوق رشيد يوم الجمعة خاصة فى ظل تدنى مستوى المرافق والخدمات بقرى مركز مطوبس وتجاهل المسئولين بالمحافظة هذه القرى تماما حتى أصبحت جزرا منعزلة. ويضيف أحمد عبده نصار - رئيس جمعية الرعاية بقرية برج مغيزل - أن المعديات العاملة لا يحكمها ضابط أو قانون ويسيطر عليها اثنان فقط يلقبان بعاملى اللقافة، حيث يقف أحدهما على مرسى نهر النيل برشيد بينما يقف الآخر عند مرسى مطوبس ويقومان بتحصيل المبالغ من الركاب متقاسمين الربح مع صاحب المعدية دون ان يسددوا اية ضرائب أو رسوم مما يؤدى الى ضياع مبالغ كبيرة على خزينة الدولة، فضلا عن قيام الصبية بقيادة هذه المعديات برعونة شديدة بدون أى متابعة أو إشراف من الهيئة العامة للنقل النهرى بل فى المقابل تستخدم هذه المعديات ليلا كأوكار لتعاطى المخدرات وارتكاب الرذائل.