لم يكن الطريق مفروشا بالورود أمام الثورات العالمية, فقد تعثرت في بداية مدها بفعل القوي المهينة علي الحكم التي وضعت العراقيل لتحول دون بلوغها ما تصبو إليه.. ولكن الأمر ينتهي دائما بانتصار روح الثورة علي الكذب والرصاص الذي يطلق غدرا علي صدور الثوار. وقد أكدت إرادة التغيير بأن حتمية الثورة ليست مجرد قدرا بل ردة فعل طبيعية للظلم والاستبداد والتصرف في شئون البلاد وكأنها ضيعة ورثت من الآباء والأجداد, وإن دروب الحرية والخلاص لا تعبد إلا بالدماء مثلما فعلت ثورات محورية غيرت وجه العالم, ورسخت لديمقراطية حقيقية تضرب بجذور قوية في أعماق المجتمع الأوروبي الذي ينعم بظلالها الوراقة حتي يومنا هذا. ثورة التنوير كان من المستحيل أن تري أوروبا النور وترتقي سلم الحضارات دون القضاء علي سطوة الكنيسة الكاثوليكية وإقرار الذهب البروتستانتي الذي أشعل ثورة لم تخمد نارها إلا بعد الإطاحة بالبابا في روما وجيشه ومحاكم الكنيسة, وتأميم الأراضي الشاسعة المملوكة للأديرة وإلغاء الضرائب الباهظة وصكوك الغفران كضربة قاسمة أطاحت بالكنيسة وأبعدتها عن الحياة المدنية, وحفظت للعلماء والمبدعين كرامتهم بعد أن كانوا يحرقون ويسبخون.. فتفرغوا للعلم والنهضة في ظل مناخ عام قاد إلي الثورة الصناعية وظهور القوي الاقتصادية والعسكرية الكبري. إعلان حقوق الإنسان عندما كان الملك لويس السادس عشر ملك فرنسا نائما عقب عودته متعبا من رحلة الصيد اليومية, ايقظه ياوره الدوق روشفوكو وأخبره بهجوم الباريسيين علي سجن الباستيل, وقد سأل الملك ياوره: أهي فتنة إذن؟.. فأجابه الدوق في هدوء: لا يا سيدي.. إنها ثورة! تحت وطأة الديون وقسوة الضرائب وفساد النبلاء, ولامبالاة الملك وضعفه.. لم تجد البرجوازية الفرنسية مفرا من التكتل لتكوين ما يعرف بالقوة الثالثة لتعلي من المصلحة العليا للشعب ضد القوتين الأخريين وهما رجال الدين والنبلاء. وقد فرضت القوة الجديدة شخصيتها من البداية علي الملك وأرغمته علي الاجتماع معها لسماع مطالبها, كما شكلت الجمعية الوطنية وتضم كل القوي الشعبية لبحث الأحوال السياسية والاقتصادية المتدهورة ونجحت في إقرار سلطة البرلمانات المحلية في المدن الفرنسية وإقصاء الأمراء عنها ووضع دستور جديد. ومع تنامي شعبية القوة الثالثة وضغوطها استشعر الملك لويس السادس عشر الذي انحاز لطبقة النبلاء بأن البساط بدأ ينسحب من تحت قدميه فاضطر لحضور اجتماعات الجمعية الوطنية لامتصاص غضب أعضائها من ناحية وقام بنشر آلاف من جنوده المزودين بالمدفعية لحصار باريس من ناحية أخري كخطوة استباقية للحفاظ علي عرشه فقامت الجمعية الوطنية بتنظيم ميليشيا خاصة أطلقت عليها اسم الحرس الوطني لوقف المؤامرات الارستقراطية وتحذير الشعب من حشد الجنود حول العاصمة, وذهبت قوة صغيرة من الحرس الوطني إلي سجن الباستيل للحصول علي السلاح اللازم لمواجهة جنود الملك وعندما تأخرت في العودة اقتحمت الجماهير الباستيل واحتلته باعتباره رمزا للطغيان, مما اضطر الملك إلي أن يعد الجمعية الوطنية بسحب جنوده من باريس فاستقبلته بفتور واقتصرت هتافات أعضائها علي المناداة بحياة الأمة الفرنسية, وهنا تسلل القلق للأسرة الحاكمة, فاقترحت ماري أنطوانيت الانسحاب إلي شمال فرنسا وتنظيم ثورة مضادة ولكن الأعوان حذروا من عدم قدرة الجنود علي التصدي لشعب باريس. وتوسعت أيضا البرجوازية الفرنسية في نشاطها السياسي, وراحت كل جماعة تناقش سبل إصلاح شئون الدولة حتي اتفقوا جميعا علي إعلان حقوق الإنسان وأن الناس سواسية أمام القانون وإقرار حقوق المواطنة والعدل والإخاء, وإصدار قوانين لتأميم ممتلكات الكنيسة وإعادة تنظيم الحكومات المحلية وحل التنظيمات الدينية وإلغاء الألقاب الموروثة ووضع دستور مدني لرجال الدين, وقد وقف لويس السادس عشر بكل قوته أمام رغبات الشعب, وواصل عناده ورفض التصديق علي تلك القرارات فانتشرت الشائعات عن هروب الملك خاصة بعد فرار أحد أشقائه فقامت قوات الحرس الوطني بحراسة القصر الملكي في حين كان الكونت فرسين قد وضع خطة لفرار الملك وأسرته إلي الحدود الشمالية, وفي منتصف الليل تسللوا واستقلوا عربة تجرها الخيول ونجحت في الخروج من باريس ولكن الثوار أرغموها علي الوقوف عندما علموا بفرار الملك الذي عاد مرغما إلي القصر واضطر للتحالف مع أعداء الثورة في النمسا وبروسيا, حيث قرروا الهجوم علي باريس لإجهاض الثورة, وفي هذا الوقت طلب الثوار أن يرسل الملك حرسه الشخصي إلي جبهة القتال للمساعدة في صد الهجوم الخارجي فرض وكان موقفه المتخاذل قد عجل بنهايته لإشعال غضب الثوار الذين اقتحموا القصر وقتلوا الحراس والخدم وقرروا محاكمة الملك لأنهم عثروا علي مراسلات مع إمبراطور النمسا فاتفق الجميع علي إعدام الملك. الملك تحت المقصلة قبل الملك القرار بهدوء وتم إيقاظه من النوم يوم21 يناير1793 واستقل سيارة إلي ميدان الكونكورد, ونزل منها, وخلع ملابسه, ثم صعد إلي منصة الإعدام, وربطت يداه خلف ظهره وأنزل قميصه عن رقبته, وقد حاول أن يخاطب الحاضرين بكلمات أخيرة عندما قال: إنني أعفو عن المذنبين بقتلي, وأصلي للرب ألا تحتاج فرنسا إلي دمي المسفوك, وأعارض علي وجه الخصوص الدستور المدني لرجال الدين.. وبعدها وضعت رأس الملك تحت المقصلة, ثم جذب الحبل ونزل النصل الحاد علي رقبته, لكن رأسه لم تنفصل بسرعة لسمك رقبته, فأعاد الجلاد رفع النصل وإنزاله, ثم أمسك أحد الحراس الرأس المفصول من شعره الملطخ بالدم, ودار بها حول المنصة فهتفت الجماهير: تعيش فرنسا.. تعيش فرنسا الجمهورية.. ثورتان علي الطريقة الماسونية ويكشف المؤرخ الانجليزي وليم جاي كار في كتابه احجار علي رقعة الشطرنج أن ارادت الجمعيات السرية الماسونية إحداث فوضي عارمة في أوروبا عن طريق إشعال الحروب لاستنزاف ثروات الدول العظمي وإجبارها علي الاستدانة من البنوك التي تقع تحت سطوة رجال المال من الصهاينة والتشجيع علي نشوب الفتن الدينية والسياسية والتخلص من الأسر الحاكمة في انجلتراوروسيا وإقرار أنظمة جديدة عميلة للماسونية العالمية. وقد بدأت المخططات الماسونية باكورة أعمالها الإجرامية في انجلترا بعد قيام إدوارد الأول بطرد اليهود من بريطانيا فقام منساح بن إسرائيل بالاتصال بالمعارض الشهير كرومويل, وعرض رشوة تقدر بمليون و250 ألف جنيه لو استطاع التخلص من ملك انجلترا, وقام كرومويل بتنظيم جيش من أنصاره, وبدأ يمارس ضغوطه وتخلص من أنصار الملك في البرلمان واضطرت إلي تقديم تنازلات, وعندها لم يجد الملك مفرا من الهرب ولكن جيش كرومويل قبض عليه وتم تقديمه للمحاكمة ثم إعدامه بعد أن تم تعيين مدع عام يهودي وهيئة من القضاة تابعة للمتآمرين. قبض كرومويل الثمن وبدوره قام بتوريط انجلترا في حروب مع أيرلندا وانجلترا وانتعشت البنوك العالمية وانهار الاقتصاد الإنجليزي. الثورة الروسية وجاء الدور علي روسيا وراحت العصابات الصهيونية تحرض علي الفوضي والإضراب عن العمل بهدف المزيد من الامتيازات, واغتيل القيصر ألكسندر الثاني, وفطن رجال القيصر الجديد ألكسندر الثالث لأغراض اليهود فقام بتنفيذ إصلاحات تشمل اليهود وغيرهم, لكن تم توريط روسيا في حرب مع اليابان بعد أن فشل اليهودي جنزبرج في الحصول علي إصلاحات أكبر من القيصر, وقامت البنوك الأوروبية بفرض عقوبات علي روسيا ورفضت شركة روتشيلد إمداد روسيا بالمساعدات, وبالتالي أصبح المسرح الروسي مهيئا للثورة, خاصة بعد الخسائر البشرية والاقتصادية التي تكبدتها روسيا جراء الحرب مع اليابان وتعطل العديد من المصانع وانتشار البطالة. وقام شاب روسي يدعي إليانوف باغتيال ألكسندر الثالث, وتمت محاكمته وإعدامه, مما دفع بشقيقه فلاديمير الذي أطلق عليه اسم لينين إلي قيادة الحزب الاشتراكي الثوري, وقدد واصل اليهود سلسلة الاغتيالات وشملت وزيري التعليم والداخلية ثم رئيس الوزراء, وانضم لينين إلي جماعة صهيونية وأسسوا جماعة تحرير العمال في سويسرا, وعقب فشل ثورة1905 اقتنع لينين بأن الطريق الوحيد للقيام بثورة ناجحة هو تنظيم لجنة دولية تتولي أولا التخطيط ثم الإعداد لتنفيذ خطة تمولها البنوك العالمية.. عاد لينين إلي روسيا لينظم حملة للتبرعات من خلال عمليات الابتزاز وسرقة البنوك ونسف نقاط الشرطة وتحريض العمال للقيام بأعمال الشغب, وفي أثناء أحد الاضطرابات تسلل عنصر صهيوني وأصدر تعليمات إلي البوليس بإطلاق النار علي المتظاهرين, وحدثت مجزرة راح ضحيتها عدد كبير من كلا الطرفين, ثم ظهر الراهب الماسوني راسبوتين في قصر القيصر وكان الحاكم الفعلي لروسيا وكان يقيم طقوسا وثنية في كنيس الشيطان, مما أثار استياء الروس الذين أصيبوا بإحباط شديد من خسارة الحرب العالمية الأولي ودبر الصهاينة مجاعة بعد حرق القمح والمواد الغذائية وتخريب أجهزة الاتصالات ومراكز النقل ووزارة التموين, وعمت الفوضي المظاهرات الصاخبة شوارع بطرسبرج, وحاول الدوما مجلس الشعب احتواء الأزمة والاتصال بالقيصر نيقولا الثاني لتحذيره من مؤامرة تستهدف أسرته وأن روسيا علي شفير الثورة, لكن هذه التحذيرات لم تصل إلي مسامع القيصر الذي سقط في أيدي الثوار الذين أعدموه مع أسرته بعد قيام ثورة..1917 وهكذا خرج المارد الشيوعي ليشيع الخراب ويهدد العالم.