مرة أخرى أؤكد ما سبق أن قلته أمس من أن مصر لم تعد تحتمل مزيدا من الكلام. ولعل ذلك ما يدفع بكثير من عقلاء هذا الوطن إلى التنبيه لأهمية ترشيد هذه السجالات وتوجيه الجهد المجتمعى نحو صياغة رؤى جديدة تتوافق مع متطلبات هذه المرحلة التاريخية الفاصلة والحاسمة التى تحتاج إلى أكبر قدر من الرشد السياسى والهدوء المجتمعى بعد أن بدأت مصر أولى خطواتها فى تنفيذ خارطة المستقبل. ولا شك أن العمل وليس الكلام هو شرط نجاح المرحلة الجديدة التى دخلتها مصر بإقرار الدستور والتأهب لاستكمال خارطة المستقبل بانتخاب رئيس جديد للجمهورية ثم إجراء انتخابات برلمانية وفق نظام انتخابى يرضى عنه غالبية الناس وليس غالبية النخب الحزبية مع كامل الاحترام لوجهة نظرهم فى البحث عن نظام يؤدى لتقوية الحياة الحزبية وضمان التمثيل الشكلى لها تحت القبة لأن الحياة الحزبية لن تقوى ويشتد عودها بمثل هذه الحقن التنشيطية وإنما تقوى ويشتد عودها بجهد فاعل لهذه الأحزاب على أرض الواقع يستهدف اكتشاف كوادر وقيادات جديدة قادرة على الاقتراب من هموم الناس ومشاكلهم المتراكمة منذ سنوات! ولا شك أن نجاح المرحلة المقبلة يرتهن بثقة الرأى العام فى صدق ما يكتب و ما يقال له عبر الوسائط الإعلامية بعيدا عن أى تعتيم ودون أى إغراق لملء الصفحات والشاشات لأن التحديات كبيرة وخطيرة.. ومن ثم نحتاج إلى مزيد من العمل وقليل من الكلام خصوصا ما يتعلق بتحديات لقمة العيش فى الداخل وارتباطها الوثيق بالتحديات الخارجية وعلى رأسها أزمة مياه النيل مع أثويبا التى تدل كافة المؤشرات على أنها توشك أن تدخل فى منعطف خطير قد تصبح معه مصر مضطرة لإعداد نفسها لكافة الاحتمالات ومن ثم اللجوء لكافة الخيارات.. وعلينا أن نتذكر أنه عندما فكرت أثيوبيا فى إنشاء السدود عند نهاية السبعينات من القرن الماضى قال الرئيس الراحل أنور السادات: «إننا لن ننتظر حتى يقطعوا الماء عنا ونموت من العطش ولكننا سنموت هناك»... وكان ذلك هو جوهر تحذير مصر لأثيوبيا خلال حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك لأن هذه مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا! خير الكلام: المراوغ من يدير لسانه فى فمه قبل أن يتكلم! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله