تعلمنا العقيدة المسيحية أن الإنسان, بعد الخطيئة الأولي التي دفعته بكبريائه إلي ارتكابها, أصبح في حالة خصام مع الله. لقد أغضب ربه وخالقه بكبريائه وعصيانه وتمرده فطرد من النعيم ولصقت به اللعنة وأغلق في وجهه باب السماء. وما كان بمقدور الإنسان أن يستغفر الله ويسترضيه, وهو المخلوق الحقير. وأشفق الله علي الإنسان فوعده بمخلص. وأتي هذا المخلص ليعيد السلام بين الله والإنسان, وليرفع الإنسان إلي مقامه الأول الذي أضاعه بمعصيته وخطاياه, وتجسد وأصبح بشرا ليؤله الإنسان كما عبر عن ذلك القديس أو غسطينوس فقال: تأنس الله, ليؤله الإنسان ويوضح القديس او غسطينوس ذلك فيقول: كان الإنسان بعيدا عن الله, والله بعيدا مترفعا جدا عن الإنسان, فقام بين الإثنين وسيط هو السيد المسيح وهكذا أصبح السيد المسيح رسول سلام بين الانسان وربه. وأصبح وحده الوسيط بين الله والناس. وتعلمنا العقيدة المسيحية ايضا أن هذه المعصية الأولي التي جعلت الانسان في حالة عداوة مع ربه, جعلته في حالة حرب داخلية مع نفسه, لقد أفقدته الخطيئة زمام نفسه, فلم يعد يقوي علي ضبط أهوائه والسيطرة عليها وراح يتوهم الخير حيث لا يلقي إلا الشر. وتوهم أن السعادة قائمة علي الإنانية وحب الذات, فأصبح لا يفكر إلا بنفسه ولا يهمه من دنياه إلا مصالحه الشخصية, وأخذ يعمل في سبيل تحقيقها, الضمير والدين والعدالة, فداس شرائع الله, وتنكر لوصاياه, واستباح محرماته, وسعي وراء غاياته فاستسلم لمحبة المال والجاه العالمي والأمجاد الباطلة, ولكنه يلقي بالمقابل إلا القلق والاضراب. ولد السيد المسيح عن عظمته الإلهية واختار الفقر وشظف العيش ليرشد الانسان إلي السلام ويعلمه أن السلام الباطني لا يقوم إلا علي التجرد والكفر بالذات وبالأمجاد الباطلة, وعلي الاستسلام لإرادة الله. أحبائي. لنعمل علي توطيد السلام بيننا وبين الله ونفوسنا والناس, منشدين في يوم ميلاد السلام, مع الملائكة ومحبي السلام أصحاب الإرادة والنوايا الصالحة الأنشودة الخالدة: المجد لله في العلي وعلي الأرض السلام وللناس المسرة( لوقا2:14) أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك لمزيد من مقالات المطران كريكور أوغسطينوس كوسا