جعل من سجنه الاختياري منارة للفكر والأدب, لم ينعي حظه العثر عندما أصيب بشلل الأطفال وهو في بداية حياته, ولم ييأس حين صدمته دراجة بعدها بعشرين عاما اصابته بكسر مضاعف في مفصل الحوض, ولم يستسلم للجلطة المخية التي مني بها بعد27 عاما أخري أصابته بشلل تام جعله حبيس أربع حوائط لا خامس لهم.. وبعد كل ذلك لملم شتات نفسه, واستغل قدرته علي التفكير والإبداع, واستعان بالصبر والصلاة حتي أصبح من أشهر أدباء وشعراء محافظة الإسكندرية. في البداية يقول ملاك ميخائيل: ولدت عام1947, بمدينة دمنهور, ونظرا لأن والدي- رحمه الله- كان يعمل مهندسا بالمساحة فقد تنقلنا معه إلي معظم محافظات ومدن مصر كلها من جنوبها إلي شمالها- خصوصا في سنوات بناء السد العالي- وقد شاء الله أن أصاب في طفولتي المبكرة بشلل الأطفال, مما حرمني من التمتع بالكثير مما يتمتع به أقراني, ومن أهم ما حرمت منه هو الذهاب إلي المدرسة, لكن أمي العظيمة- رحمها الله- لم تستسلم للأسي, بل صممت علي تعليمي بنفسها, حتي أتقنت القراءة والكتابة والحساب, وبعدما كبرت قليلا كانت تحملني علي كتفيها لتذهب بي إلي المدرسة وتعود منها, ولما أصبحت أكبر وأثقل من أن تحملني, اشتري والدي دراجة كان يوصلني بها للمدرسة, ثم يأتي ليرجع بي إلي المنزل, وبعد مشوار طويل من الكفاح والصبر والرضا بما كتبه الله لنا اجتزت مرحلة التعليم الأساسي, وتمكنت بعون الله من دخول الجامعة, والتخرج من كلية التجارة بالإسكندرية1975, والتحقت بالعمل محاسبا في إحدي الشركات الصناعية الكبري بالإسكندرية. ويضيف مخائيل: طوال مشوار حياتي كانت, القراءة والكتابة هوايتي الأولي والأخيرة, ثم أحببت كتابة القصة والشعر, وبدأت رحلتي الطويلة والجميلة معهما من خلال قصور الثقافة ونادي القصة الذي أسسه وأداره الأديب والصحفي المعروف فتحي الابياري, وبعدها شاركت في المسابقات الأدبية بالجامعة والجمعيات والأندية الأدبية التي كانت تعني بالأدب والثقافة, ووفقني الله فحصلت علي الكثير من الجوائز الأولي في العديد من هذه المسابقات المختلفة, ومن أهمها في مشوار حياتي الطويل والجميل جائزة الدولة للأدباء الشبان في عيد الفن والثقافة من الرئيس السادات في أكتوبر1979, والجائزة الأولي للقصة القصيرة وميدالية د.طه حسين الذهبية من نادي القصة بالقاهرة(1976 و1978), والجائزة الأولي في مسابقة يوسف السباعي للنقد القصصي والتي ينظمها المجلس الأعلي للثقافة بالقاهرة(1986), والجائزة الأولي في مسابقة إحسان عبد القدوس للقصة القصيرة(1991), وجائزة نادي القصيم الأدبي بالمملكة العربية السعودية في الشعر(1989), وجائزة دار نعمان للثقافة بلبنان للشعر(2003), بالإضافة إلي عشرات الجوائز الأولي في الكثير من المسابقات الأدبية والثقافية المختلفة. ويكمل ميخائيل: إلي جانب الفوز في المسابقات, ونشر الكثير من انتاجي الأدبي المتنوع, قصة, شعر, مقالات متنوعة, في الكثير من الصحف والمجلات المصرية والعربية, فقد ساعدني الله وعاونني الأحباء علي إصدار ثمانية كتب متنوعة, منها أربع مجموعات قصصية( لؤلؤة من الأعماق1976, التصادم1978, يحدث لكل الناس1982, آخر ما كنت أتوقعه2008) وأربع دراسات أدبية ونقدية( المرأة والحب والحياة في إبداعات فتحي الابياري1997, الصوفية في أعمال فتحي الابياري2004, فتحي الابياري شاعر القصة2006, لوسي يعقوب- حياة وعطاء2013) وآخر اصداراتي هو كتاب( الحرب- الجيش المصري قاهر الأعداء والإرهاب) وذلك في عدد نوفمبر2013 من سلسلة( كتاب الهلال). وبقي أن أقول: إنني وإلي جانب اصابتي بشلل الأطفال منذ طفولتي المبكرة, فقد صدمتني دراجة سنة1967, فأصابتني بكسر مضاعف بمفصل الحوض, تسبب عنه عجزي عن السير بغير جهاز طبي خاص وعكازين, ثم أصبت بجلطة مخية شديدة سنة1995أنقذني منها الله وحده مع بعض من مهارة الأطباء, ولكن نتج عنها اصابتي بشلل تام, يسجنني في مكان جلوسي, ولا أستطيع مغادرته أبدا, ولا يمكن بعد كل هذا إلا أن أشكر الله الذي أعطاني نعما وهبات كثيرة, من أهمها القدرة علي التفكير والإبداع, والقدرة علي الصبر والاحتمال, وقبل كل شيء وبعده هؤلاء الذين أحبوني وساعدوني علي الاستمرار في حياة العمل والكفاح. ويختتم ميخائيل حديثه قائلا: أحلم لذوي الإعاقة في بلادي بأن يكون الاهتمام بهم اهتماما فعليا وليس للدعاية والإعلان, وتتوفر لكل( معاق) وهي كلمة لا أعترض عليها, لأنها إرادة الله أولا وأخيرا,ولأنها ليست صفة سلبية لأنه المعوق بفتح الشدة التي علي الواو; وليس بكسرها, فأحلم بتوفير وتسهيل سبل حصول كل معوق علي القدر الكافي من التعليم المناسب لظروف إعاقته, وتوفير الدخل,الذي يساعده علي الحياة الكريمة والمعقولة حتي لا يمد يده للآخرين, وأطالب الدولة والمجتمع, بإقرار قانون فوري وعاجل بحق كل معاق في الحصول علي معاش مناسب منذ دخوله المدرسة وحتينهاية دراسته والتحاقه بعمل مناسب لظروف إعاقته.. فهل يتحقق حلمي الصغير هذا مع بداية العام الجديد(2014)؟!.