انتشرت علي بعض الفضائيات إعلانات عن حملة لجمع مليون صلاة علي رسول الله, صلي الله عليه وسلم, علي أن يبعث من أراد الاشتراك رسالة مكتوبا فيها اسم محمد علي الأرقام التي تظهر علي الشاشة. الصلاة علي رسول الله, صلي الله عليه وسلم, من الأمور التعبدية التي لا مراء فيها, فإن التساؤل الذي يطرح نفسه بقوة: هل يجوز التربح من الأمور التعبدية ؟ وهل هناك شبهة مباهاة في هذا الأمر ؟ وهل هناك تعارض بين هذا الأمر والآية القرآنية الكريمة: قل لا أسألكم عليه من أجر. طرحنا هذه التساؤلات علي علماء الدين حتي نستطلع رأيهم في هذا الأمر, فقال الدكتور رأفت عثمان, أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر بالقاهرة, وعضو هيئة كبار العلماء: ما جاء في إحدي الفضائيات, حول الاعلان عن حملة لجمع مليون صلاة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم, علي أن يبعث من أراد الاشتراك في هذه الحملة برسالة مكتوب فيها اسممحمد علي الأرقام التي تظهر علي الشاشة, موضحا وجهة اعتراضه علي هذه الوسيلة, من ناحيتين, الأولي: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم, لا يذكر اسمه والصلاة والتسليم عليه, الا في مقام بعيد عن اي شبهة, بل ان المطلوب عند التعبد بالصلاة والتسليم عليه ان يكون بعيدا عما يقترب من المباهاة, أما الناحية الثانية من الاعتراض, فتتمثل في ان هذه الوسيلة, يستشعر منها انها وسيلة تجارية, الغرض منها, جمع المال بوسيلة تعبدية محببة الي قلوب كل المسلمين, وهي الصلاة والتسليم علي رسول الله, صلي الله عليه وآله وسلم, فالذي يتصل بالتليفون أو إرسال رسالة بواسطة الأرقام المعلن عنها, بلا شك يتكلف قيمة هذه المكالمة او الرسالة, فمن المتصور ان تكون هذه الوسيلة, مقاسمة, في أسعار المكالمات او الرسائل التي يتصل او يبعث بها اصحابها من الجمهور, مع شركات الاتصال المختلفة, ولهذا فإنني أرفض هذه الوسيلة, لأن الظاهر منها أنها عمل تجاري, وليس عملا تعبديا. وأضاف: أن الوصول إلي مكسب شخصي عن طريق أداء الناس لعبادة ما, ممنوع ومرفوض شرعا, ولا أتصور إطلاقا أن أستفيد أنا ماديا من أداء الناس- مثلا- لصلاة الصبح, او التراويح, أو قراءة القرآن الكريم, وهكذا الأمر في الصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم, فالصلاة علي الرسول لابد ان تكون مبرأة من أي مكسب مادي, يرجع الي أي جهة او فرد من الأفراد, وهكذا الشأن في كل عمل تعبدي المقصود منه التقرب الي الله عز وجل. بدعة دينية وفي سياق متصل, أكد الدكتور نبيل السمالوطي, أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر, أن وجود قناة فضائية لحث الناس علي الصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم, امر جيد, لأن الصلاة علي الرسول واجبة, يقول الله تعالي في كتابه الكريمإن الله وملائكته يصلونعلي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما, ويقول الرسول الكريم من صلي علي صلاة واحدة صلي الله عليه بها عشرا, فلا شك ان من يدعو الي هذه الغاية فهو مشكور, لكن عملية ارسال رسالة من التليفون المحمول, عليها اسممحمد- وبالطبع هذه الرسالة ليست مجانية- فهذه بدعة دينية ودنيوية, فعندما يقوم المسلم بالصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم, فانه ليس محتاجاالي ارسال رسائل او الاتصال تليفونيا. وأشار الي ان مثل هذه الوسائل, شكل من أشكال الابتزاز المالي للناس, وهو استغلال باسم الدين يرفضه الشرع والعرف والعقل, كما انه يعد توظيفا للدين في الحصول علي اموال الناس بالباطل, التي أمر الاسلام بالمحافظة عليها, ومثل هذه الامور لم تحدث في اي مرحلة علي مدي تاريخ الدعوة الاسلامية, التي يزيد عمرها الآن علي أكثر من اربعة عشر قرنا من الزمان, فالصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم, امر بين العبد وربه, وايضا بين العبد والرسول صلي الله عليه وسلم, فقد أخبر الرسول المعصوم في الحديث الشريف ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتي أرد عليه السلام, موضحا ان عملية التلاعب باسم الدين في السياسة او الاقتصاد او التجارة, هي من الناحية الشرعية والدينية امر مرفوض, لانها نوع من انواع اكل الناس بالباطل. وأكد ان استغلال العاطفة الدينية المتأججة في قلوب المسلمين سواء في حب الله تعالي او في حب رسول الله صلي الله عليه وسلم, لتحقيق اهداف اقتصادية او تجارية او سياسية غير مشروعة, لا يجوز شرعا, خاصة في ظل مجتمعات تتفشي فيها الامية الدينية بنسبة80% حتي بين خريجي الجامعات, والذي يفعل ذلك ويجاري تلك الاعلانات ابتغاء للشهرة, فمتروك امره الي الله تعالي, فالعبرة في النهاية بالنيات, يقول الرسول صلي الله عليه وسلمإنما الأعمال بالنيات وانما لكل امرء مانوي...., مشيرا الي ان تذكير الناس وحثهم علي الإكثار من الصلاة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم, أمر لايحتاج الي مثل هذه الوسائل, ولكن يكفي ان يقوم داعية او عالم جليل بهذه المهمة في اي مكان, وفي كل وقت, عبر أي وسيلة إعلامية, مقروءة أو مسموعة أو مرئية, وقد قال الله تعالي في قرآنه الكريمادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسنإن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.