ردود فعل عديدة أثارتها التقارير العالمية التي أشارت إلي تعاقد الحكومة المصرية الحالية مع إحدي شركات ما يعرف ب' التسويق السياسي' أو' اللوبي الأمريكي' لتحسين صورتها في الأوساط الأمريكية خاصة لدي دوائر صنع القرار. والحقيقة أن التعاقد مع شركات العلاقات العامة والدعاية نهج متعارف عليه منذ سنوات طويلة بين دول العالم أمام التصعيد السياسي والإعلامي لقوي سياسية واجتماعية ضد الحكومات, خاصة إذا كانت تهدد العلاقات مع قوة عالمية مثل أمريكا. وبالتالي, فإن الحكومات المصرية المتعاقبة منذ توقيع برنامج المساعدات مع الولاياتالمتحدة تتعاقد سواء مع شركة واحدة أو أكثر تعمل في مجالات العلاقات العامة أو المسايسة أو كليهما وفقا للحاجة. وأيا كان الطرف الذي يتعاقد أو الظروف المحيطة بهذا التعاقد فاللاعب الأساسي هنا حقا هو هذه الشركات. فما الذي يدفع الحكومات بكامل هيآتها ومؤسساتها وخبرائها ومسئوليها للاعتماد علي مثل هذه الشركات في مهمات بهذه الأهمية؟ ولماذا تبوح لها بمكنونات صدرها وكأنها مريض بحاجة لعلاج نفسي وتثق في طبيبها أنه لن يبوح بالسر وسيعالجها أيضا؟ ورغم الانتقادات, فإن الحكومة تري أن الهدف من التعاقد مع هذه الشركات هوتطوير الأدوات المتاحة لديها للتواصل مع مختلف مراكز صنع القرار الأمريكية لتصحيح الصورة المغلوطة عن مصر التي يحاول عناصر تنظيم الإخوان نقلها للعالم الخارجي. وتقوم الحكومة المصرية بتحديد مضمون الرسالة المراد توجيهها والأطراف المستهدفة سواء في الإدارة الأمريكية أو الكونجرس أو مراكز الأبحاث أو وسائل الإعلام. وربما كان مبعث هذه الانتقادات أن نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك أنفق ملايين الدولارات من خزينة الدولة علي هذه الشركات لكسب ود الأمريكان. ومنذ أن انتهي تاريخ تعاقد الحكومة المصرية مع آخر شركة في هذا المجال في العام الماضي, واجهت العلاقات المصرية الأمريكية العديد من التوترات كان آخرها إعلان وزارة الخارجية الأمريكية عن وقف جزء من مساعداتها العسكرية لمصر. وتولت هذه الشركات أدارت الشركة من قبل حملات انتخابية لمرشحين للرئاسة ولأعضاء بالكونجرس, من بينهم هيلاري كلينتون.. والغريب أن هذه الشركات لا يهمها إذا كانت تتعامل مع حكومة ديمقراطية أو ديكتاتورية فحتي الرئيس السوري بشار الأسد لجأ إلي إحدي هذه الشركات لتحسين صورته لدي واشنطن وكذلك فعل الرئيس الليبي السابق معمر القذافي وحكومتي اسرائيل وتركيا منذ سنوات قليلة. وسبق أن نجحت إحدي هذه الشركات في وقف مشروع قانون كان مطروحا في الكونجرس الأمريكي قبل سنوات وهدد بوقف المساعدات لمصر احتجاجا علي سجلها في مجال حقوق الإنسان. وتعمل هذه الشركات من خلال مجموعة من الخطوات تبدأ بتقديم الاستشارات السياسية للتعامل مع مراكز اتخاذ القرار, وتقديم المشورة بشأن السياسات الأمريكية والكونجرس, كما تنسق بين أعضاء الكونجرس وبين الحكومات الأجنبية المتعاقد معها. والهدف في النهاية من انفاق كل هذه الأموال هو إقناع الغرب أن كل شيء علي ما يرام... علي الأقل حاليا. فهل حقا هذه الشركات هي خير علاج لما نعاني منه؟