بعد صدامات الشوارع والميادين بين جماعات الاخوان ومناصريهم والشعب والأمن من جانب آخر, دخلت هذه الصدامات مع بداية العام الدراسي الي الجامعات المصرية التي تشهد معارك دامية. يستخدم فيها المولوتوف والشماريخ والسلاح الأبيض علي مرأي من أمن الجامعات التي رفعت يدها من مواجهة هذه الأحداث الدامية, مما حدا بأساتذة الجامعات ومسئوليها إلي إلقاء اللوم علي الدولة ممثلة في مجلس الوزراء والأمن القومي, مطالبين بضرورة تطبيق القانون الذي يجرم هذه الممارسات التي تضر بالعملية التعليمية وتعطل الاداء داخل الجامعة في الوقت الذي يمتنع فيه رؤساء الجامعات عن الرد علي الهواتف. بداية يري الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة القناة أن اشتعال المعارك بين الطلاب الوطنيين والاخوان انتشر في مختلف الجامعات وظهر في صور أخرجت النشاط التعليمي الي نشاط سياسي, وهو ما لم تشهده أي جامعة في العالم وبهذا المستوي لانه إذا حدث شيء من هذا يقابل بالردع والشدة بعكس ما يحدث عندنا عندما يقف أفراد الأمن عاجزين عن حماية الجامعة ومنشآتها ويكون دورهم الأساسي هو التفرج علي الصدام مما نتج عنه اصابات شديدة ستسبب عداوات وصراعات أخري لا تنتهي. وأشار إلي أن المشكلة كلها مرتبطة بتراخي الحكومة ونظام الدولة وتباطؤ القرارات لدرجة تثير الشك في طبيعة التعامل, فالحكومة لا تلتفت للشعب بقدر اهتمامها بالشأن الخارجي ونظرته لمعالجات الأمن, فالسلطة ترتدي قفازا من الحرير, وليس من الحديد, فإذا كان حكم المحكمة هو حظر نشاط الجماعة وتجعل ذلك مجرما لأي ممارسة بأي شكل لأفرادها ولكننا نفاجأ انها تتفاوض مع شباب الاخوان كما لو انها تخالف القانون وتعطيهم القوة ضد القانون, فهناك وثيقة23 يوليو1952 التي تجرم هذه الجماعة وتحدد الحكم بالحبس6 أشهر الي عامين لمن يمارس الحياة السياسية أو العنف منها, وهو ما يستوجب مع ظروف الحياة تغليظ العقوبة حتي المؤبد في حالة النشاط المحظور, لأنه لا مكان في الجامعات لأي نشاط سياسي من أي نوع, ولابد ان تتخذ الاجراءات ضد هؤلاء الذين يعطلون العملية التعليمية وهي الدور الوحيد للجامعة فهذا خيانة لأمن الوطن. قانون الجامعات أما الدكتور عبد الله زلطة استاذ الإعلام بجامعة بنها فيشير إلي ضرورة تفعيل المادة317 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات رقم49 لسنة1972 التي تنص علي( تنشأ بكل جامعة وحدة للأمن الجامعي تتحدد مهامها في حماية منشآت الجامعة وأمنها وتتبع رئيس الجامعة مباشرة وتتلقي منه أو من ينيبه التعليمات اللازمة لاداء هذه المهام, ويكون للأفراد زي خاص يحمل شعار الجامعة) وانه مع ذلك فإن هذه المادة تعطلت, ولم يفعلها أحد ذلك لجهل معظم القيادات بها لأنها تبيح للحرس القبض علي أي مخالف ومنع أي مخالفة بل وتأمين جميع المنشآت والمحتويات النفيسة بالكليات, واتجهت الجامعات منذ ذلك التاريخ ومنذ نحو3 عقود للاعتماد علي وزارة الداخلية التي عملت بعض مؤسساتها في التدخل بنشاط الجامعة الي ان جاء حكم المحكمة الإدارية العليا في ديسمبر2010 بإلغاء الأمن الشرطي من الجامعة. وأضاف أن من ينفون وجود الضبطية القضائية يكون ذلك جهلا أو مهادنة مع الطلاب, لان هذه الضبطية موجودة فعلا وفق قانون الجامعات فإذا كان هناك شغب مثلما يحدث الآن فإن لفرد الحرس ان يلقي القبض علي الطالب المشاغب بحكم الضبطية القضائية ويحرر له محضرا ثم يحيله للنيابة العامة مباشرة وفق جريمته دون ان يستعين بالشرطة لإحالته, وتحريك الدعوي الجنائية ضد أي أعمال خطرة أو مدمرة أو معطلة للعملية التعليمية مع منع أي تدخل من الشرطة وفي نفس الوقت فإن علي الجامعة ان تهتم بفرد الأمن لديها بما يجعله في مستوي رجل الأمن الشرطي العادي من حيث الملاحقة للمخربين ومتابعتهم وتدريبه علي مستوي عال من وسائل الضبط والقوة التي تحكم الاداء بالجامعة ويمكن ان يكون التدريب علي يد بعض ضباط الجيش أو الشرطة الأكفاء ممن احيلو للمعاش. وأن يكون اختيار افراد الأمن علي أساس القوة الجسمانية والعضلية لمواجهة أي ظروف طارئة في الوقت الذي تكلف فيه قوات الشرطة والجيش بحماية الجامعة من الخارج لمنع وصول البلطجية كما حدث في جامعة عين شمس والضرب بيد من حديد في حالات الشغب. وانه علي رؤساء الجامعات وعمداء الكليات استخدام سلطاتهم وفق القانون بتوقيع العقاب علي مثيري الشغب ومنها الفصل الجزئي أو الكلي وفق مجلس الكلية أو الجامعة, حتي الاستاذ الجامعي لديه سلطة حرمان الطالب لمدة اسبوعين من المحاضرة. الحوار والإقناع وأشار استاذ الإعلام إلي الجانب الاخر من معالجة حالات العنف التي يقوم بها الاخوان بالجامعات وذلك بفتح حوار معهم من خلال الاساتذة والمحاضرات لتبصيرهم بأن الاسلام دين تسامح وليس ارهابا وعدوانا علي الاخرين وان الحوار أفضل وسيلة لتوصيل المفاهيم التي يعتقدون فيها حتي لا يكونوا سببا في تعطيل أنفسهم وزملائهم ويفقدوا مستقبلهم وحتي يتوازنوا فكريا ونفسيا مع مجتمع الجامعة وخارج الجامعة فإذا ظهرت أشكال من التطرف بالمحاضرة أو خارجها يكون الفصل هو العمل الحاسم التالي للمخالف وكان الأجدر بذلك ان يطبق القانون مع الطلاب الذين اعتدوا علي الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق بكلية دار العلوم وبصورة لا يمكن ان تغتفر, والاسلام لا يسمح بذلك ومع ذلك لم تتخذ قرارات حاسمة الا بتحويل بعضهم للتحقيق فقط, أما الباقون فقد اختفوا لعدم وجود كاميرات تصور كل الأحداث والأشخاص وتحدد المتهمين الرئيسيين في هذه الجريمة. أما الدكتور عاصم الدسوقي استاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان فيؤكد أن تاريخ الصدام والعمل السياسي في الجامعات بدأ قبل ثورة يوليو1952 وكان العمل السياسي للطلاب موجها ضد الاحتلال الانجليزي لمصر والعملاء الذين يتعاملون معه فكانت بداية المظاهرات الجامعية في العام الدراسي34 1935 وكانت تهتف ضد اسماعيل صدقي مطالبة بإعادة دستور1923 والغاء دستور1930 وهذه المظاهرات شارك فيها جمال عبد الناصر وهو طالب وجاء وزير خارجية بريطانيا وقتها وهو صمويل هور وقال إن المصريين يحتاجون الي تربية سياسية ليستوعبوا الدستور. وأضاف أن اندماج الطلاب في العمل السياسي سببه نشاط الأحزاب السياسية والبرلمانية منهم الوفد والاحرار الدستوريين والهيئة السعدية والشعب, والكتلة والحزب الوطني وهي6 أحزاب رئيسية وتغير بعضها في تلك المرحلة حتي ثورة1952 ثم جاءت مظاهرات عام1946 المعارضة لاستمرار معاهدة1936 مع الانجليز وحتي ثورة1952 وانتهي التفاوض بالانسحاب الانجليزي وتوقفت المظاهرات لأن عبد الناصر ناصر الطبقة الشعبية من العمال والفلاحين واعطاهم حقوقهم ونفذ العدالة الاجتماعية. وحدثت مظاهرات وحيدة في عام1954 من شباب الجامعة في12 يناير1954 احتفالا بيوم الشهيد شارك فيها الاخوان بكثافة ومعهم الشيوعيون وكانوا جميعا ضد الثورة, واستطاع محمد نجيب رئيس الجمهورية وقتها ان يصرفها وكذلك مظاهرة بعد نكسة يونيو لإعادة محاكمة الطيران واستجاب لها عبد الناصر. وأشار استاذ التاريخ المعاصر الي ان النظام العالمي بالجامعات يمنع ادخال السياسة بالجامعة تحت أي مسمي لانها دار علم, وان اتحادات الطلاب المفترض انها تركز علي مصلحة العملية التعليمية ومشكلات تعلم الطالب. وفي حوار مع مسئول كبير بجامعة القاهرة أكد أن الجامعة تتيح الفرصة للتفاهم فإذا فشلت فإن هناك الوسائل الكافية لضبط العملية التعليمية ومنع أي نشاط سياسي بالجامعة واخرت فكرة الحل الأمني حرصا علي مستقبل الطلاب واعطاء الفرصة لبدء دراسة بدون عنف أو مشكلات إلا أن ذلك لا يمنع ان تتخذ الاجراءات حتي تبدأ العملية الجدية في الدراسة هذا العام, وهذا لإعطاء الفرصة أمام الجميع, أما إذا كان الحل الأمني هو الأخير فنحن مضطرون اليه من أجل مصلحة باقي الطلاب وذلك لأن الجامعة بكل كلياتها بها أجهزة غالية جدا وتحتاج حراسة قوية, كما أن هناك كنترول امتحانات الطلاب لكل السنوات يحتاج تأمينا قويا وأمنيا لأن تعرضه للحرق مثلا سيضيع مستقبل الطلاب. لذلك فإن الرأي الصائب الحقيقي والكلام للمسئول ان يرجع الأمن الشرطي وليس أمن الدولة لأن الطالب سيحترم الشرطة ويعمل لها حسابا وهي مدربة علي مواجهة العنف اما اسلوب التدليل الذي يحدث الآن فليس في مصلحة العملية التعليمية ابدا, فالجامعة للدراسة فقط أما محاولة تعطيلها فهذه جريمة, فليس معقولا ان يعتدي طلاب من كليات مختلفة علي الدكتور علي جمعة في دار العلوم دون وجود أمني حقيقي وهذا يتطلب عقابا شديدا ورادعا حتي يكون للجامعة قدسيتها وان قرار المحكمة بإلغاء الحرس ربما يقصد الأمني وليس الشرطي.