حالة من الرعب والفزع والخوف تجتاح العالم مع موت أطفال سوريا بالأسلحة الكيماوية.. فالموت الآن يمكن أن تحمله نسمة هواء أو شربة ماء.. آلة قتل جهنمية تضرب الحياة بأسلحة دمار شامل اسمها الأسلحة الكيماوية والبيولوجية. هذه الأسلحة من أرخص وأسهل أدوات القتل.. وأكثر ما تتضمنه هذه الأسلحة من خطورة هو سهولة تركيبها بمصاريف زهيدة وتكنولوجيا بسيطة وسرعة فائقة ومعامل محدودة القدرة,, وأكثر ما يثير الفزع من هذه الأسلحة انه لايمكن السيطرة عليها ولا يمكن مراقبتها وانها تحقق الموت في سكون دون سماع أي أصوات للسلاح أو حتي رؤيته, ويظل يتردد في الكون تساؤلات البشر عن أسرار هذا الرعب الذي يهدد الدنيا الآن. في سنة1941 تم تربية كمية هائلة من البراغيث, واستطاع العلماء تحميلها وباء الطاعون وقامت الطائرات اليابانية بإطلاق هذه البراغيث القاتلة من ارتفاع منخفض علي المدن الصينية.. وبعد أيام قليلة انتشر وباء الطاعون في كل البلاد ليحصد عشرات الآلاف من الأرواح, وقامت أمريكا بإعفاء العاملين بوحدة الحرب البيولوجية في جيش اليابان الذين نفذوا هذه الخطة واعتمدت عليها لإنشاء برنامج للدفاع البيولوجي الأمريكي. ولم تكن هذه الواقعة هي البداية لهذه الحروب الخطيرة.. ولكن التاريخ يؤكد أن الانسان عرف هذه الحروب منذ القرن السادس قبل الميلاد عندما كان الآشوريون يسممون آبار مياه أعدائهم بفطريات صدأ القمح السامة.. وفي الحرب العالمية الأولي وضعت انجلترا بكتيريا الكوليرا في مياه الشرب بإيطاليا بينما كانت ألمانيا تلقي قنابل محملة بالطاعون فوق لندن.. وسمم الصهاينة آبار المياه للفلسطينيين بميكروبات التيفود خلال إعدادهم لقيام دولة إسرائيل. قنابل الدول الفقيرة والأسلحة الكيماوية تكون كما يشرح د. مجدي بدران استشاري المناعة في صورة سوائل أو غازات وتعتبر بمثابة القنابل الذرية للدول الفقيرة.. وتتغلب هذه الغازات القاتلة علي الدفاعات الحصينة وتدخل جسم الانسان عن طريق الأنف والفم والجلد.. وتتضمن غالبا غازات الخردل, التابون, السيانيد, السارين.. وهذا السارين من أكثر العوامل سمية وأكثرها سرعة في القتل.. ويقوم هذا الغاز بإبطال النهايات العصبية للقيام بأعمالها وفشل الجهاز التنفسي مما يؤدي إلي الموت.. وقد استخدم هذا الغاز إبان الحرب العراقية الايرانية, كما قام جماعة يابانية بهجوم علي مترو انفاق طوكيو باستخدام غاز السارين أدت إلي قتل7 أشخاص وإصابة500 شخص.. وهناك إدعاءات بقتل223 من سوريا بهذا الغاز خلال الشهر الماضي حركت مخاوف العالم الذي قد يتدخل لوقف هذه المذابح. صناعة الموت علي الانترنت وتلعب الكائنات الحية من الميكروبات دورا مخيفا في هذه الحرب, كما يشرح د. عبدالهادي مصباح أستاذ المناعة والميكروبيولوجي, حيث يمكن استخدامها بواسطة الدول أو المخابرات أو الارهابيين دون الوصول إلي الفاعل. لأن تأثيرها لايظهر الا بعد فترة حضانة يكون الفاعل قد اختفي.. وبعض الكائنات مثل بكتريا الانثراكس يكفي استنشاق واحد من مليون من الجرام لقتل الانسان.. ويمكن أيضا إطلاق50 كجم من هذه البكتريا التي تسبب مرض الجمرة الخبيثة من طائرة علي ارتفاع2 كيلو متر علي منطقة سكنية يمكن أن تقتل نصف مليون شخص.. كما تضم معاهدة شمال الأطلنطي39 نوعا يمكن إستخدامها كسلاح بيولوجي قاتل.. والغريب أن طرق تصنيع هذه الأسلحة منشورة الآن علي بعض مواقع شبكة الانترنت لمن يشاء أن يتعلم كيفية صنعها! وحاولت الدول مواجهة هذه الكارثة بإعداد تطعيمات يمكن أن تبطل تأثيرها.. ولكن علم الهندسة الوراثية تدخل كما يضيف د. عبدالهادي مصباح ليبطل تأثير هذه التطعيمات, بحيث لا تؤثر في هذه الميكروبات القاتلة مثل الطاعون السوبر الذي يصنعه الاتحاد السوفيتي الآن.. كما تمكن العلماء من وضع جينات بكتريا قاتلة مثل الجدري والكوليرا داخل التركيب الجيني لأنواع من البكتريا غير الضارة.. وهناك15 فيروسا جديدا ظهر حديثا معظمها لايوجد لها علاج حتي الآن مثل الايبولا, وحمي اللاسا, وماربورج, وانفلونزا الطيور, وغيرها. وهناك بعض الفيروسات اختفت من العالم الآن مثل فيروس الجدري والذي توقف تطعيم الأطفال للوقاية منه منذ عام..1980 إلا أنه تبين أن بعض الدول تحتفظ بسلالات من فيروس الجدري لاستخدامه في أغراض الحرب البيولوجية.. وإذا تم ذلك فإن الوباء يمكن أن ينتشر في العالم كله لعدم وجود مناعة أو تطعيم مسبق ضد هذا المرض. الموت داخل رسالة بريد وتتضمن الحرب البيولوجية أيضا كما يشرح د. عزالدين الدنشاري أستاذ السموم بصيدلة القاهرة استخدام السموم التي تنتجها البكتريا مثل بكتريا الجمرة الخبيثة التي تنتج سما قاتلا يشل الخلايا المناعية في جسم الانسان.. وقد استخدمت جراثيم الجمرة الخبيثة المركزة بوصفها داخل رسائل بريدية وارسالها إلي بعض الأشخاص المراد قتلهم, وقد نجحت في قتل5 أشخاص من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي واصابة17 منهم.. وقامت معامل الدول أيضا باكتشاف سم البوتيولاينام نتيجة تحلل البكتريا من أنسجة الحيوانات النافقة.. ويمكن لهذا السم أن يصيب النهايات العصبية للجسم بالشلل التام, ثم فشل الجهاز التنفسي وانخفاض ضغط الدم ثم تحدث الوفاة من شلل عضلات التنفس.. ويعتبر هذا السم من أقوي سموم الحرب البيولوجية. سلالات جديدة أشد فتكا كما تؤكد التقارير توصل العلماء إلي سلالة نادرة من بكتريا الإيكولاي شديدة العدوي وشديدة السمية تلتصق بالأمعاء وتؤثر علي الدم والكلي والجهاز العصبي وتسبب إسهالا قاتلا للأطفال.. وفي عام1981 استطاع علماء أمريكيون وضع جين اشتق من بكتيريا الجمرة الخبيثة وينتج بروتين قاتل في بكتريا إيكولاي غير الضارة ونجحت تجارب البروتين القاتل وأصبح جاهزا لاستخدامه كسلاح بيولوجي الآن. الطاعون يطل برأسه ويجتاح العالم مخاوف من نشر الأوبئة.. وهناك فيروسات عادت للظهور كما يضيف د. عبدالهادي مصباح بشكل وبائي مرة أخري مثل فيروس هانتا والايبولا وحمي الدنج وحمي الوادي المتصدع والإيدز وأنفلونزا الطيور ويتم نشر هذه الفيروسات علي شكل سلاح بيولوجي يعد هندسته وراثيا, حيث ان البشر ليس لديهم أي مناعة ولا يوجد تطعيمات أو مصل واق حتي الآن للوقاية من هذه الفيروسات. .. وتؤكد كثير من الدلائل أن فيروسات هانتا والايبولا والطاعون قد دخلت بالفعل في دائرة أبحاث تصنيعها كأسلحة بيولوجية قد تستخدمها في وقت لاحق الجماعات الإرهابية.