تغيير شامل وكامل في البيئة الإعلامية المصرية, قد تصل درجته إلي حدود الإعصار أو تسونامي, توقعت نخبة من الإعلاميات والإعلاميين حدوثه في العام الجديد(2012) ليشمل المقروء والمسموع والمرئي, والقومي والمستقل والحزبي والخاص, وليطيح بكل ما هو متخلف وموجه ومسخر لخدمة الأنظمة الفاسدة المستبدة, أو يوظف للمصالح الشخصية والانتهازية المحدودة. تغيير شامل وكامل في البيئة الإعلامية, سوف يطرأ بكل تأكيد علي المضمون والرسالة والأداء والإدارة والملكية, ليتماشي مع ما سيتحقق علي أرض الواقع في مصرمن تحولات دستورية وتشريعية وتنفيذية, وكأحد المكتسبات والاستحقاقات المباشرة لنجاح ثورة25 يناير المجيدة. صحيح أن عام2011 انقضي بدون أن تشهد البيئة الإعلامية المصرية التغيير المشهود والمنشود, اللهم إلا في حدوث عدد محدود من التعيينات علي قمة الهرم الوظيفي في المؤسسات الحكومية والقومية والعامة, إلا أن أنظمة العمل الفاسدة والمتخلفة والانتهازية والمعادية لأهداف الثورة بقيت علي حالها في معظم المؤسسات تقريبا وعلي مختلف المستويات والأصعدة. هذه البيئة الإعلامية المصرية المتخلفة والفاسدة والانتهازية والتي بقيت علي حالها ماهي إلا انعكاس طبق الأصل لما حدث ويحدث علي مستوي كل مرافق الدولة المصرية بعد25 يناير, حيث جري الإطاحة بمبارك وكبار معاونيه, وبقي النظام الفاسد المستبد علي حاله, مما تسبب في تصعيد مشاعر الإحباط والمرارة لدي العاملين في الدولة والمؤسسات الإعلامية والصحفية معا. المشهد الإعلامي المصري المرتبك تجلت صورته بأشكال متعددة في ورشة عمل تحولات ما بعد ثورة25 يناير, التي نظمها منتدي رفاعة الطهطاوي( عالم واحد للتنمية) ومنظمة إنترنيوز الإعلامية العالمية, علي مدي يومين كاملين الأسبوع الماضي في العين السخنة, بمشاركة20 إعلاميا وإعلامية ينتمون إلي مختلف المؤسسات الإعلامية الحكومية والقومية والخاصة. بعد مرور عام تقريبا علي قيام الثورة, لدينا أمثلة كثيرة علي الارتباك الذي تعانيه البيئة الإعلامية المصرية الرسمية والقومية والخاصة, يمكن أن نقرأها ونلمسها بسهولة ويسر من خلال مواقف ومفاهيم متضاربة وممارسات تآمرية مشبوهة, وسياسات تحريرية تتناقض مع واقع الحال الذي تشهده ويجب أن تصبح عليه مصر الثورة. في ظني أنه لا بديل أمامنا سوي تثبيت وتشجيع ومؤازرة إرادة الثورة, والتغيير في كل الأجهزة والقطاعات والمؤسسات الإعلامية والصحفية المسموعة والمرئية والمقروءة, لتشمل المضمون والرسالة والإدارة والكوادر البشرية المؤهلة, بالإضافة إلي حماية المبشرين والمؤمنين بالثورة من عناصر الإفساد والهدم والترويع والفلول وأصحاب المصالح الخاصة والانتهازيين والمتحولين, كل ذلك ضروري في هذه المرحلة, حتي يأتي التغيير الكامل والمنشود ويسود شعار الثورة الأساسي في العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. لاحظوا الفرق بين ما قامت به ابنة ثورة25 يناير, لمياء سليمان, المذيعة الشابة بإذاعة الشرق الأوسط, التي فاجأت المشاركين في ورشة العمل الإعلامية بالعين السخنة, بضرورة الخروج علي نص البرنامج, وبدء مراسم الافتتاح بقراءة الفاتحة والوقوف دقيقة حدادا علي أرواح شهداء الثورة المصرية وتحية مصابيها من الثوار الشرفاء, الذين لولاهم ما تطلعنا إلي إحداث التغيير الشامل والكامل في البيئة الإعلامية المصرية. ليتأمل الراغبون في التغيير الشامل والكامل للبيئة الإعلامية3 أسئلة مشروعة طرحتها لمياء سليمان أمام المشاركين في ورشة العمل ويجيبوا عليها بشكل فوري: من يملك؟ من يدير؟ من يعمل؟ قارنوا هذا الموقف الشجاع والنبيل لمذيعة مصرية شابة تترجم من خلاله شعار الثورة في العيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية مع استغاثة العاملين بقناة النيل للأخبار, الذين يعترضون علي تعيين مذيعة معروفة بمواقفها المعادية للثورة في موقع قيادي للقناة وكأنه لا يوجد من الكفاءات غيرها. بدت حالة من المرارة والاستياء لدي المشاركات والمشاركين في ورشة العمل الإعلامية بالسخنة بسبب ما أسموه قيام الإعلام المصري الرسمي والمستقل والخاص بنشر الشائعات الكاذبة, وإشاعة الذعر في نفوس المواطنين, وتشويه صورة الثورة, وبث الفرقة بين الثوار واتهامهم بالعمالة وتلقي الاموال من الخارج, فضلا عن إشاعة روح اليأس والخراب المالي والاقتصادي, خدمة للثورة المضادة. حتي لو لم يثبت هذا الاتهام بشكل كامل أو جزئي علي الإعلام المصري بكل صوره وأدواته ومنابره المقروءة والمسموعة والمرئية, فإنه لم يعد مقبولا أن يظل الحال البائس والفاسد والمتخلف الذي كان ولايزال يمر به علي ما هو عليه, من هنا تأتي الرغبة العارمة في التغيير الشامل, ومعرفة من يملك, وتحديد من يدير, واختيار الكوادر القادرة علي القيام بالمهمة الإعلامية الصحيحة, في المرحلة الجديدة من تاريخ مصر الثورة, وهو ما يتوقع الجميع حدوثه في العام الجديد. المزيد من مقالات كمال جاب الله