تحظي الاحتجاجات الواسعة في تركيا ضد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان باهتمام كبير داخل إسرائيل فعدد كبير من المحللين والمعلقين السياسيين في الدولة العبرية تفرغوا طيلة الأيام الماضية لرصد وتحليل حركة الرفض الشعبي التركي لبقاء أردوغان في منصبه والبعض في إسرائيل عقد مقارنة بين ميداني التحرير في القاهرة وتقسيم في اسطنبول مثل تسفي بارئيل الذي كتب في صحيفة هاآرتس يقول: ان المظاهرات قرب ميدان تقسيم في اسطنبول وان كانت تعيد الي الذاكرة المظاهرات في ميدان التحرير في القاهرة ولكن المسافة بينهما, جغرافيا وجوهريا, طويلة جدا. خلفيتها هي قرار الحكومة التركية جعل حديقة جميلة مركزا تجاريا ضخما وهذه الحديقة تشكل في فترة الربيع والصيف مكان التنزه لالاف العائلات و الشباب وللهروب من الحرارة والرطوبة في المدينة. ولكن ما بدأ كمظاهرات من أجل الحفاظ علي البيئة, سرعان ما تطور الي مظاهرات سياسية كبيرة انتقلت الي مدن اخري ايضا, ضد ما اعتبر طغيانا استبداديا من جانب أردوغان. واضيف الي الغضب الجماهيري أيضا الطريقة الوحشية التي حاولت بها الشرطة تفريق المتظاهرين ويواجه أردوغان الان هجمات هي الأقوي في ولاياته المتعاقبة الثلاث فرغم أن وضع تركيا الاقتصادي ممتاز. والغرب يغازلها بسبب موقعها الجغرافي السياسي المهم, الذي ساهمت فيه الازمة في سوريا وقرار أنقرة العمل كراعية للمتمردين السوريين0 ومبادرة أردوغان بتنفيذ خطة المصالحة مع الاكراد, وحصوله علي اعتذار من رئيس الوزراء الاسرائيلي, و عدم وجود معارضة سياسية مؤثرة يمكنها أن تهدد حكمه. إلا أن هذه النجاحات كما تري الاوساط السياسية في إسرائيل تعتبر لدي جانب من المواطنين, لا سيما في أوساط الليبراليين والعلمانيين تعزيزا لطغيان رئيس الوزراء, الذي وجد تعبيره ليس فقط في الهجمات المباشرة علي وسائل الاعلام, في سن قوانين مثل فرض القيود علي بيع الكحول, التي تعتبر مقدمة للاجندة الدينية, او منع المظاهرات في الأول من مايو في ميدان تقسيم. وجد تعبيره ايضا في ما بدا حكما فرديا, أو علي الاقل حكم حزب واحد. لقد أثبت أردوغان في الماضي كما تري إسرائيل انه يعرف كيف ينسحب حين يتطلب الامر ذلك ويبدو أنه سينجح في مواجهة التحدي الذي يواجهه به المتظاهرون, ولكن هذا سيكون درسا مهما في قيود القوة ايضا. أما المحلل السياسي بوعز بسموت فقد كتب يقول ان أمرين يصنعان الفرق بين الاحتجاجات الشعبية التركية واحتجاجات الجيران العرب, فحتي لو لم يكن أردوغان نموذجا للديمقراطية فانه لا يمكن المقارنة بين تركيا والدول العربية التي وقعت فيها احتجاجات شعبية شديدة. ففي الوقت الذي بقي فيه مبارك وابن علي التونسي في الحكم عشرات السنين, بدلت تركيا عددا لا يستهان به من رؤساء الوزراء. والديمقراطية التركية وان لم تكن كاملة يراها الشباب الليبراليون في العالم العربي مثالا يحتذي. ويوجد امر آخر صنع الفرق بين القاهرةواسطنبول هو أن الجموع في مصر لم يكن عندها في واقع الامر ما تخسره. لانه يصعب علي شعب يعيش فيه عدة ملايين علي دولارين في اليوم ان يخافوا فقدان القليل الموجود, لكن الوضع في تركيا مختلف: فالاقتصاد التركي مزدهر ولكن لكلمة الحرية في هذه الايام معني مميزا. وتناولت وسائل الاعلام الإسرائيلية دور النساء والفتيات في مظاهرات تركيا فقد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت القصة المأساوية للبني علمي. لبني علمي كما تقول الصحيفة شابة علمانية من أصل فلسطيني, تحمل الجنسية التركية, من سكان اسطنبول ابنة34 سنة وتعمل مترجمة ولها حساب نشيط في تويتر وفي شبكات اجتماعية اخري, وهي ايضا الجريحة الاشد اصابة في الاضطرابات, التي تحولت الي رمز للكفاح في شوارع تركيا فقد اصيبت في رأسها بعبوة غاز مسيل للدموع في ميدان تقسيم, وخضعت لعمليتين جراحيتين معقدتين, ولكن حالتها تبقي خطيرة وليس واضحا اذا كانت ستنجو. صورة علمي وهي تنقل ورأسها ينزف, لم تصبح فقط رمزا لكفاح العلمانيين الاتراك ضد اردوغان, بل أيضا هذه الصورة تمثل بالنسبة للكثيرين انعدام عدل الحكومة والفارق بين الكلمات الجميلة لاردوغان عن حماية حقوق الانسان والديمقراطية, والعنف الوحشي الذي يمارس ضد النساء. تلك الشابات, اللواتي يمثلن بشكل واضح الطبقة الوسطي التركية, هن جزء مهم من عشرات الاف المتظاهرين الذين سماهم اردوغان باستخفاف مشاغبي الشارع ممن يقومون بأعمال غير قانونية. أما صحيفة إسرائيل اليوم فتري أن تلك المظاهرات هي بمثابة جرس إنذار لاردوغان كما ان حلمه في أن يصبح في2014 رئيسا بعد اصلاح دستوري تتحول فيه تركيا الي نظام رئاسي, أصبح بعيدا وتضيف الصحيفة قائلة يا للمفارقة, ان يقوم اردوغان نفسه, الذي أعطي الزعماء العرب دروسا في الاخلاق وقت الربيع العربي, باعطاء قواته الامنية الاوامر بأن تستعمل القوة لتفريق المظاهرات بصورة مبالغ فيها. وهو نفس اردوغان الذي اوصي في2011 صديقه بشار الاسد بان يستعمل اللطف مع المتظاهرين. وهو نفس اردوغان ايضا الذي أوصي الرئيس المصري محمد مرسي بفصل الدين عن الدولة, لكنه في تركيا سن قانونا جديدا يحد من بيع الخمور, في خطوة اخري يفترض أن تغير وجه تركيا.