غير مطلوب من أي مراقب للأحداث أن يبذل مجهودا يذكر ليكتشف أن ما يطلق عليه' تعديل وزاري' علي حكومة قنديل لم يخرج من مقر مجلس الوزراء أو من قصر الاتحادية الجمهوري' مقر الأهل والعشيرة, بل خرج من أحد كهوف المقطم' المقر الدائم' لآية الله مرشد الجماعة! حتي اللحظات الأخيرة التي سبقت ذلك التعديل لم يكن السكرتير التنفيذي- الذي اختارته الجماعة وألبسته ثوب رئيس الحكومة لتنفيذ سياساتها يدرك أن' الجماعة' قد أسقطت حقيبتين من التعديل وأنه قد اقتصر علي9 حقائب فقط بدلا من11 حقيبة كما أعلنه بنفسه, وأن' ريشة' مرشد الجماعة قد امتدت بالفعل لترسم ملامح' بورتريه' هذا التعديل. وجاء التعديل الوزاري صادما للرأي العام ل6 أسباب: أولا: أنه ولد' مبتسرا' مفتقرا' لخريطة طريق' يهتدي بها ومفتقدا لأي فلسفة جري علي أساسها تحديد شكله..! ثانيا: أنه جاء ليحمل' جين العناد' الذي أصبح يمثل أبرز الصفات الوراثية للجماعة فإذا كانت القوي السياسية والشعبية قد أجمعت علي حتمية' إطفاء قنديل' والإطاحة به من موقعه وتشكيل وزارة محايدة لإدارة الانتخابات المتوقعة لمجلس النواب, فإن التعديل لم يكتف فقط بتجاهل مطلب الرأي العام وأبقي علي رئيس الحكومة بل تمادي في عناده وأخرج تشكيلا أضيف إليه7 من أعضاء الجماعة من بين ال9 وزراء الجدد إضافة إلي الاحتفاظ بأعضاء الفريق الوزاري الذين تسمح مناطق نفوذهم بالتأثير علي سيرالانتخابات ونزاهتها' وزراء الداخلية.. الشباب.. التموين.. الإدارة المحلية'! ثالثا: أنه أضاف دائرة جديدة من المتناقضات التي اعتادت الجماعة القفز بينها فأطاح بمن كان محلا للإشادة بجهوده' وزير الزراعة الذي نجح- وفق ما أعلنته الجماعة في الارتفاع بمعدل انتاجية القمح ليصل إلي18 أردبا للفدان و20 في بعض الأحيان وكاد يلامس حلم تحقيق الاكتفاء الذاتي منه.. ووزير البترول الذي سيطر بجهوده علي أزمة السولار والبنزين ونجح في تمرير الزيادة الجديدة في سعر أنبوبة البوتاجاز دون أن تخرج المظاهرات لتدينه وتهتف بسقوط حكم المرشد'!! رابعا: أنه جاء ليكشف مدي الزيف في مفردات لغة الخطاب للأهل والعشيرة التي تردد دوما حتمية الاعتماد علي' أهل الخبرة' من التكنوقراط وإتاحة كامل الفرصة أمام الشباب للمشاركة في تسيير دفة البلاد إذ خرج هذا التعديل علي الرأي العام متكئا علي' عصا الستين' عدا وزير واحد يبلغ من العمر35 عاما.. وربما تنظم الجماعة في قادم الأيام مسابقة قومية لمن يستطيع أن يتعرف علي تاريخ إنجازات الأعضاء الجدد من التكنوقراط' المختارين'!! خامسا: أن' طبق العسل الوزاري الجديد' تحوم حوله جحافل من' ذباب الشبهات' فإذا كان القانون لا يمانع في تعيين الأمين العام للجنة الانتخابات الرئاسية' المستشار حاتم بجاتو' وزيرا للدولة للشئون القانونية والمجالس التشريعية بعد أن أسقطت المحكمة الدستورية القانون الذي كان يحظر تولي أعضاء لجنة الانتخابات الرئاسية أي منصب عام خلال مدة الرئيس المنتخب, فإن البعض يري أن هذا التعيين لا يرقي فوق مستوي الشبهات خاصة أن بجاتو كان بمثابة دائرة التنشين السوداء لهتافات الأهل والعشيرة والمطالبة بإسقاطه! سادسا: أنه جاء ليمثل استهانة الجماعة مجددا بأحكام الدستور الذي صاغته لجنة علي' هوي الأهل والعشيرة' إذ أبقي التعديل علي' فتي ماسبيرو الأول' في منصبه الوزاري الذي أصبح منعدما دستوريا منذ نحو5 أشهر كاملة وقت بدء سريان العمل بالدستور الجديد إضافة إلي ما يمثله وجود' الوزير الساخن' من خطورة علي عذاري وفتيات بنات حواء من زميلاته الإعلاميات!! هكذا خرجت ملامح التعديل الوزاري' سريالية' بريشة المرشد الذي يبدو أنه ينتمي إلي المدرسة التجريدية الحديثة!! [email protected] لمزيد من مقالات عبدالعظيم درويش