أسعدني التوجه الجديد الذي جاء به وزير الاستثمار الشاب يحيي حامد(35 سنة) إلي وزارة الاستثمار, الذي ظهر في أول تصريحاته.. وهو الاهتمام بشركات قطاع الأعمال العام التي تشكل أهمية كبيرة في الاقتصاد القومي, بل إنه عقد اجتماعات فورية مع رؤساء الشركات القابضة, واستمع منهم إلي مشكلاتهم, ورؤيتهم للنهوض بهذه الشركات والشركات التابعة لها, التي تعمل في إطار القانون(203), وكذلك الشركات المشتركة التي تعمل في إطار القانون159, وترتبط بالشركات القابضة والتابعة. وأنا اليوم لن أكتب أو أناقش كل ما يثار عن شركات قطاع الأعمال(164 شركة) يعمل بها أكثر من300 ألف عامل, بل سأطرح فقط بعض قضايا الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما, والشركات التابعة لها(9 شركات) بحكم تخصص هذه الصفحة سياحة وسفر, وسأتوجه بهذه السطور بشكل عاجل إلي وزير الاستثمار الجديد بحكم معرفتي بعمل وواقع هذه الشركة, وبداية أقول: إن الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما تعاني منذ ثورة25 يناير من تراجع كبير في أنشطتها بحكم تراجع وانحسار السياحة عن مصر, مما تسبب في خسارة مالية كبيرة لكل الشركات التابعة, وبالتالي توقف كثير من مشروعات التطوير السياحية والفندقية, وقبل كانت الشركة القابضة للسياحة تعاني ضم4 شركات للتجارة الداخلية لها, وهي كلها كانت شركات خاسرة( صيدناوي, وبنزايون, وبيع المصنوعات, والصالون الأخضر), وتحملت الشركة مبالغ ضخمة لإصلاح هذه الشركات, وتحملت خسائرها ورواتب موظفيها, لكن تلك قضية أخري لست أنوي الحديث عنها اليوم, ولكن تحتاج بلاشك إلي إعادة نظر, لأن أنشطتها لا تتوافق مع الشركة القابضة, وتشكل عبئا كبيرا عليها, وكان يمكن توفير مبالغ ضخمة أنفقت عليها للإنفاق علي شركات السياحة والفنادق صاحبة النشاط الأساسي في الشركة القابضة. المهم اليوم.. ما أريد أن أتحدث عنه يتعلق بشركتين من الشركات التابعة, هما شركة مصر للسياحة, وشركة إيجوث, وسأتوجه بحديثي إلي سيادة الوزير يحيي حامد: هل تتخيل أن شركة مصر للسياحة في حالة انهيار؟! نعم حالة انهيار, ومطلوب تدخل عاجل من الحكومة لإنقاذها بعد أن وصلت الأرقام إلي ما يمكن أن يضع حالة الشركة تحت عنوان صدق أو لا تصدق! إن مصر للسياحة التي أنشأها طلعت حرب منذ80 سنة مع بنك مصر, وهي الشركة الحاصلة علي الترخيص رقم(1) كشركة سياحة في مصر, هذه الشركة التي كانت ملء السمع والبصر, الآن مديونة بقروض للبنوك وللشركة القابضة بنحو100 مليون جنيه, بل سحبت علي المكشوف من البنوك نحو35 مليون جنيه لتغطي نفقاتها, ورواتب الموظفين. شركة مصر للسياحة يعمل بها حاليا ما يقرب من4 آلاف موظف, لا تحتاج الشركة منهم فعليا سوي500 موظف علي أكثر تقدير, والباقي عبء علي الشركة, لدرجة أن الرواتب الشهرية تقترب من8 ملايين جنيه,و سترتفع إلي نحو10 ملايين مع الزيادات القادمة للدولة في الرواتب. إيرادات الشركة بالكاد تصل إلي نحو25 مليون جنيه شهريا, بينما المصروفات تتعدي30 مليون جنيه, والرواتب حاليا لا تستطيع تدبيرها بالكامل, والشركة القابضة تدفع أو تمنح أو تستكمل الرواتب شهريا. لقد انفجر العاملون منذ أيام وحبسوا قيادات الشركة في مكاتبهم لمدة14 ساعة طوال الليل للمطالبة بالحوافز, ومن المتوقع أن ينفجر الموقف مرة أخري إذا لم تتدخل الدولة ممثلة في وزارة الاستثمار المسئولة عن قطاع الأعمال العام وتنقذ الموقف بالاتفاق مع المالية أو الحكومة بشكل عام. إن الشركة القابضة للسياحة كما أكدت السيدة ميرفت حطبة لا تستطيع الدفع شهريا من ميزانيتها لمصر للسياحة أو غيرها, لأنه مع تراجع السياحة فإن جميع الشركات التابعة للشركة القابضة في حالة مالية صعبة جدا. ويبقي السؤال: من ينقذ مصر للسياحة؟ الشركة الثانية التي يرتبط بها حديثي اليوم, الذي أتوجه به إلي وزير الاستثمار, هي شركة إيجوث, الشركة المالكة لفنادق الدولة التاريخية, وهي التي كانت أرباحها قبل الثورة قبل الثورة300 مليون جنيه, حاليا موقفها صعب جدا, وكثير من مشروعات التطوير متوقفة لأسباب مختلفة, وهذا ليس حديثي اليوم, ولكن حديثي الذي يتعلق بهذه الشركة يعود إلي أنها الشركة التي باعت فندق مريديان القاهرة الشهير بذلك الاسم في ذلك الوقت في التسعينيات علي نيل القاهرة إلي إحدي الشركات السعودية للاستثمار, التي يملكها واحد من أكبر رجال الأعمال السعوديين. وهذه الصفقة الشهيرة ارتبط بها بيع فندق شيراتون الغردقة الشهير للمستثمر نفسه بنحو15 مليون دولار في ذلك الوقت( نحو50 مليون جنيه), وكانت صفقة القاهرة بنحو70 مليون دولار. المهم ما جعلني أعود للحديث اليوم أن المستثمر أغلق فندق الغردقة منذ أن اشتراه إلي اليوم( نحو22 عاما), ولكم أن تتخيلوا حجم الأموال والرسوم والضرائب والسياحة التي ضاعت علي الدولة من خصخصة هذا الفندق. لكن الأسبوع الماضي تم التصالح مع المستثمر ومحافظة البحر الأحمر مقابل أن يدفع المستثمر30 مليون جنيه للمحافظة, ويبدأ العمل في مشروع تطوير الفندق والأرض المحيطة به82 فدانا. والسؤال الآن: وما العمل في حالة مريديان القاهرة القديم المغلق منذ8 سنوات؟ ما هي المبالغ التي ضاعت علي مصر؟ أين الحكومة كل هذه السنوات؟ وبلغة الاقتصاد ما هي الفرص الضائعة علي مصر من عائد مادي كرسوم وضرائب وخلافه كانت ستتحقق للدولة, فضلا عن إضافة طاقة فندقية عاملة إلي مصر؟ الأغرب أنني سمعت أن المستثمر متقدم حاليا بطلب لمجلس الوزراء ومحافظة القاهرة ويرغب في هدم الفندق؟ وبناء برج أو برجين حسبما علمت؟ أنا لست ضد المستثمر, وهذا ماله وهو حر فيه إذا لم تكن هناك شروط عليه أن يلتزم بها في صفقة الخصخصة أو البيع منذ التسعينيات. لكن هل من المقبول هدم هذا الفندق الذي يعد إحدي علامات القاهرة؟ وهل الأفضل تطويره؟ وإذا لم يكن هذا أو ذاك من يعوض مصر عن كل هذه المبالغ التي ضاعت عليها من جراء إغلاق الفندق كل هذه السنوات؟ ويبقي ما هو الأفضل هدم الفندق أم تطويره؟ ومن يوافق علي الهدم؟ وما هي حدود حرية رجل الأعمال في مثل هذه الصفقات؟ المهم إذا كان مريديان القاهرة يستحق الهدم فاهدموه, وإذا كان الأفضل تطويره فليكن ذلك, المهم الاتفاق مع المستثمر حتي لا تضيع أموال أخري علي مصر وعلي السياحة المصرية؟ والأهم من هو صاحب القرار؟! مرة أخري لست ضد المستثمر, نحن فقط يجب أن نبحث عن حقوق مصر الضائعة من جراء إغلاق الفندق كل هذه السنوات, وهل سيتم تعويض شركة إيجوث أو الحكومة عنها مثلما حدث مع محافظة البحر الأحمر في صفقة شيراتون الغردقة؟ تتبقي نقطة أخيرة في حديثي إلي وزير الاستثمار الجديد, وهي التي تتعلق بما أعلنه في اجتماعه أو توجيهاته لرؤساء الشركات القابضة حيث أكد أن الاهتمام بهذه الشركات القابضة والشركات التابعة والمشتركة التي تعمل معها أصبح ضرورة قومية لدعم الاقتصاد القومي وخطط التنمية؟.. وربما يكون فكر الوزير أو رغبته في إعطاء دفعة جديدة لهذه الشركات من خلال اختيار قيادات شابة جديدة حسبما أشار, تكون في الخمسينيات من العمر, ولديها الخبرة والكفاءة العلمية.. هو ما جعله يطلب ترشيح أكثر من مرشح لكل شركة يجري الإعداد لتغيير قياداتها لأي سبب من الأسباب!! لكن المهم قدرة قيادات أو رؤساء هذه الشركات علي تنفيذ هذه التوجهات الجديدة. في النهاية نحن لا نملك إلا أن نتمني التوفيق والنجاح لهذه الرؤية الجديدة للوزير الشاب من أجل مستقبل أفضل للاقتصاد القومي. [email protected]