رغم تأكيدهم أنهم لا يسعون للانفصال, تعالت في الشهور الأخيرة تحذيرات وتهديدات نشطاء وقيادات من النوبة في أقصي جنوب مصر, الأمر الذي يجب أن تأخذه الحكومة بجدية وتسارع للعمل علي تلبية مطالبهم المشروعة وايضاح ما هو غير قانوني أو مبالغ فيه منها للرأي العام. التصعيد وصل إلي حد تهديد أسامة فاروق القيادي في حركة كتالة النوبية علي شاشة قناة العربية/الحدث منذ أيام انه سيكون هناك تحرك غير متوقع مع الرئيس مرسي اذا تم التلاعب في جغرافية النوبة مشيرا الي أن عيدها القومي7 يوليو. وقال ان النوبة لا تريد الانفصال عن مصر, وانما عن جماعة الاخوان, وان السلاح لدي كتالة هو للدفاع عن النفس. وأكد أن اتفاقياتها وتفاهماتها مع حركات أخري هدفها توحيد أهل النوبة والحفاظ علي تاريخها وآثارها. أما منير بشير رئيس جمعية المحامين النوبيين, فيقول ان هناك ارتباطا ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا وليس سياسيا مع النوبة السودانية, للحفاظ علي وحدة النوبيين الذين يشكون من التهميش من جانب الاخوان وأعمالها لكنهم يرفضون تماما الانفصال عن مصر. تم تأسيس حركة كتالة- ومعناها القتال- في ديسمبر2012 بواسطة نشطاء نوبيين للدفاع عن الهوية النوبية والتصدي بالسلاح لمن ينال من كرامة النوبيين بالقول أو الفعل, ولكل من يقف في طريق تحقيق طموحاتهم. وفي فبراير2013 وقعت معجبهة تحرير كوش السودانية وثيقة تفاهم أكدت فيها شكوي النوبيين من التهميش وعدم تمثيلهم في مجلس الشوري وإعاقة عودتهم الي أرض الأجداد علي شواطيء بحيرة ناصر, وفقا لما نشره موقع سودانيز أون لاين علي شبكة الانترنت. وبرغم تأكيد قادتها أنها حركة دفاع عن حقوق النوبيين وليست قتالية فإن تضامنها مع الحركة السودانية, التي تحمل اسم مملكة كوش النوبية القوية فيما بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد في جنوب مصر وشمال السودان, له معني لا يخفي علي اللبيب. فشعارا الحركتين يحمل السلاح, وكلمة تحرير في اسم الجبهة يعني أنها تسعي للاستقلال عن السودان كما أن اشارة أسامة فاروق للعيد القومي, في معرض تحذيره من تحرك غير متوقع مع الرئيس مرسي لها مدلولها الذي ربما يعني اعلان الانفصال في ذلك اليوم إذا لم يتم تلبية مطالبهم حيث قال ان هناك مناطق من النوبة تتعرض لأخطار شديدة. وعلي ذلك يتعين ألا نركن إلي تأكيداتهم أن النوبة لا تريد الانفصال عن مصر, وانما عن جماعة الاخوان لأنها سرقت الثورة وسلبت حقوق الشعب وسيطرت علي كل أجهزة الدولة التنفيذية فلو افترضنا صحة ذلك لكانت هذه مشكلة كل شعب مصر وليس النوبيين وحدهم, ولا يكفي أن تكون مبررا لانفصال النوبة. أهالي النوبة لهم مشكلات أزلية مثل كثيرين من أبناء مصر في سيناء والصحراء الغربية وحتي عشوائيات القاهرة ربما تكون أشد عندهم بحكم إخراجهم من ديارهم بعد أن غمرت مياه السد العالي مناطقهم, ولكن الانفصال ليس الحل, ولا الانضمام لأشقائهم في شمال السودان, لأن الحال هناك ليست أحسن منها في مصر, واذا كان الانفصال ليس من حقهم لأن النوبة تاريخيا جزء لا يتجزأ من الدولة المصرية, فإن من حقهم ان تسرع الحكومة بتلبية مطالبهم المشروعة قبل أن يتلقفهم المتربصون بأمن مصر ويشجعوهم علي الانفصال أو يزودوهم بالسلاح كما حدث في جنوب السودان وغربه.نعرف أن مشروعات التنمية في مناطقهم متسارعة, لكن ما المشكلة في إعادتهم للاقامة حول بحيرة السد العالي ؟, وما صعوبة عودة نصر النوبة كدائرة انتخابية مستقلة كما كانت في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي, لتضمن لهم نائبا في البرلمان قبل انتخابات مجلس الشعب المقبلة؟ وما المانع من التأكيد في الدستور علي ما يحافظ علي هويتهم وتاريخهم وثقافتهم ولغتهم؟ولماذا لم ينفذ اتفاقهم مع رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف في سبتمبر2011 بانشاء هيئة تنمية منطقة بحيرة ناصر؟ ولم عاد رئيس الحكومة الحالي هشام قنديل لتشكيل لجنة لبحث مطالبهم, وهو ما اعتبروه عودة إلي المربع الأول؟ لمزيد من مقالات عطيه عيسوى