عندما خرجنا بسيارة الأهرام علي مدقات زراعية وعرة بجوار الترع والمصارف هالني ما سمعت ورأيت من سوء حالتها وسواد الماء فيها.. رائحتها سيئة جدا.. نتيجة الصرف الصحي والصناعي أيضا, فهذه المناطق موبوءة ومهملة.. حرام عليكم المياه قذرة, ولها رائحة سيئة وبها ديدان حمرا. قال أحد الشباب ظنا منه أننا لجنة من وزارة الري ثم قال آخر اسمه سعيد بليغ.. أرجوك لا تلتقط صورا حتي لا نتعرض للأذي.. وعلي بعد أمتار كانت ضجة النساء وصخب أصواتهن المتلاحق مع حركة بعضهن في الماء ظننت للوهلة الأولي انهن يغسلن أواني أو ملابس, عندما اقتربنا وجدنا ست ستات اثنتان منهن تغوصان في المياه في حركة منظمة تهبط فيها الواحدة فاردة قبضة يدها وبنصفها الأعلي تغوص مندفعة بعنف في الماء فتخرج وفي يديها سمكتان تضعهما داخل ملابسها وقد ربطت علي وسطها حزاما يمنع السمك من الوقوع, وهكذا كلما كانت السمكة صغيرة اعادتها إلي الماء مرة أخري.. سألتني بتصورو ايه يا افندية. منذ متي تمارسن هذا العمل ومن علمكن هذه الطريقة في الصيد؟ من سنوات. تعلمناها.. من المعلمة أم محمد وأشارت إلي الصيادة في المصرف, وأضافت أنا كنت خياطة لكن الخياطة لم تعد تدر أي دخل.. الملابس الصيني غزت الأسواق. وسعرها رخيص. وجاهز. زوجي يعمل عامل باليومية لكن لا في عمل ولا شغل.. فوجت الحل هو العمل قلت آجي مع أم محمد والرزق علي الله وهو اللي بيقوي.. اقتربت من حافة المصرف ناديت علي أم محمد. حدثتني غير عابئة.. وان أجابت وهي تمارس عملها في الصيد.. ما بين غطسة واختها تجيب لي عن سؤال.. سألتها. من علمك هذا؟؟ قالت نادية أم محمد: علمني الزمن من أربعين سنة تقريبا.. مبسوطين؟ عال العال. رضا والحمد لله.. هو انتم القناة السادسة؟ لأ من الأهرام؟ آه.. الجريدة. يا حلاوة الأهرام وصلت لحد هنا يا ولاد. كانت حكمت أحمد محمد جبريل. سادستهن تعبئ الأسماك في صندوق.. وتردد احنا الحمد لله راضيين بالمقسوم ومبسوطين بالرزق والعيشة.