طرحت المفاوضات الأخيرة لمصر مع صندوق النقد الدولي والتي انتهت إلي وجود فجوات بين الطرفين علي حد تعبير مصدر مسئول بوزارة المالية تمثل في عدم الاتفاق علي المدي الزمني لتخفيض عجز الموازنة وأيضا تطبيق برنامج ترشيد دعم الطاقة حيث تتمسك مصر بفترة زمنية أكبر للتنفيذ في حين يري الصندوق أهمية التنفيذ في فترة زمنية أقل.. طرحت تلك المفاوضات تساؤلا مهما عن سيناريوهات الاقتصاد في ضوء تأخر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي وتأثيرات ذلك علي سعر الصرف والبورصة والتضخم وخلافه حيث كشف المراقبون والخبراء علي أن هناك3 سيناريوهات أولها الاتفاق مع الصندوق, وفي هذه الحالة ستزيد المديونية المصرية خلال عام.2014/2013 لنحو59 مليارا والسيناريو الثاني هو عدم الأتفاق مع الصندوق والدخول في أزمات مالية حادة ودفع فاتورة اجتماعية وأقتصادية ستؤدي لزيادة التضخم أما السيناريو الثالث فهو تهدئة المشهد السياسي وما سيترتب علي ذلك من عودة الاستثمارات والسياحة وتدفق النقد الأجنبي والبدء في حل أزمة السيولة تدريجيا بدون قرض الصندوق. تقول الدكتورة عالية المهدي هناك3 سيناريوهات الأول الإتفاق خلال شهر مع صندوق النقد الدولي وفي هذه الحالة تحصل مصر علي4.8 مليار دولار وتحصل علي قروض إضافية ب15 مليار دولار أي تحصل علي إجمالي قروض ب20 مليار دولار خلال السنة المالية2014/2013 وستعطي تلك القروض نوعا من البراح المالي, وسيتم سداد العجز واحتياجات الموازنة العامة, ولكن ستكون هناك مشكلتان اساسيتان الأولي رفع التكاليف الاجتماعية والسياسية من خلال حدوث اضرابات وفي نفس الوقت فإن اتجاه الحكومة لزيادة القروض ب20 مليار دولار معناه أن الدين الأجنبي سيرتفع من39 مليار دولار الي59 مليار دولار وهذا رقم خطير وتكمن الخطورة في أعباء سداد أصل الدين وفوائده وما يمثله من عبء علي الموازنة العامة للدولة فقبل الزيادة كانت أعباء السداد للأصل والفوائد28 % من الانفاق العام يذهب لسداد المديونيات وبعد زيادة القروض ستصل تلك الأعباء ل40% مخصصات أقساط الديون وفوائدها. أما السيناريو الثاني وهو عدم أخذ القروض حيث سنلجأ لمصادر تمويلية مثل قطر وتركيا وليبيا وغيرها من دول الجوار والخطورة أن من يقرضك ستكون له شروط قد تمس الأمن المصري وسيادته, وفي نفس الوقت فهي لن تعطي لك المبلغ الكبير20 مليارا وبالتالي ستكون مصر في أزمة عدم سداد الاحتياجات للحكومة وتكون في مأزق وأزمة نقص سيولة وعدم القدرة علي استيراد الاحتياجات الأساسية, السيناريو الثالث: وهو قيام الدكتور مرسي بتهدئة الشارع هذا السيناريو هو الأفضل لأنه سيجذب السياحة والاستثمار الأجنبي المباشر وتستقر الأحوال وأزمة السيولة والمديونية ستخف تدريجيا. وتضيف عالية المهدي: إن استمرار العجز الحالي في العملة الأجنبية يؤدي لارتفاع سريع في سعر الدولار وتضخم كبير وحتي في حالة الحصول علي قرض الصندوق سيكون هناك تضخم كبير, وذلك لتنفيذ روشتة الصندوق برفع الأسعار والغاء الدعم, ففي الحالتين سيكون هناك تضخم في حالة أخذ القرض حيث سيتم تقليل الدعم وزيادة الضرائب, وفي الحالة الثانية عدم اخذ القرض سيترتب عليه أزمة سيولة, والضغط علي العملات الأجنبية وهو ما يدفع سعر الدولار للارتفاع وانخفاض الجنيه, أما السيناريو الثالث فهو يكفل تخفيض التضخم لورود الاستثمارات وزيادة فرص العمل والسيطرة علي الشارع وهو حل أهم من قرض صندوق النقد الدولي. البحث عن الحلول الاقتصادية الذاتية ويقول فتحي عيسي نائب رئيس شعبة الأوراق المالية طبقا لتصريحات منسوبة إلي كرستين لجارد رئيسة صندوق النقد الدولي فإن المحادثات مع مصر تعود لنقطة البداية.. وهو ما يستفاد منه أن ما قدمته الحكومة المصرية طوال الفترة الماضية لم يشجع علي توقيع الاتفاق.. فالصندوق طلب تطبيق الإصلاحات فورا, خاصة ما يتعلق بدعم الطاقة.. والسلع واستبدالها بدعم نقدي وهو ما طلبت الحكومة تأجيله لمدة عام حتي لا يؤثر ذلك علي موقف الحزب الحاكم في الانتخابات البرلمانية المقبلة.. وتطلب توقيع الاتفاق موافقة القوي السياسية والمجتمعية وفي سابقة فريدة قام أعضاء بعثة الصندوق بملاقاة العديد من القوي السياسية المعارضة لاستطلاع ردود أفعالها.. وبالرغم من وجود وفد مصري يحاول ثانية في إطار الاجتماع السنوي للصندوق فإن التصريحات الأخيرة مازالت تشترط برنامجا اقتصاديا قابلا للتطبيق الفوري وقبل ذلك إطلاع الشعب المصري بكافة تفاصيل هذا البرنامج لقياس ردود الأفعال.. وفي ضوء ذلك من السهل استنتاج صعوبة التوصل إلي الاتفاق بشأن القرض المطلوب ل4.8 مليار دولار لأن الحكومة تركز في تأثير البرنامج الاقتصادي علي مصير الانتخابات البرلمانية القادمة وانعكاساتها علي خيارات الشعب لأن الحكومة لا تملك الكاريزما التي تساعدها في إقناع شعب غاضب وساءت ظروفه المعيشية كثيرا بعد25 يناير ولم تقدم له الحكومة علي مدار الشهور الماضية ما يستثير ثقته.. وبالتالي قد تقبل الحكومة بالقرض المؤقت1.6 مليار دولار علي دفعتين في هذا العام والعام القادم لذلك كانت القروض القطرية المفاجأة3 مليارات دولار والليبي2 مليار دولار والسعي وراد الدفعة الثانية من القرض التركي مليار دولار بديلا مؤقتا للقرض.. ومشكلة هذه السيولة والتي وان كانت تفوق القيمة المباشرة للقرض إلا أن القرض يتميز بفتح طرق متعددة لضخ قروض واستثمارات أخري قد تصل إلي20 مليار دولار خلال العام القادم, الأمر علي هذا النحو يقرض علي الحكومة التركيز علي الامكانيات المحلية والبحث عن الحلول الاقتصادية الذاتية وهذا يستلزم الانفتاح السياسي مع كافة القوي السياسية والتقارب مع رجال الأعمال الحاليين بما يخدم صالح جميع الأطراف والاكتفاء بمقدار الاستدانة الحالي خاصة أن استمرار الوضع الحالي سوف يخفف القدرة علي جلب قروض جديدة وقد رأينا روسيا لم تكن متحمسة لمنح قرض لمصر بملياري دولار واعتبره أحد مساعدي وزير الخارجية الرسمي مبلغا كبيرا لقد آن أوان الاعتماد علي الذات وهذا سيتطلب عملا سياسيا واقتصاديا يستهدف التوافق السياسي والتماسك الاجتماعي فهذا من شأنه تحسن الاستثمار وحدوث الاستقرار الملائم لجذب استثمارات إضافية سواء مباشرة, أو من خلال الصكوك بدلا من مسكنات القروض.. الدكتور أحمد جلال رئيس منتدي الدراسات الاقتصادية يقول: الاقتصاد المصري لديه فجوة تمويلية في الأجل القصير, ومن ثم فإن الحلول والسيناريوهات معروفة, الأول طباعة نقود لتمويل العجز وستكون آثاره سلبية, أو الانكماش وفي هذه الحالة ستزيد البطالة وتنخفض معدلات النمو, ويتضاءل الاستثمار, أما الحل الثالث فهو إيجاد وسيلة سهلة لتمويل العجز وتنشيط الاقتصاد بشكل يساعد علي حل المشكلة, وبالتالي لو كان قرض الصندوق جزءا من الحل فأهلا وسهلا, في رأيي أن صندوق النقد مهمته أن يساند مصر والحكومة لديها رغبة في الحصول علي القرض لأنه وسيلة لسد الفجوة, وأيضا المصداقية, وعموما فإن مصر في حاجة لبعض الاصلاحات بغض النظر عن صندوق النقد الدولي,وفي هذا الصدد فهناك حاجة لمبادرة تتعلق بجانب العدالة الاجتماعية, فليس مقبولا فقط ترشيد الدعم وزيادة ضريبة المبيعات, ولكن يجب البحث عن المتأثرين بشكل سلبي من تلك الإجراءات وتعويضهم, سواء بمبادرات لزيادة فرص التوظيف الخاصة أو دعم المشروعات الصغيرة أو تنشيط أكبر للاستثمار في القري والصعيد أو تنفيذ برنامج فيه اهتمام أكبر بجانب العدالة الاجتماعية. وردا عن تساؤل خاص بمخاوف زيادة الديون الخارجية بعد قرض الصندوق, يقول جلال مشكلة مصر في الدين المحلي وليس الدين الخارجي, فالأخير أقل03% من الناتج المحلي حتي بعد قرض الصندوق ومن ثم فالقدرة علي سداده موجودة من الصادرات والسياحة وقناة السويس, كذلك يمكن استخدام جزء من قرض الصندوق بشكل يولد عائدا يساعد مصر علي سداد الديون. ويقول أحمد جلال إن الفجوة الحالية ليست في التمويل فقط, ولكن في الادخار, بمعني أنك بحاجة لاستثمارات تصل ل25% من الدخل القومي وهو أمر ليس متاحا حاليا.