كم كنا نود لو أن زيارة رأس السلطة التنفيذية في مصر، كانت تشمل جنوب السودان وليس شماله فقط. ولو أن التصريحات التي صدرت عن المسئولين في أثناء الزيارة وبعدها فيما يتعلق ب " نهضة محور وادي النيل " و" التكامل الحقيقي بين الموارد السودانية والخبرات المصرية، ورفع سقف الاستثمارات المتبادلة "، ناهيك عن " دعم عجلة التنمية وافتتاح الطريق البري "، وكيف أن " مصر تلتزم باتفاق الدوحة ومؤتمر إعادة إعمار دارفور "، و" بتكثيف الجهود كافة لتنمية شرق السودان "، وأن هذه الزيارة هي " حجر الزاوية في العلاقات المصرية - السودانية التي تعمل على دعم الوحدة بين البلدين "؛ أقول كم كنا نود لو أن هذه التصريحات البراقة كانت تشمل أيضا جنوب السودان. وحقيقة الأمر - وذلك للتذكرة فقط - أن السودان الذي كنا نعرفه ونسرد التاريخ عن ارتباطه بمصر ارتباطا وثيقا، وحتى وقت قريب من التاريخ الحديث كان الملك في مصر يسمى " ملك مصر والسودان " .. هذا السودان لم يعد بلدا واحدة بل اثنين، بعد تقسيمه وانضمام الدولة الوليدة إلى الأممالمتحدة لتصبح الدولة رقم 193. وحقيقة الأمر أيضا – وللتذكرة فقط - أن مصالحنا مع هذا البلد العربي الوليد لا تقل أهمية بأي حال عن مصالحنا مع أي نظام آخر في العالم، إن لم يكن يزيد نوعا ما، لأن نهر النيل يمر بهذا البلد أولا قبل أن ينتهي في مصر، ونحن نمر بأزمة في مجال المياه على المستويات كافة ولابد من تعزيز العلاقات بأي شكل كان مع جنوب السودان لضمان عدم الإضرار بأمننا القومي. إن زيارة رأس الدولة لجنوب السودان كان من شأنها قطع طريق طويل مع هذا البلد، وكان من الممكن بحث إعادة مشروعات قديمة تعزز من مواردنا المائية مثل مشروع قناة " چونجلي " للإستفادة من فاقد مياه نهر النيل يعادل 8 مليار متر مكعب، كان من المفترض أن يتم تقاسمها مع السودان قبل تقسيمه.. أيضا فإن هذه الدولة الوليدة تعاني مع شمال السودان فيما يتعلق بنقل وتصدير بتروله، ولمن لا يعلم أو يتناسى أو يهمل هذه المعلومة، فإن جنوب السودان غني بالنفط، والتعاون معه وحل مشكلاته العدة ومساعدته بالخبرات المصرية وإستثمارات رجال الأعمال المصريين في شتى المجالات، تساعد مصر في حل الكثير من مشكلاتها الاقتصادية التي باتت تعاني منها اليوم. إن زيارة رأس الدولة - ولو كانت قصيرة ليوم واحد على الأقل يتم خلالها التوقيع على مشروعات عدة وإعطاء الضوء الأخضر للبدء فيها على وجه السرعة - كان من شأنها تغيير الكثير، خاصة في رؤية هذه الدولة للنظام في مصر الذي لم يعاملها على قدم المساواة مثل شمال السودان، ويمكن القول بشكل طائفي، بعد التصريح عن " تنمية محور النيل الإسلامي العربي الإفريقي " .. فلماذا العربي الإسلامي الإفريقي ؟ وليس العربي الإفريقي، ولكم دينكم ولي دين، كما يقول ديننا الحنيف ؟ .. ولمن لا يعلم أو يتناسى أو لا يكترث – وللتذكرة فقط - فإن جنوب السودان قد أعلنت أنها ستنضم إلى إتفاقية "عنتيبي" لإعادة تقسيم مياه النيل، كما أنها أعلنت صراحة عدم اعترافها بمحتوي اتفاقية المياه الموقعة عام 1959 بين مصر والسودان ! مما يعني أن زيارة رأس الحكومة المصرية منذ وقت ليس بالبعيد لهذا البلد قد فشلت .. ألا يستحق هذا زيارة صغيرة لهذه الدولة من رأس الدولة ؟ أو ربما عقد اجتماع موسع بين الشمال والجنوب بمباركة مصرية للتعاون في كل المجالات وحل المشكلات ؟.. أم أن " الحنكة والحكمة والنهضة " التي باتت مصر تنام وتصحو عليها، لا ترى ذلك ؟ مرة أخرى للتذكرة فقط .. العلاقات بين الدول لا تقوم على " البر والتقوى " بل على المصالح ! بمناسبة ال " نهضة والتقدم" في مصر، صرح الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، كما هو منشور في إحدى الصحف، بأن معدل الوفيات ارتفع خلال العامين الماضيين، وبالتحديد منذ عام 2011، بنسبة 5,6%، بسبب تفاقم عدة أمراض منها ارتفاع ضغط الدم والقلب وتصلب الشرايين، وأضاف أن مرضى السكر قد زاد عددهم بنسبة 12% خلال الأشهرالثمانية الماضية، في حين أنه كان لا يتعدى 8% في العهد السابق الذي قامت الثورة ضده .. ! يمهل ولا يهمل ! .. اللهم أفرغ علينا صبرا. [email protected] لمزيد من مقالات رشا حنفى