لقد تزايد الاهتمام الدولي بالمنظمات غير الحكومية كشريك للدولة في التنمية منذ تسعينيات القرن العشرين, وأصبح علي الحكومات أن تجدد من علاقاتها مع شعوبها وفقا لذلك, وعلي الرغم من أننا لا نستطيع رفض اقتصاد السوق بل يجب أن نجعل الأسواق تعمل لمصلحة الناس بشكل عام وللفقراء بوجه خاص, وهذا يتطلب جهودا كبيرة لم تعد الدولة بمفردها قادرة عليها, فالتحول الديمقراطي باعتماد التعددية السياسية والتحول الاقتصادي باعتماد اقتصاد السوق كلاهما أصبح واقعا وفقا للمتغيرات الدولية والإقليمية والمحلية. غير أن دور الدولة ينبغي ألا يغيب عن المجالات الاجتماعية, فاعتماد اقتصاد السوق لا يعني استنساخ النظام الاقتصادي الرأسمالي الغربي, فلكل دولة ظروفها في التطور والتنمية. وتؤكد تجارب الدول الآسيوية التي حققت تطورا كبيرا في الاقتصاد وفق آليات السوق, أنها حققت نموا اقتصاديا كبيرا ارتبط بدور فاعل وأساسي للدولة التي اهتمت بتنمية وتطوير البنية التحتية اللازمة للنمو الاقتصادي, وبتقديم خدمات اجتماعية متعددة أهمها الضمان الاجتماعي للفقراء والعاطلين وتطوير التعليم والتدريب النوعي للقوي العاملة, وتوفير مناخ مستقر ومساعد علي الاستثمار والنمو الاقتصادي, وبتحقيق قدر كبير من التوافق الاجتماعي. الواقع أن أهم أسباب ضعف وفشل برامج وخطط التنمية في السنوات الماضية في غالبية دول العالم الثالث, هو غياب المشاركة الشعبية الحقيقية, فلا يمكن أن يكل الشعب إلي قلة من الأفراد مهما كانت قدراتهم في تخطيط وتنفيذ التنمية نيابة عنه. ووفقا للمتغيرات الدولية والمحلية لم تعد الدولة وحدها قادرة علي القيام بمهام عملية التنمية, ليس فقط بسبب قصور في الإدارة والتنفيذ, بل في التمويل والتوزيع العادل.. وهنا تكمن أهمية المشاركة الشعبية من خلال المنظمات الأهلية. والحقيقة أن عدم توافر الأمن والشعور بالأمان في حياة الناس اليومية تكمن جذوره في الحرمان الاجتماعي والاقتصادي والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة, فالفقر والبطالة يشكلان تهديدا للاستقرار السياسي والاجتماعي, والسعي إلي تحقيق الأمن يكمن في التنمية وليس في الأسلحة, والتخفيف من الفقر والبطالة يحقق الأمن الإنساني الحقيقي, ومحوره أن يكون باستطاعة الناس أن يمارسوا اختياراتهم في مأمن وبحرية, وأن يكون بوسعهم أن يثقوا نسبيا في أن الفرص المتاحة لهم اليوم لن تضيع تماما في الغد. لمزيد من مقالات فرج عبدالعزيز عزت