في مفاجأة مدوية زلزلت كيان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي وقد تطيح بطموحاته في العودة للاليزيه بعد استدعاء القضاء له واتهامه رسميا بتهمة الفساد السياسي، وذلك في قضية القرن التي شهدتها فرنسا عام2010 المعروفة باسم المليارديرة الشهيرة ليليان بيتانكور وريثة مجموعة لوريال العالمية لمستحضرات التجميل. والقضية جاءت علي خلفية تمويل غير قانوني للحملة الانتخابية الرئاسية لنيكولا ساركوزي في.2007 فبعد أن وجهت النيابة العامة في محكمة بوردو جنوب غرب فرنسا- الخميس الماضي-التهمة لنيكولا ساركوزي باستغلال ضعف السيدة العجوز ليليان بيتانكور(90 عاما تقريبا).انطلقت التكهنات حول تسييس القضية وخرجت الانتقادات والاتهامات من حزب اليمين التابع له نيكولا ساركوزي تندد بعدم حيادية القضاء الفرنسي. كما ندد ساركوزي نفسه بالطريقة المشينة التي تعامل بها أثناء التحقيق- لمدة13 ساعة.والجدير بالذكر أن قضية بيتانكور تعود إلي يوليو2010 عندما صرحت كلير تيبوه المحاسبة السابقة لبيتانكور للشرطة أن باتريس دي ميتر-مدير أعمال بيتانكور- طلب منها150 ألف يورو نقدا عام.2007 مؤكدا أن الأموال مخصصة لوزير العمل السابق إريك فيرث المسئول المالي عن حملة ساركوزي الانتخابية.وقد زاد من تورط ساركوزي في القضية ما أعلنه بعض المقربين من بيتانكور كونهم شاهدوه حينما تردد عدة مرات علي منزل السيدة الثرية للحصول علي أموال, وهو ما ينكره ساركوزي. والواقع أن القضية برمتها تفتح النقاش حول افتراضية تطويع القضاء لخدمة السلطة!بعد أن شاءت الأقدار أن يتعرض ساركوزي لما تعرض له رئيس الوزراء السابق دومنيك دوفيلبان علي خلفية الصراع الطاحن الذي دار بينه وبين الأخير علي رئاسة الإليزيه. فقد سبق وعاني رئيس الوزراء السابق دومنيك دوفيلبان من ملاحقة القضاء له لسنوات عدة أطاحت بطموحاته في خوض سباق الاليزيه رغم توقعات السياسيين له بمنافسة قوية أمام نيكولا ساركوزي الذي كان يشغل حقيبة الداخلية آنذاك . حيث قام ساركوزي برفع دعوة قضائية ضد دوفيلبان يتهمه بتلطيخ سمعته السياسية والزج باسمه علي قائمة أموال لعمولات وهمية في بنك'كلير استريم'بسويسرا.وفي نفس الظروف الموضوع فيها ساركوزي حاليا شعر دوفيلبان وقتها بعدم العدالة وتسييس القضاء متهما إياه بالتواطؤ مع الاليزيه لصالح ساركوزي. ويشار إلي أن ما يحدث في ساحة السياسة والقضاء الآن يفتح المجال للتشكيك خاصة أن المحكمة قد سبق لها واستدعت نيكولا ساركوزي كشاهد بالقضية ذاتها في22 من نوفمبر2012 وقضي- آنذاك-الرئيس السابق يوما من المواجهات مع أربعة من العاملين لدي السيدة بيتانكور,واطلق سراحه باعتباره غير متورطا في القضية. ومن ناحيته اعتبر معسكر ساركوزي أن التهمة الموجه له بمثابة' ابتزاز' سياسي وقضائي ضد زعيم اليمين السابق'لحزب الاتحاد من اجل حركة شعبية', الذي يعتبرونه حتي الآن المرشح المفضل لدي ناخبي اليمين للانتخابات الرئاسية في2017, الأمر الذي دعاهم للتشكيك في توازن القضاء ونزاهة القاضي الذي يباشر القضية. بل وجه الوزير السابق لوران ريكييه اتهاما صريحا إلي النظام الحاكم والرئيس فرانسوا اولاند كون توجيه الاتهام لساركوزي مقرون بالأجندة السياسية في فرنسا وتوجس الرئيس الاشتراكي ونظامه الراهن من عودة اليمين إلي الاليزيه نظرا لما يتمتع به نيكولا ساركوزي من شعبية مرتفعة وفي المقابل يفقد اولاند شعبيته وثقة الفرنسيين بعد اقل من عام علي انتخابه. كما يري المراقبون أن إعادة فتح التحقيق جاء في ظروف تثير الانتباه إلي كونها عملية تخليص حسابات شخصية واقتصاص لاستبعاد ساركوزي عن حلبة التنافس وإحباط الآمال التي لاحت في الأفق بعودته لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة..وبصفة خاصة بعد أن نوهت استطلاعات الرأي للفرنسيين إلي أن شعبية ساركوزي تعاود ارتفاعها بعد ثبوت عدم قدرة الاشتراكيين في تحقيق برنامجهم الانتخابي. ومن المفارقات الملفتة للانتباه أن إعادة فتح ملف قضية بيتانكور جاء من ناحية بعد أن أفصح ساركوزي عن احتمال خوضه الانتخابات الرئاسية في2017, كما أصدرت زوجة الرئيس السابق المغنية كارلا بروني ساركوزي بالبوم غنائي جديد هاجمت فيه- ضمنيا-الرئيس فرانسوا اولاند ونعتته بعدم اللياقة والتفاهة.ذلك من خلال إسقاطات واضحة اتخذت منها النقاد ورسامي الكاريكاتيرية مادة قوية لمهاجمة الرئيس الفرنسي والاستهزاء به. وبالطبع إذا انتهت تحقيقات قضية بيتانكور بإدانة نيكولا ساركوزي سيصبح بذلك ثاني رئيس فرنسي يتهم بقضايا فساد بعد نظيره جاك شيراك الذي تعرض للمحاكمة بتهمة تحويل أموال عامة إلي وظائف وهمية خلال فترة توليه رئاسة بلدية باريس, وقد حكم عليه في2011 بالسجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ بعد إثبات إدانته. لم ينج شيراك من التنفيذ إلا بعد إصابته بمرض الزهايمر. والجدير بالذكر انه في حالة إدانته سيواجه ساركوزي عقوبة السجن ثلاث سنوات,وغرامة مادية قيمتها375.000 يورو فضلا عن حرمانه من الحياة السياسية خمس سنوات مما قد يقضي علي آماله في العودة إلي الاليزيه في انتخابات.2017