كشف اليمين الإسرائيلي عن كل وجوهه القبيحة ورفضه الانصياع للمجتمع العالمي والإقليمي بالاعتراف بالحقوق التاريخية والمشروعة للشعب الفلسطيني, وكتبنا هنا عن نيتانياهو2009, متصورين أنه وعي درس سنوات حكمه الأولي1996 1999, وهي السنوات التي تجمدت فيها عملية السلام, فإذا بنيتانياهو2010 يكشف عن أنه وقع بالكامل في أحضان اليمين المتطرف الديني في إسرائيل, بل أصبح يمثلهم, فحكومته تخطط وتقود لنقل الصراع إلي خانه الصراع الديني المقيت!! وإلا بماذا تفسرون ما يحدث في القدس الآن والتغيير الذي يتم في المدينة المقدسة بعد الانتهاء من تدشين كنيس الخراب علي بعد أمتار من المسجد الأقصي بجوار المسجد العمري, والذي أصبح أعلي مبني بالمدينة المقدسة لكل الأديان, خاصة للمسلمين, والذي غير من طبيعتها؟ وأيضا ما يحدث داخل حي المغاربة من مصادرة للأراضي وإنهاء صورته التاريخية التي عرفناها, وإقامة أكبر حي يهودي في القدسالشرقية علي أنقاضه. ماذا تبقي من القدس أو البلدة القديمة, كما نعرفها ويعرفها التراث العالمي, والمحمية بكل قرارات المجتمع الدولي ومنظمة اليونسكو ؟! ليس هذا فقط ما يحدث في القدس فهناك أحزمة من المستوطنات يعلنون عنها كل يوم, بل يتحدون بالإعلان عنها الإدارة الأمريكية في وجود نائب الرئيس جو بايدن, وكأنهم يصفعونه هو وبلاده علي الوجه, يتحدون العالم عبر أمريكا, ويعلنون بكل وقاحة أنهم يسيرون وحدهم علي الطريق, ويغيرون كل شيء علي الأرض غير عابئين بقرارات المجتمع الدولي وما تمثله. وتم تحزيم القدس بأكثر من50 كنيسا, ويهدفون إلي زيادتها لتفوق كنائس ومساجد الأقصي! إن ما يحدث في القدس ليس عملية تغيير بل تهويد للمدينة المقدسة للمسلمين وللقدس عاصمة دولة فلسطين العربية التي وعد بها الأمريكيون والمجتمع الدولي بعد استرداد أراضي الضفة وغزةالمحتلة منذ عام1967 مقابل السلام مع العرب والمسلمين في كل مكان. ليس هذا فقط ولكن اليمين الإسرائيلي الأرثوذكسي الديني المتطرف, الذي سيطر علي مقاليد الحكم في إسرائيل الآن, يأخذ مناحي أخري لابتلاع الضفة الغربية كلها, وتهويد مراكزها الدينية الإسلامية التاريخية والحيوية, وابتلاع الخليل, خاصة الحرم الإبراهيمي وما يمثله للمسلمين, باعتباره المسجد الذي يضم رفات أبو الأنبياء أول المسلمين, إبراهيم عليه السلام, ليس بضمه للتراث اليهودي فقط, ولكن أيضا بتحويله إلي ثكنة عسكرية ودينية إسرائيلية! لحماية اليهود داخله مما أدي إلي انحسار وجود المسلمين داخله وتقليص الحيز المخصص لهم, تمهيدا لتحويل الحرم الإبراهيمي إلي كنيس يهودي خالص. بعد أن انتهت المرحلة الأولي من الاستيلاء علي الحرم بالتقسيم بين المسلمين والمتطرفين اليهود, ثم بدأت مرحلة تحويله أو تهويده بالكامل, وقبله كان ضم مسجد بلال بن رباح أو قبر راحيل في بيت لحم الفلسطينية قرب القدس والحرم الإبراهيمي في الخليل. ***** ما لا تعرفه إسرائيل ولا تدركه الولاياتالمتحدهالأمريكية هو أن ما يحدث الآن علي الأرض في الضفة حدث قبله في غزة ولم يعد قضية المفاوضات أو المستوطنات أو حدود الدولة الفلسطينية, فشكل الصراع العربي الإسرائيلي أو الفلسطيني الإسرائيلي يتغير كلية, فاليمين الإسرائيلي الديني الذي سيطر علي الحكم الفعلي في إسرائيل ينقل الصراع إلي خانة الصراع بين المسلمين والمسيحيين من جهة واليهود علي الجانب الآخر. وهذا لن يكون في مصلحة أحد!! ويجب أن يتوقف العقلاء أمامه. وسوف تدرك إسرائيل خطورة ما تفعل أو تخطط, وسوف تدفع الولاياتالمتحدة ثمن هذا الموقف الضعيف والمتخاذل أمام إسرائيل وحكومتها المتطرفة, لأنهم ببساطة يقوون حجج اليمين المتطرف بكل أشكاله وطوائفه الدينية في عالمنا ويفتحون بابا للجحيم لا يدركون أبعاده. فالمسلمون في عالمنا, لا يقبلون إهانة مقدساتهم ومسجدهم الأقصي وحرمهم الإبراهيمي. والصراع سيأخذ أشكالا جديدة لم يألفها من قبل, ولن تقدر عليه إسرائيل مهما ملكت من قنابل ذرية أو نووية أو من ضعف أمريكي وتخاذل أوروبي, وستدخل المنطقة وشعوبها إلي حالة من الحروب المتبادلة لا نهاية لها, ووقودها مقدسات لها لهيب وسحر مبين.. أين العقلاء في عالم فقد عقله؟! المزيد من مقالات أسامه سرايا