البابا تواضروس يترأس قداس رسامة كهنة جدد بالكاتدرائية    شيخ الأزهر من ماليزيا: الجرأةُ على التَّكفيرِ والتَّفسيقِ كفيلة بهدم المجتمع الإسلامي    أسبوع رئاسي حاسم.. قرارات جمهورية قوية وتكليفات مهمة للحكومة الجديدة    الرئيس السيسي يهنئ جاليات مصر المسلمة بالخارج بالعام الهجرى الجديد    «الشكاوى الحكومية» تتعامل مع 155 ألف طلب خلال شهر يونيو 2024    تراجع أسعار الريال السعودي في بداية تعاملات اليوم 5 يوليو    محافظ الجيزة: مصلحة المواطن تحتل المرتبة الأولى في اهتماماتي    البيئة تتابع تنفيذ مشروع تحويل المخلفات البلدية الصلبة إلى طاقة كهربائية بأبو رواش    مصر تفوز بجائزة أفضل جناح بمعرض دار السلام الدولى فى تنزانيا    محافظ القليوبية يتفقد مشروعات حياة كريمة ومنطقة الشروق الصناعية    التحالف الوطني يسلم 1109 أجهزة تعويضية لذوي الهمم في الدقهلية    قوات الاحتلال تعتدي على الفلسطينيين بالضفة الغربية    انطلاق التصويت في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية في إيران    السودان على شفير المجاعة.. 14 منطقة مهددة من انعدام الأمن الغذائي    إقالة فيليكس سانشيز من تدريب منتخب الإكوادور بعد وداع كوبا أمريكا    منتخب السلة يفشل في التأهل إلى أولمبياد باريس 2024    مشاجرة بالرشاش.. كواليس معركة بين 15 شخصًا في أسيوط    غداً.. 52 ألف طالب وطالبة بالثانوية العامة يؤدون امتحانات الكيمياء والجغرافيا بالشرقية    مصرع شخصين غرقا إثر انقلاب سيارة ملاكى داخل ترعة المنصورية بالدقهلية    حبس متهمين بترويج مخدر الهيروين بالسلام 4 أيام    حريق درب الأغوات .. النار أكلت الأخضر واليابس (صور)    سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة.. النشرة المرورية    مهرجان المسرح المصري يكرم الفنان حسن العدل في افتتاح دورته ال 17    من كان وراء ترشيح ريهام عبدالحكيم للمشاركة في ليلة وردة؟ (مفاجأة)    «القاهرة الإخبارية» ترصد آخر استعدادات مهرجان العلمين.. 8 أسابيع بهجة وتشويق    «إكسترا نيوز»: القضية الفلسطينية ودعم غزة حاضرة بقوة في مهرجان العلمين    وزارة الصحة الفلسطينية تعلن ارتفاع عدد الشهداء فى العدوان الإسرائيلي على جنين إلى 5    ينطلق غدًا السبت.. تفاصيل برنامج "الساعة 6" على قناة الحياة    طبيب مصري يفوز بالمركز الأول في حفظ القرآن بمسابقة دولية أمريكية    الرعاية الصحية والبنك الدولي يبحثان دعم المرحلة الثانية لمشروع التأمين الصحي    أسباب الشعور بالنعاس المستمر؟    قبل النوم.. فوائد مذهلة للجسم بعد تناول هذا المشروب ليلاً    الرئاسة التركية: موعد زيارة بوتين إلى تركيا لم يتحدد بعد    مصدر ليلا كورة: ورطة جديدة لاتحاد الكرة بسبب البطولات الأفريقية.. وحل مطروح    رئيس جامعة القاهرة: وزير العدل قيمة قضائية كبيرة حصل على ثقة القيادة السياسية لكفاءته    الدفاع الروسية تؤكد تدمير 50 مسيّرة أوكرانية داخل البلاد    ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الجمعة 5 يوليو    وزير البترول يتابع انتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء    نص خطبة الجمعة اليوم.. «الهجرة النبوية المشرفة وحديث القرآن عن المهاجرين»    أسماء جلال تكشف قصة حبها لوائل جسار: «طلبت منه الزواج.. كان كراش عمري»    «فأر» بأحد منازل غزة يتسبب في هلع وخوف الجنود الإسرائيليين (فيديو)    دعاء الجمعة الأخيرة من العام الهجري.. «اللهم اغفر لنا ذنوبنا»    سي إن إن: الساعات القادمة قد تكون حاسمة في حياة بايدن السياسية    «كاف» يوقع عقوبة مالية على صامويل إيتو بسبب اتهامات بالتلاعب    لامين يامال: لن ألعب أبدًا لريال مدريد    وزير العمل: الرئيس السيسي وجه بتحقيق مصلحة العمال    انفجار ماسورة مياه في حي الزهور بمحافظة الشرقية    الشيخ خالد الجندي: من رأى سارق الكهرباء ولم يبلغ عنه أصبح مشاركا في السرقة    الإفتاء تستطلع هلال شهر المحرم اليوم    ملف رياضة مصراوي.. قائمة المنتخب الأوليمبي.. فوز الأهلي.. وتصريحات كولر    تامر عبدالحميد يوجه رسالة حادة لمجلس الزمالك بعد حل أزمة الرخصة الإفريقية    وزارة الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا.. اليوم    مهرجان جرش للثقافة والفنون يكشف عن برنامج دورته ال38    ياسر صادق يكشف عن تخبط في تعيين الحكام في دورة الترقي بسبب واقعة نادر قمر الدولة    نجم الزمالك السابق: الأهلي عنده أحسن 18 لاعب في مصر    «الدواء موجود وصرفه متأخر».. الصحة: تحقيق عاجل مع مسؤولي مستشفيات الإسكندرية    عاجل - الرابط الرسمي ل نتائج الصف التاسع 2024 سوريا عبر موقع وزارة التربية السورية moed.gov.sy    الصحة: انتهاء أزمة نقص الأدوية تماما خلال شهرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العام الثاني‏..‏ الاختبار الحقيقي لحكم نيتانياهو
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 04 - 2010

قبل عام من الآن‏,‏ وتحديدا في‏31‏ مارس من العام الماضي كان الكنيست الاسرائيلي قد منح الثقة للحكومة ال‏32‏ في تاريخ اسرائيل برئاسة بنيامين نيتانياهو بأغلبية‏69‏ صوتا مقابل‏45‏ معارضا وفي هذه الايام يتأهب نيتانياهو لتدشين عامه الثاني في ولايته الثانية بعد ان كان امضي عشر سنوات عجاف في البقاء خارج رئاسة الحكم‏,‏ بعضها كمجرد وزير والاخري علي مقاعد المعارضة‏.‏ كان نيتانياهو ازيح عن الحكم قبل ان يكمل ولايته الاولي‏,‏ في الانتخابات المبكرة التي جرت في اسرائيل سنة‏1999‏ وخسرها امام منافسه ايهود باراك زعيم حزب العمل الذي دارت عليه الايام ليتولي الآن حقيبة وزارة الدفاع في الحكومة الحالية التي يترأسها بنيامين نيتانياهو‏.‏ وفي كل الاحوال يبقي نيتانياهو بين خصومه ومؤيديه‏,‏ وهو في الحكم او في المعارضة‏,‏ شخصية سياسية مثيرة دائما لكثير من الجدل داخل اسرائيل وخارجها أيضا‏.‏
كان نيتانياهو عندما اطاح خارجا بذئب السياسة الإسرائيلية العجوز شيمون بيريز في انتخابات عام‏1996‏ هو اصغر رئيس وزراء في تاريخ اسرائيل يتولي هذا المنصب وسنه اقل من عمر هذه الدولة‏.‏ وربما لهذا شاعت تسميته بيبي في ولايته الاولي فيما يلاحظ الان انحسار استخدام هذا الاسم في ولايته الثانية بعد ان اظهر قدرا اكبر من النضج السياسي‏.‏ كان بيبي نيتانياهو الذي اتي الي الحكم في اسرائيل محمولا علي سمعته كرجل اعلام بارز في الميديا الامريكية قد انهي ولايته الاولي في حالة خصومة ونزاع مع اغلب وسائل الاعلام الاسرائيلية‏.‏ وكانت ولايته الاولي شهدت ايضا تصاعدا غير مسبوق في توتر العلاقة بين المتدينين والعلمانيين في اسرائيل‏,‏ فضلا عن توتر علاقته الشخصية بالرئيس الامريكي بيل كلينتون والتي يعزي لها البعض السبب في سقوطه وانزاله عن رئاسة الحكومة في اسرائيل‏.‏ وعلي الصعيد السياسي‏,‏ كان بيبي المعروف بمعارضتة الشديدة لاتفاقات اوسلو هو نفسه من انثني سريعا ووقع مع ابو عمار علي اتقاق الخليل في بداية ولايته الاولي‏,‏ وكان هو ايضا من وقع قبيل نهاية ولايته علي اتفاقية الواي ريفر‏,‏ مادعي حزب المفدال اليميني للانسحاب من الحكومة التي فقدت اغلبيتها واضطرت للتوجه الي الانتخابات المبكرة التي اطاحت ببيبي من كرسيه في رئاسة الحكومة الي مقاعد المعارضة‏.‏
وعندما نجح شارون في هزيمة باراك في الانتخابات المبكرة التي جرت في مطلع عام‏2001‏ اختار نيتانياهو كوزير للمالية في حكومته فأظهر بيبي كفاءة ملحوظة في انتشال الاقتصاد الاسرائيلي من حالة الركود واعاده الي النمو بمعدلات مضطردة‏,‏ لكن نيتانياهو عاد وانقلب علي شارون وعارض بشدة قراره بتفكيك المستوطنات والانسحاب الاحادي من غزة‏,‏ ونظم نيتانياهو سلسلة من الالاعيب الحزبية القذرة التي دفعت شارون للانسحاب اخيرا من حزب الليكود الذي اسسه‏,‏ وقرر بعدها انشاء حزب كاديما الذي فاز بانتخابات‏2006‏ ودفع بنيتانياهو وحزب الليكود الي مقاعد المعارضة ب‏12‏ مقعدا فقط‏.‏
لكن يحسب لنيتانياهو تمكنه بعد ذلك من قيادة الليكود للفوز بالمركز الثاني بعد كاديما في انتخابات‏2009‏ بفارق مقعد واحد‏,‏ ولأول مرة في تاريخ اسرائيل يكلف الحزب الذي لم يفز بأكبر الاصوات بتشكيل الحكومة متخطيا حزب كاديما الفائز بالانتخابات لأن نيتانياهو تمكن من عقد تحالفات ناجحة مع احزاب اليمين وخاصة حزب اسرائيل بيتنا‏(15‏ مقعدا‏)‏ وحركة شاس‏(11‏ مقعدا‏)‏ وضمها مع احزاب يمينية اخري مع حزب العمل‏(13‏ مقعدا‏)‏ في الأئتلاف الذي حصل علي ثقة الكنيست‏.‏ ورغم الحاح نيتانياهو الشديد علي ضم حزب كاديما الي حكومة وحدة وطنية فإن ليفني قررت البقاء في المعارضة وراهنت سياسيا علي ان حكومة نيتانياهو ستضع اسرائيل علي مسار تصادمي مع الولايات المتحدة‏.‏
والآن في ختام السنة الاولي وعلي عتبة السنة الثانية من حكمه لم يكن لنيتانياهو ما يحتفل به من انجازات سوي انه حافظ علي الائتلاف الحكومي من التفكك وحافظ علي كرسيه في مقر رئاسة الوزراء في‏3‏ شارع كابلان بالقدس‏,‏ وفيما عدا ذلك فإن حسابات وتقويم السنة الاولي من حكمه تكشف لنا عن الملاحظات التالية‏:‏
اولا‏:‏ ان نجاح نيتانياهو في الحفاظ علي تماسك ائتلافه الحكومي يقابله فشله حتي الآن في تفكيك حزب كاديما رغم كل مابذله في هذا الشأن من مؤمرات ودسائس لتحريض شاؤل موفاز وآخرين علي الانشقاق علي ليفني‏,‏ وتفيد نتائج آخر استطلاع للرأي اجرته معاريف الي تغلب كاديما علي الليكود اذا اجريت الانتخابات الآن‏,‏ وكان استطلاع آخر اجراه مركز داحف يوم‏25‏ مارس قد توصل الي نفس النتيجة لكن النتيجة العامة للانتخابات بافتراض اجراؤها الان‏,‏ ستعود وتعطي الاغلبية مرة اخري لمجموع احزاب اليمين‏.‏
ثانيا‏:‏ في ختام السنة الاولي لحكم نيتانياهو اعرب‏53%‏ من المواطنين عن عدم رضاهم علي ادائها‏,‏ ونفس الجمهمور يفضل حكومة وحدة وطنية تجمع كاديما والليكود‏,‏ وهو مايزال يعتقد ان نيتانياهو اكثر مناسبة من ليفني لمنصب رئاسة الوزراء‏.‏
ثالثا‏:‏ رغم ميل الجمهور في اسرائيل لجهة اليمين فإنه يفاجئنا بأغلبية من‏46,2%‏ تؤيدالخطة الامريكية للسلام‏:‏ حل الدولتين والعودة لخطوط‏67‏ وتقسيم القدس مع الحفاظ علي الكتل الاستيطانية وعدم عودة اللاجئين الفلسطينيين لداخل اسرائيل وانما الي دولتهم الفلسطينية فقط‏.‏
رابعا‏:‏ ربما لم ينتبه الكثيرون الي انه رغم تصلب وتطرف مواقف نيتانياهو فأنه مع ذلك انقلب علي مواقفه التي دخل بها الي رئاسة الحكومة في غضون العام الاول من ولايته‏,‏ فبعد ان رفض تماما الاعتراف بحل الدولتين في برنامجه الحكومي وحتي في زيارته الاولي لامريكا عاد واعلن موافقته علي اقامة دولة فلسطينية مشروطة في خطابه في بار ايلان في‏14‏ يونيو من العام الماضي‏,‏ لكن كل الشروط التي ذكرها‏(‏ دولة مجردة من السلاح وتعترف باسرائيل كدولة يهودية‏)‏ لم تكن جديدة وكنا سمعناها من قبل من باراك في كامب ديفيد سنة‏2000,‏ ومن شارون في اللطرون سنة‏2003,‏ ومن اولمرت في انابوليس سنة‏2007.‏ ومن جهة اخري لم ينتبه البعض ايضا الي ان نيتانياهو هو اول رئيس وزراء في تاريخ اسرائيل يعلن عن تجميد جزئي للاستيطان في الضفة الغربية لعشرة شهور‏,‏ ورغم انه لم يتقيد تماما بهذا الاعلان فأنه ينفرد مع ذلك بهذه السابقة‏,‏ وقد يكون من المبكر جدا القفز الي استنتاجات متسرعة فلاتزال امام نيتانياهو الكثير من المسافات التي عليه ان يقطعها قبل ان يقترب من نموذج مناحم بيجن او حتي ارائيل شارون‏.‏
خامسا‏:‏ ان موقف نيتانياهو من الاصرار علي الاستيطان في القدس الشرقية لايحظي باجماع قومي في اسرائيل‏,‏ فالجمهور هناك منقسم علي نفسه بشأن هذه المسألة‏,‏ صحيح ان اغلبية من‏51%‏ تؤيد الاستمرار في البناء لكن يقابلها‏46%‏ تدعو الي تجميد الاستيطان في القدس‏,‏ حسب استطلاع اجري في عز الازمة يوم‏19‏ مارس الماضي‏.‏
سادسا‏:‏ ان السنة الاولي لحكم نيتانياهو انتهت الي وضع اسرائيل علي مسار خلافات متصاعدة مع امريكا‏,‏ وقد انعكست هذه الحالة بشدة علي الوضع الاسرائيلي الداخلي‏,‏ ورأي‏48%‏ من الجمهور هناك ان وضع اسرائيل الدولي سيء‏,‏ وفي اوج ازمة الخلاف بين نيتانياهو واوباما أظهرت نتائج استطلاع للرأي ان‏69%‏ في اسرائيل تعتقد ان موقف اوباما من اسرائيل موضوعي وودي‏,‏ في مقابل‏21%‏ رأوا ان موقفه من اسرائيل يتسم بالعدائية‏.‏
هذه المعطيات تشكل تقويما اوليا للسنة الاولي التي انقضت من حكومة نيتانياهو والتي مرت من دون اي احتفالات تذكر وفي صمت مشوب بكثير من مظاهر القلق‏,‏ صحيح ان نيتانياهو لم يسقط بعد ولم يتصدع كثيرا لكنه مع ذلك لايمكن ان يتعايش طويلا مع هذه الوضعية القلقة‏,‏ وقد يكون مضطرا باسرع مما يتصور للاختيار بين البقاء في حظيرة واحدة مع ليبرمان زعيم اسرائيل بيتنا وايلي يشاي زعيم حركة شاس‏,‏ وبين دفع التوترالحالي مع امريكا الي مستوي الازمة‏.‏
كان كل رؤساء الوزارات السابقين علي نيتانياهو من بن جوريون الي اولمرت ومن بينهما اجتازوا العام الاول في الحكم بقدر متفاوت من السلامة لكن منذ عهد اسحق رابين والي اولمرت ومن بينهما ايضا لم يكمل اي رئيس وزراء ولايته كاملة المقررة باربع سنوات واضطر الجميع الي خوض انتخابات جديدة مبكرة‏,‏ وهاهو نيتانياهو يعبر عامه الاول في الحكم من دون مرابح وفيرة لكن ايضا من دون خسائر قاسية‏,‏ والاختبار الحقيقي لنيتانياهو بدأ لتوه مع بداية العام الثاني من ولايته الثانية‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.