8,99%.. هكذا كانت نسبة التصويت الذي يشبه الإجماع لصالح نعم في استفتاء علي بقاء جزر فوكلاند تحت السيادة البريطانية, بعد أن صعدت الأرجنتين مطالبها مجددا بالسيادة علي الجزر البريطانية, فنتيجة الاستفتاء توحي بأن إجراءه لم يكن ضروريا, فالجميع يؤيد البقاء تحت لواء التاج البريطاني, وفكرة الاستفتاء أصلا ما هي إلا أداة للفصل في رأيين متعارضين للاحتكام إلي رأي الأغلبية. ونتيجة الاستفتاء ليست بالغريبة أو المدهشة, فقد كان من المتوقع أن تكون النتيجة لصالح نعم بالإجماع. وكان إجراء الاستفتاء ما هو إلا محاولة من السلطات في فوكلاند لكسب تأييد دولي بتبعية الجزر للمملكة المتحدة, فسكانها بريطانيين يفخرون بالهوية البريطانية ويتحدثون الإنجليزية, والقانون البريطاني يعترف بالجزر كجزء من المملكة المتحدة. وثمة سؤال يطرح نفسه, هل الإجماع علي بقاء الوضع الراهن بتبعية الجزر للمملكة المتحدة سيحل النزاع القائم بين بريطانيا والأرجنتين وينهي عقود من الصراع بين الدولتين؟ والإجابة بالقطع هي لا, فالتصريحات النارية التي أدلت بها رئيسة الأرجنتين كرستينا كريشنير عقب إعلان نتيجة الاستفتاء غير مبشرة.فقد أعلنت أن هذا الاستفتاء لا قيمة له ولن يؤثر علي مطالب الأرجنتين بل قالت إنه غير شرعي وطالبت الولاياتالمتحدة باتخاذ موقف دولي تجاه بريطانيا. واعتبرت رئيسة الأرجنتين أن هذا الاستفتاء بمثابة ال تمثيلية الساخرة بطليها هما السلطات في فوكلاند وحكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لمواجهة المطالبات الأرجنتينية بالسيادة علي الجزر دوليا. وأعلنت الأرجنتين أنها لا تعترف بنتيجة الاستفتاء الذي اعتبرته باطل وأن سكان الجزر ليس لديهم الحق في تقرير مصيرهم. وفيما وراء النزاع القائم المحتدم علي ملكية الجزر, تقف الثروة الاقتصادية الهائلة التي تتمتع بها هذه الجزر. فقد كشفت صحيفة الجارديان البريطانية عام2010 عن وجود كميات من البترول في حقل بالحوض الشمالي لجزر الفوكلاند. ونشرت الصحيفة أن حقل الحوض الشمالي لجزر الفوكلاند قد يحتوي علي300 مليون برميل من النفط تصل قيمتها إلي أكثر من30 مليار دولار. ومن المقرر أن يتم ضخ البترول من حقل سي لايون في فوكلاند خلال الربع الثالث من عام2017, فمن الطبيعي أن تحارب الدولتان من أجل الحصول علي الثروة. لكن السؤال الآن, هل يتطور النزاع البريطاني- الارجنتيني للتهديد والوعيد بحرب مثل حرب الفوكلاند التي وقعت بين البلدين عام1982 وانتهت بانتصار بريطانيا لضم الجزر لسيادتها بعد سقوط مئات الجنود من الجانبين. أم أن المجتمع الدولي سيحسم الصراع ويعطي تأييدا دوليا لبقاء الجزر تحت السيادة البريطانية؟ ويري المحللون أن هناك أسبابا أخري لتجدد الصراع البريطاني الأرجنتيني القائم وهو أن الحكومة الأرجنتينية تجد في قضية فوكلاند وتصعيد النبرة العدائية ضد بريطانيا مخرجا لصرف أنظار الشعب الأرجنتيني عن المشاكل الداخلية التي تعاني منها البلاد وعلي رأسها الوضع الاقتصادي المتدهور, ورغم أن احتمالات اندلاع حرب جديدة ضعيفة بسبب ضعف قدرات الأرجنتين العسكرية من ناحية والأزمة المالية التي أدت لتخفيضات في النفقات العسكرية البريطانية من ناحية أخري, إلا أن الجيش البريطاني عزز في الأيام القليلة الماضية من قوته العسكرية في الجزر تحسبا لأي هجوم أو مناوشات أرجنتينية محتملة.