محامي يكشف مفاجآت في قضية اتهام صلاح التيجاني بالتحرش    نائب محافظ المركزي: ملتزمين بضمان استدامة السياسات النقدية الجاذبة للاستثمار    وزير الخارجية: الجهد المصري مع قطر والولايات المتحدة لن يتوقف ونعمل على حقن دماء الفلسطينيين    في احتفالية كبرى.. نادي الفيوم يكرم 150 من المتفوقين الأوائل| صور    استدعاء والدة خديجة لسماع أقوالها في اتهام صلاح التيجاني بالتحرش بابنتها    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 21-9-2024.. آخر تحديث    «أغلى من المانجة».. متى تنخفض الطماطم بعد أن سجل سعرها رقم قياسي؟    توجيه هام من التعليم قبل ساعات من بدء الدراسة 2025 (أول يوم مدارس)    فلسطين.. 44 شهيدا جراء قصف الاحتلال لعدة مناطق في قطاع غزة    د.مصطفى ثابت ينعي وزير الداخلية في وفاة والدته    وزير الخارجية: مصر تدعم الصومال لبناء القدرات الأمنية والعسكرية    لاعب الزمالك السابق يطالب بتحليل منشطات لنجوم القطبين: أعرفهم وهذه نسبتهم    موعد مباراة مانشستر يونايتد ضد كريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقنوات الناقلة    تحول مفاجئ.. أمطار تضرب عدة محافظات خلال ساعات والأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم    قتل صديق عمره .. ذبحه ووضع الجثة داخل 3 أجولة وعاد يبحث مع أسرته عنه    أنتهاء أسطورة «ستورة» فى الصعيد .. هارب من قضايا شروع فى قتل وتجارة سلاح ومخدرات وسرقة بالإكراه    النيابة تعاين الزاوية التيجانية بعد أقوال ضحايا صلاح التيجانى    عمرو سلامة: أداء «موريس» في «كاستنج» يبرز تميزه الجسدي    حفل للأطفال الأيتام بقرية طحانوب| الأمهات: أطفالنا ينتظرونه بفارغ الصبر.. ويؤكدون: بهجة لقلوب صغيرة    نائبة التضامن تشهد انطلاق الدورة الثامنة من الملتقى الدولي لفنون ذوي القدرات الخاصة "أولادنا"    زاهي حواس: تمثال الملكة نفرتيتي خرج من مصر ب «التدليس»    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    وصلت بطعنات نافذة.. إنقاذ مريضة من الموت المحقق بمستشفى جامعة القناة    "خفيفة ومطمئنة".. الزمالك يكشف تفاصيل إصابة مصطفى شلبي ودونجا    أمام أنظار عبد المنعم.. نيس يسحق سانت إيتيان بثمانية أهداف    البلوشي يعلق على احتفالية تتويج الأهلي أمام جور ماهيا    موعد مباراة الأهلي وجورماهيا الكيني بدوري أبطال أفريقيا    بينهم أطفال ونساء، استشهاد 44 فلسطينيا في قصف إسرائيلي بغزة    بدائل متاحة «على أد الإيد»| «ساندوتش المدرسة».. بسعر أقل وفائدة أكثر    أهالى أبو الريش فى أسوان ينظمون وقفة احتجاجية ويطالبون بوقف محطة مياه القرية    «جنون الربح».. فضيحة كبرى تضرب مواقع التواصل الاجتماعي وتهدد الجميع (دراسة)    «البوابة نيوز» تكشف حقيقة اقتحام مسجل خطر مبنى حي الدقي والاعتداء على رئيسه    محامي خديجة صاحبة اتهام صلاح التيجاني بالتحرش: الشيخ كان عنده قضية معاشرة لسيدة داخل مسجد عام 2004    وزير خارجية لبنان: نشكر مصر رئيسا وشعبا على دعم موقف لبنان خلال الأزمة الحالية    إسرائيل تغتال الأبرياء بسلاح التجويع.. مستقبل «مقبض» للقضية الفلسطينية    نوران جوهر تتأهل لنهائي بطولة باريس للإسكواش 2024    ضائقة مادية.. توقعات برج الحمل اليوم 21 سبتمبر 2024    عودة قوية لديمي مور بفيلم الرعب "The Substance" بعد غياب عن البطولات المطلقة    أول ظهور لأحمد سعد وعلياء بسيوني معًا من حفل زفاف نجل بسمة وهبة    المخرج عمر عبد العزيز: «ليه أدفع فلوس وأنا بصور على النيل؟» (فيديو)    وزير الخارجية يؤكد حرص مصر على وحدة السودان وسلامته الإقليمية    عمرو أديب عن صلاح التيجاني: «مثقفين ورجال أعمال وفنانين مبيدخلوش الحمام غير لما يكلموا الشيخ» (فيديو)    «التحالف الوطني» يواصل دعم الطلاب والأسر الأكثر احتياجا مع بداية العام الدراسي    ارتفاع سعر طن الحديد والأسمنت يتجاوز 3000 جنيه بسوق مواد البناء اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    لأول مرة.. مستشفى قنا العام" يسجل "صفر" في قوائم انتظار القسطرة القلبية    عمرو أديب يطالب الحكومة بالكشف عن أسباب المرض الغامض في أسوان    تعليم الإسكندرية يشارك في حفل تخرج الدفعة 54 بكلية التربية    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    أخبار × 24 ساعة.. انطلاق فعاليات ملتقى فنون ذوي القدرات الخاصة    انقطاع الكهرباء عن مدينة جمصة 5 ساعات بسبب أعمال صيانه اليوم    الأهلي في السوبر الأفريقي.. 8 ألقاب وذكرى أليمة أمام الزمالك    تعليم الفيوم ينهي استعداداته لاستقبال رياض أطفال المحافظة.. صور    حريق يلتهم 4 منازل بساقلتة في سوهاج    أكثر شيوعًا لدى كبار السن، أسباب وأعراض إعتام عدسة العين    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوكب الشرق في عيون الأدباء
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 03 - 2013

في أيام العجب العجاب التي نعيشها قام مجموعة من الشباب بتغطية تمثال ام كلثوم في مدينة المنصورة. حجبوا وجه ورأس كوكب الشرق ظنا منهم انهم يمنعون الفتنة أو يعلنون هيمنتهم الفكرية علي المجتمع المصري
ثم قامت مجموعة أخري من شباب المدينة بنزع ذلك الغطاء ولف التمثال بعلم مصر تقديرا واحتراما للفن وللمرأة وللثقافة بشكل عام والذين قاموا بتغطية وجه أم كلثوم يظنون انهم يطبقون شرع الله ويمنعون الفسق والفجور ويعلون كلمة الحق ويحاربون الباطل وهذه الحماسة الدينية في حد ذاتها مسألة إيجابية ولكنها حماسة تفتقد إلي المعرفة والوعي ليس فقط بقيمة الفن والثقافة وانما ايضا بصحيح الدين فالإسلام لم يقيد النساء ولم يمنعهن من ان يقمن بدور فعال في المجتمع علي مختلف الأصعدة في اطار الالتزام بالشرع وكانت السيدة سكينة بنت الحسين رضي الله عنها وعن ابيها جدها كانت نعم المرأة المسلمة الصالحة العابدة صاحبة أول صالون أدبي في الاسلام اشتهرت بذوقها الفني الأصيل وتعمقها في فهم الشعر وتذوقه الي درجة انها تحكم ما بين الشاعرين الكبيرين الفرزدق وجرير وتقرر أيهما اكثر فصاحة وشاعرية والمعروف ايضا ان الخنساء واحدة من أهم شعراء العرب وأقول شعراء العرب وليس شاعرات العرب لأنها تجاوزت بإبداعها الراقي التصنيف ضمن الأدب النسائي كما ان الصحابية الجليلة الشفاء بنت عبدالله رائدة من رواد التعليم وقد اوصاها النبي صلي الله عليه وسلم ان تعلم زوجته السيدة حفصة أم المؤمنين واختارها سيدنا ابو بكر الصديق لتجمع صحف القرآن وتحفظه حتي انجز رسمه في عهد سيدنا عثمان بن عفان وغيرها من نماذج كثيرة مشرقة لنساء مسلمات لعبن أدوارا عظيمة في الجهاد والتربية ورفعة الدين وليس في الإسلام أي تحقير للمرأة أو تهميش لها بل ان ذلك التمييز ضد المرأة هو من سمات العقيدة اليهودية المحرفة وكان الأولي بنا ان نخالف تلك الأفكار لا أن نحاول وصفها بأنها إسلامية! أما علي المستوي الثقافي الدنيوي المعاصر فلا نعتقد ان ام كلثوم كانت مجرد صوت جميل تسري من خلاله الكلمات والألحان العذبة وانما هي حالة فريدة في الثقافة العربية الحديثة وقد تأثر بها كل من عاصروها من شعراء وكتاب ومفكرين وقدم الاستاذ مصطفي بيومي كتابا قيما بعنوان ام كلثوم في الأدب المصري يتناول فيه تلك الظاهرة الفنية في ابداعات وقصص كل من نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وعبدالرحمن الشرقاوي وفتحي غانم ويوسف ادريس وبهاء طاهر وصنع الله ابراهيم وعلاء الديب وجمال الغيطاني وهي في الحقيقة دراسة شديدة الجاذبية حول تأثر كل هؤلاء الكتاب بأم كلثوم وفي السطور التالية سنعرض بعض المقتطفات من هذا الكتاب لا تغني ابدا عن الاستمتاع بقراءته.
يقول مصطفي بيومي في فصل أستاذ الرواية العربية نجيب محفوظ: ولعل ميرامار هي أكثر روايات نجيب محفوظ تجسيدا للمكانة التي تحتلها ام كلثوم وتعبيرا عن الدور الذي تلعبه في الحياة الفنية والاجتماعية معا إن العلاقة بين سكان البنسيون لا تتجاوز حدود التعارف الرسمية حتي اقتربت الليلة الأولي لموسم ام كلثوم فيعلم عامر وجدي انهم سيسهرون حول الراديو وانها ستكون ليلة طيبة عامرة بالشباب والغناء ميرامار ص49 ويستأنف المؤلف تحليله قائلا: سهرة أم كلثوم ليست مجرد استماع لغناء واستمتاعا به ولكنها أداة تواصل اجتماعي وتعاون إنساني تحرر من الروتين والملل وعلي هذا الرأي يجمع السكان المختلفون في كل شئ تقريبا؟أما في فصل الأستاذ إحسان عبدالقدوس يعتقد المؤلف ان أم كلثوم تشكل جانبا مهما من عالم ذلك الروائي ويقول في سياق هذا الاهتمام الطاغي بأم كلثوم في عالم إحسان عبدالقدوس تترك الفنانة الكبيرة بصماتها علي التشكيل ا لفني من خلال ثلاث ظواهر التشبيه وتوظيف الأغاني في نسيج العمل والتأثير علي بناء الشخصية.
إن أم كلثوم مفتاح رئيسي للتواصل والتفاعل مع عالم احسان والسعي إلي تحديد الموقع الذي تحتله في إبداعه بمثابة المدخل الضروري للإحاطة بطبيعة هذا الإبداع.
وفي جانب آخر من نفس الفصل يقول الأستاذ مصطفي بيومي: قصة الله الله.. يا ست من عنوانها إلي نهايتها خير تجسيد لمكانة أم كلثوم الاجتماعية فمكانتها الفنية ليست محل شك يبحث عن التأكيد الذي تصل إلي ذروتها في حفلاتها الشهيرة الحفلات الي ينظمها الناس ويجتمعون بفضلها فهذه الحفلات ليست مجرد مادة أغانيها فهي أيضا احتفال اجتماعي وعيد منتظر والمتحلقون حول أجهزة الراديو لا يسمعون بقدر ما يتكلمون ويستخرج مؤلف الكتاب من رواية الشوارع الخلفية للكاتب الإسلامي عبدالرحمن الشرقاوي مشهدا يشير إلي مكانة كوكب الشرق في سياق الأحداث الدرامية يقول الشرقاوي علي لسان بطلته:أما الليلة في المقابلة رجاء غنت حدة دور والنبي ولا أم كلثوم لازم نغنيه لكم تاني ويثور البك ويزفر بضيق قائلا: أم كلثوم؟! بقي كل واحدة تغني لها كلمتين تبقي أحسن من أم كلثوم؟! واد جورنالجي هلفوت يكتب له كلمتين يبقي أحسن من طه حسين؟! وان طلع واد يمدحله الملك ببيتين شعر مكسورين يبقي أحسن من شوقي بك؟ واي سنكوحة بقت أحسن من فاطمة رشدي! والله ده عال ده ايه ده؟!
ويتناول فتحي غانم الدور الوطني لأم كلثوم بعد هزيمة1967 ويشير إليه الكاتب باهتمام شديد وهو دور بالتأكيد لم يحضره جيل الشباب الذي قام بتغطية وجه أم كلثوم فهذا الوجه وتلك الحنجرة هي التي أصرت علي الغناء الوطني الحماسي وتحدي الهزيمة واستنهاض الكرامة والمقاومة في نفوس المصريين والعرب وأم كلثوم هي التي سافرت في جولات بكل عواصم الوطن العربي وأوروبا لتقيم حفلات يذهب عائدها بأكمله للمجهود الحربي ولتسليح الجيش المصري وكانت النساء من مختلف الطبقات تتبرع فوق تذاكر الحفل بذهبهن ليتحول إلي بارود يسلح جنود مصر في حربهم ضد الصهاينة المعتدين في الوقت نفسه الذي كان بعض غلاة المتطرفين من أساتذة هؤلاء الشباب يسجدون لله شكرا علي هزيمة مصر أمام اسرائيل واحتلال العدو الصهيوني لأرضنا وتدنيسه لترابنا الوطني وقتله لأطفالنا في مدرسة بحر البقر ومدن القناة الباسلة كانوا يحتفلون بانتصار اسرائيل علي مصر لمجرد انهم علي خلاف سياسي مع رئيسها آنذاك جمال عبدالناصر! هذا هو تاريخ ام كلثوم وهذا هو تاريخ من يريدون تغطية وجهها واخفاء التاريخ لكن أم كلثوم سيظل صوتها يصدح معبرا عن رقي الفن المصري والشعر العربي وأسطورة الفلاحة البسيطة التي علمت الدنيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.