كازاخستان وقرقيزيا وأوزبكستان وتركمنستان وأذربيجان جمهوريات ناطقة باللغة التركية في منطقة آسيا الوسطي والقوقاز كانت تابعة للاتحاد السوفيتي السابق. وقد احتفلت هذا الاسبوع بمرور21 عاما علي انضمامها للأمم المتحدة وهو ما دفع بعض الصحف التركية إلي تسليط الضوء علي علاقة أنقرة بهذه الجمهوريات عن طريق استطلاع اراء بعض الخبراء. وقد أجمع الخبراء علي أن السياسة الخارجية التركية ازاء الجمهوريات الناطقة بالتركية في آسيا الوسطي والقوقاز كانت تتسم بالبراجماتية في البدايات وذلك عقب حصول تلك الجمهوريات علي الاستقلال في عام.1991 فقد دب الحماس في تركيا مع تفكك الاتحاد السوفيتي من خلال تحرك إقليمي واسع للرئيس التركي السابق تورجوت أوزال تحت مظلة الأفروآسيوية. لكن التنافس الإقليمي والدولي الواسع علي هذه البقعة والسياسات الخاطئة للحكومات التركية حتي السنوات الأخيرة, ترك أنقرة تكتفي بالحلم وتراهن علي الفرصة المناسبة لمحاولة جمع ودمج الجمهوريات التركية التي تمثل مساحتها مجتمعة أكثر من11 مليون كلم و250 مليون نسمة فضلا عن مليارات الدولارات من الغني والثروات. وعندما أدركت تركيا أن الحماس والوعود وحدهما لا يفيدان ومع انتشار حالة من الاستياء العام بين شعوب الجمهوريات الناطقة بالتركية إزاء التخاذل التركي قررت تركيا تغيير سياستها تجاه تلك الجمهوريات لتكون أكثر واقعية.واستضافت تركيا أول قمة للدول الناطقة بالتركية في عام1992 بهدف تعزيز علاقات الصداقة بين هذه الدول وإرساء السلام والاستقرار في منطقة آسيا الوسطي. وتوالت تسع قمم استضافت تركيا معظمها وكان آخرها في سبتمبر2010 وهي القمة التي غابت عنها أوزبكستان وتركمنستان وشهدت انشاء مجلس تعاون الدول الناطقة بالتركية. وتأتي محاولات تركيا لتوطيد علاقاتها بدول آسيا الوسطي في مواجهة محاولات تغلغل القوي الدولية الكبري وبينها الولاياتالمتحدة والصين وبعض الدول الإقليمية ومنها إيران وإسرائيل. ويشير بعض الخبراء إلي أنه علي الرغم من أن تركيا قد نجحت إلي حد كبير في تحسين علاقاتها بدول المنطقة إلا انه مازالت هناك بعض المشاكل العالقة بينها وبين بعض الجمهوريات وهو ما يحول دون تبني أنقرة لاستراتيجية أكثر واقعية وفاعلية لتوطيد علاقتها بدول منطقة آسيا الوسطي والقوقاز. فعلي سبيل المثال شهدت العلاقات بين تركيا وأوزبكستان اضطرابات كثيرة منذ عام2000 بسبب الخلافات حول قضية ترحيل زعماء المعارضة الأوزبك من تركيا, واتهامات طشقند لمنظمات تركية بشن حملات توعية دينية في أوزبكستان.كما أنه في عام2005 تأجلت زيارة رئيس أوزبكستان اسلام كريموف لتركيا لأجل غير مسمي ومن يومها لم يتبادل الجانبان أي زيارات علي المستوي الرسمي الرفيع. ويؤكد محمد ايرول,رئيس مركز الأبحاث الاستراتيجية والأمنية بأنقرة, أن العلاقات المتوترة بين أنقرة وطشقند تعد عائقا رئيسيا يحول دون توسيع نطاق التعاون بين تركيا والجمهوريات الناطقة بالتركية.وأشار ايرول إلي أن ما يزيد الوضع سوءا أن أوزبكستان وتركمنستان لم تنضما إلي عضوية مجلس تعاون الجمهوريات الناطقة بالتركية( سي سي تي اس) والذي أنشئ بهدف تطويرالتعاون بين الجمهوريات الناطقة بالتركية وتوطيد العلاقات بينها.وبالتالي فان انعدام التعاون بين جمهورتي أوزبكستان وتركمنستان والمجلس سيكون له تأثير سلبي للغاية علي مستقبل المنطقة.ليس هذا فقط بل ما يؤكد عزلة هاتين الجمهوريتين هو عدم انضمامهما أيضا لعضوية الجمعية البرلمانية للدول الناطقة بالتركية والتي شكلتها تركيا بالتعاون مع أذربيجان وكازاخستان وقرقيزيا لإضفاء الطابع المؤسسي علي العلاقات بين الدول وتعزيز الحوار بين برلمانات الدول الناطقة بالتركية. أما فيما يتعلق بعلاقة تركيا وأذربيجان فيصفها الخبراء بالساخنة الباردة. فعلي الرغم من أن أذربيجان تعد الحليف الأكبر لتركيا في منطقة آسيا الوسطي إلا ان العلاقات بين البلدين قد تدهورت في عام2009 حينما أقدمت أنقرة علي تطبيع علاقتها مع أرمينيا عن طريق توقيع بروتوكلا زيوريخ. الخطوة أثارت حفيظة باكو التي استنكرت سعي تركيا لتطبيع علاقتها مع ارمينيا قبل التوصل لتسوية للنزاع الخاص باحتلال أرمينيا لعدد من المقاطعات الأذربيجانية المحيطة بإقليم ناجورنو كاراباخ. وأوضح بعض الخبراء في تحليل لموقع صحيفة تودايز زمان التركية علي شبكة الانترنت أن العلاقات الدبلوماسية بين تركيا وتركمنستان قد شهدت تقدما ملموسا عقب زيارة رئيس تركمنستان جوريبانجولي برديمحمدوف لأنقرة في مارس الماضي والتي منحت التعاون بين البلدين دفعة جديدة حيث وقع الرئيس التركماني خلال الزيارة علي سبع اتفاقيات للتعاون الثنائي في مجالات الطاقة والنسيج والنقل والاتصالات والسياحة والبناء. وفيما يتعلق بالشق الاقتصادي, تظهر التقديرات الرسمية أن حجم التجارة بين تركيا والجمهوريات الناطقة بالتركية لا يرقي للمستوي المطلوب فاجمالي حجم التجارة بين تركيا وكل من أوزبكستان وتركمنستان وقرغيستان مازال عند حاجز ملياري دولار أما حجم التجارة بين تركيا وكازاخستان فيصل إلي3.1 مليار دولار ومع أذربيجان2.9 مليار دولار.