لم تكد تظهر فكرة لجوء فلسطين للأمم المتحدة لانتزاع قرار دولي بالاعتراف بها, حتي تعالت الأصوات المنادية بضرورة الرجوع لطاولة المفاوضات دون شرط مسبق, الأمر الذي اعتادت عليه اسرائيل كفترة زمنية مؤقته تعيد فيها ترتيب أوراقها الداخلية, واذا ما سلمنا بإدراك الجانب الإسرائيلي لصلابة الموقف العربي الآن, وحشده الأصوات لتأييد المسعي الفلسطيني داخل أروقة الأممالمتحدة, فلم يستطع هذا الموقف العربي إنشاء توازن حقيقي بين خطاه الدبلوماسية وبين الدفاع الأبدي للولايات المتحدة عن دولة اسرائيل, فالحلم الفلسطيني لن يتحقق حتي لو ايده العالم أجمع ورفضته الولاياتالمتحدةالأمريكية وحدها, التي أشارت إلي أنها تعتزم استخدام حق النقض الفيتو ضد قرار مجلس الأمن خوفا من أن يؤدي هذا القرار إلي نزع الشرعية عن إسرائيل, فلا تزال الولاياتالمتحدة تأمل بأن تتوصل كل من إسرائيل وفلسطين إلي إتفاق سلام شامل قبل القيام بخطوة من هذا القبيل. وبين الاعتراف والاعتراض خطي حثيثة تبذلها مصر والأشقاء العرب من أجل انتزاع هذا الحق; المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية المستشار عمرو رشدي أوضح ل الأهرام أن المطلوب هو الاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية, لكن هذا الأمر يتطلب توصية من مجلس الأمن تؤيدها تسعة أصوات علي الأقل من أصل الخمسة عشر عضوا بما فيهم الدول الخمسة دائمة العضوية, أما في حال امتناع أي دولة عن التصويت فذلك لا يعتبر رفضا, فالأساس هو تأييد9 دول من ثم تحصل فلسطين علي توصية صادرة الي الجمعية العامة وبدورها تجتمع للتصويت عليها, ولو كان الحصول علي كيان دولة يتطلب اعترافا به من عدد كاف من الدول الأخري, فإن فلسطين قد توصلت لإنشاء عدد لا بأس به من العلاقات الدولية, وتحتاج لقبول عضويتها بالأممالمتحدة إلي129 صوتا في الجمعية العامة.اما في حال ما اذا اصطدم الجانب الفلسطيني بالفيتو الأمريكي فيمكن أن يقرر وفقا لحساباته الخاصة, الذهاب الي الجمعية العامة بطلب جديد وهو الحصول علي وضع الدولة المراقب, وهنا يكون من حق فلسطين الانضمام الي الوكالات والمنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة. ومن ضمن هذه المنظمات المحكمة الجنائية الدولية, وهنا يمكن أن توضع عدد من الدول الغربية في حرج بالغ خصوصا تلك الدول التي تزعمت وقادت الحركة التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية, وبعض هذه الدول متخوف الآن من انضمام فلسطين الي النظام الأساسي للمحكمة, لأنها حينئذ يكون لها الحق في مقاضاة اسرائيل أو الشكوي للمدعي العام للمحكمة اذا ما اعتدت اسرائيل علي فلسطين مرة آخرة. إن الاعتراف بدولة فلسطين يتماشي مع جوهر الأسس التي تستند إليها اتفاقية أوسلو, بما يشمل مبدأ حل الدولتين وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة, ولا يشكل الاعتراف بدولة فلسطين بديلا عن المفاوضات بل إنه يعزز إمكانية التوصل إلي سلام عادل ودائم قائم علي اساس المرجعيات التي أقرها ويعترف بها المجتمع الدولي كأساس لحل الصراع القائم.