أسيوط أسامة صديق: تشهد محافظة أسيوط هذه الأيام نزول اعداد كبيرة من تجار الهجرة غير الشرعية الذين يجوبون القري خاصة في مركز ابنوب للالتقاء بالشباب الراغب في السفر الي الدول الأوروبية عبر البحر المتوسط, حيث تعتبر محافظة أسيوط من أكبر المحافظات التي يقبل شبابها علي تلك المخاطرات وهم يعلمون علم اليقين انهم إما أن يصلوا الي شواطئ أوروبا أو يموتوا غرقا أو جوعا أو قتلا من خلال تصفية عصابات التهريب لهم جسديا في حال استشعار الخطر من خفر السواحل. فمنذ أيام قليلة انتشر الخبر بين أهالي مركز أبنوب أن هناك مركبا سوف يتجه إلي إيطاليا خلال أيام, ولأن كثيرا من شباب المركز سافروا إلي إيطاليا وفرنسا وأسبانيا واليونان وعاد بعضهم إلي قريتهم محملا بالأموال وتسابقوا في شراء العقارات والأراضي حتي وصل سعر المتر الي30الف جنيه بوسط المدينة والشقة الي مليون جنيه, لم يجد الشباب الذي لا يملك قوت يومه هو وأسرته بدا أمامهم إلا المخاطرة والسفر فربما يصبح مثل هؤلاء الذين تحولت عائلاتهم من الضيق الي اليسر ومن الحاجة الي البذخ, وهنا يكون دور السماسرة من تجار البشر الذين يوهمون الشباب ان الرحلة سهلة ويسيرة جدا وانها سوف تستغرق ثلاث ليال في البحر والواقع غير ذلك تماما. فمئات الشباب الذين سبق لهم السفر عادوا إما جثثا أو جاء خبر بوفاتهم أو مازال بعضهم مجهولا المكان لا يعلم أهله شيئا عنهم, والغريب أن الأسرة تقوم بالاستدانة بأي اسلوب حتي تقوم بدفع مبلغ حوالي عشرة الاف جنيه كمقدم وأربعين ألفا بعد وصول ابنهم الي الدولة المقصودة. ويضطر بعض أولياء الأمور إلي توقيع بعض ايصالات الأمانة علي أنفسهم علي أنهم سوف يقومون بدفع مبلغ خمسين ألف جنيه في حال وصول ابنهم لأوروبا, وبرغم أن بعض الأسر فقدت عددا كبيرا من أبنائها إلا انهم يواصلون البحث عن طرق جديدة لتسفير أبنائهم لانقاذهم من الفقر المدقع أو إبعادهم عن دائرة المشاكل بعد أن تحولت قري اسيوط الي معارك دامية ولا يمر يوم إلا ويسقط قتيل أو أكثر وتتحول حياة العائلات الي نكد مستمر ويضطر بعضهم لترك منزله هروبا من الثأر.أحمد السيد أحد الشباب الذين حاولوا السفر إلا أنه فشل وكرر المحاولة أربع مرات وبرغم أنه رأي الموت بعينيه وسط الأمواج المتلاطمة إلا أنه يصر علي السفر حيث يقول: أنا عمري الان ثلاثون عاما ومنذ أربعة أعوام وأنا أحاول السفر وسأنجح بإذن الله فلا يوجد من يهتم بحال الشباب والاستفادة من حماسهم وطاقتهم, وبرغم انني أبحث عن العمل في أسيوط الا انني مللت البحث ولا توجد جهة حكومية معينة أذهب لها حتي تساعدني أو ترشدني وإن كانت هناك جهات مسئولة عن تشغيل الشباب فأين هي؟ وأكد انه سوف يواصل البحث عن طريقة للسفر لأوروبا حتي اخر دقيقة في حياته وحتي يحقق أحلام الثراء السريع. ورغم وجود إدارة تتبع للواء السيد البرعي محافظ اسيوط شخصيا تحت مسمي ادارة تشغيل الشباب إلا ان دورها يكاد يكون غير موجود علي أرض الواقع ولا يعلم الشباب عنها شيئا, ولم يكلف المسئولون انفسهم عناء البحث عن هؤلاء الشباب أو التنسيق مع الجهات المختصة لبحث حالة هؤلاء الشباب, فرغم علم جميع المسئولين بمحافظة اسيوط عن وجود سماسرة للهجرة غير الشرعية إلا أن احدا لم يحرك ساكنا تجاه تلك القضية واكتفي المجتمع الاسيوطي بمقعد المتفرج علي خلل اجتماعي يروح ضحيته مئات الشباب.