الحمد لله.. فهناك ما هو أسوأ من ذلك.. صحيح أنني لا أستطيع أن انام في اليوم الواحد اكثر من اربع ساعات.. وفي معظم الأحيان أقل من ذلك كثيرا.. لماذا؟ لا أعرف.. ولماذا ينام الكثيرون أضعاف ذلك؟ لا أعرف.. فهذا أقصي ما استطيع.. فقد اعتدت علي ذلك.. ولم تنفع كل أنواع المهدئات والمنومات.. وعندما كنت في بيروت قابلت طبيبا امريكيا شكوت له قال: وماذا تتعاطي؟ قلت أحيانا حبوبا منومة.. سألني عن اسمها قلت له.. وسألني: وإذا توقفت عن تعاطيها هل تجد صعوبة في النوم؟ قلت: لم أجرب ذلك! ولما عرفت منه ان بعض المنومات تؤدي في النهاية إلي فقدان الذاكرة تماما.. كما ان الاعتماد علي العصا أو العكاز في المشي يضعف عضلات الساقين قررت ان اتوقف عن تعاطي المنومات مع انها لم تكن تضيف إلي ساعات نومي اكثر من نصف ساعة وأفسدت علي نفسي كل أيام وليالي بيروت.. فقد كنت صاحيا نائما لا أري ولا أسمع ولا أتكلم فقد أجلت كل شيء.. أو أصبحت إنسانا (مؤجلا)! وتعبت وتداخلت صور الناس في عيني والليل والنهار والجوع والعطش وشاشة التليفزيون والصفحات وتحول كل شيء إلي طيف.. إلي ظل.. إلي شبح.. وأصبحت دنياي آخرة.. تماما كأنني انتقلت إلي العالم الآخر وأدهشني ذلك جدا! ووجدت ان الامتناع عن المنومات كان ضروريا فلم أكن اعرف انها استقرت في أعصابي واصبحت ضرورة حيوية ولم أكن أدري وطلبت الطبيب الأمريكي وقلت له واكدت له ان أحدا لم يلحظ أي تغيير في سلوكي أو عزوفي عن الطعام والحوار والقراءة.. ولم اسأل ان كان صحيحا ماقاله الطبيب الكبير عن الآثار الجانبية القوية للمنومات ولكني قررت بعد أن اقتنعت ورضيت بالقليل.. وحمدا لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه فإن كنت أيضا هذه حالك فجرب ولا تخف! المزيد من أعمدة أنيس منصور